الركود الاقتصادي في بريطانيا قد يكون أقصر مما كان متوقعا
الركود الاقتصادي في بريطانيا بعد الأزمة المالية كان أقصر وأقل عمقاً مما كان يُعتقد سابقاً، هذا ما اعترف به مكتب الإحصاءات الوطنية، في الوقت الذي مزق الرواية الرسمية للأحداث.
مع تعديل أرقام النمو الاقتصادي الذي جعلها تظهر بصورة أعلى في كل عام منذ عام 2008، تتم الآن مقارنة الأداء الكلي لبريطانيا بالبلدان الأخرى في مجموعة السبعة، ويُزيل بعض القلق الأخير بشأن الإنتاجية الضعيفة.
المراجعة الرسمية المسبقة للتعديلات الكبيرة التي ستنتهي في نهاية هذا الشهر سيجري تعقيد المعضلة التي تواجه بنك إنجلترا، في الوقت الذي يستعد فيه لتحديد أسعار الفائدة اليوم.
وفي حين أن المتفائلين سيجادلون بأن مقاييس سوق العمل حول الفجوة، مثل نمو الأجور، لم تتغير، إلا أن أعضاء لجنة السياسة النقدية الأكثر تشدداً بإمكانهم الجدال بأن الاقتصاد أكثر قوة الآن، ويملك زخماً أكثر مما كان يُعتقد، لذلك فإن أي فجوة من المرجح أن يتم استخدامها وملئها بسرعة أكبر.
النمو الاقتصادي الأسرع على مدى الأعوام الستة الماضية الذي لا يتماشى مع عائدات الضرائب المرتفعة، يُشير أيضاً إلى أنه سيكون على الحكومة التالية القلق أكثر بشأن الصحة الكامنة للمالية العامة.
لقد تعرّض مكتب الإحصاءات الوطنية للانتقادات في الأعوام الأخيرة بسبب نشر أرقام الناتج المحلي الإجمالي التي كانت أضعف مما أشارت إليه استطلاعات الأعمال، لكنه بذل جهوداً كبيرة ليقول إنه على الرغم من المراجعات الكبيرة لنمو مرتفع، "إلا أن الصورة الواسعة عن الاقتصاد لم تتغير كثيراً".
الأرقام الجديدة تُظهر أن اقتصاد بريطانيا لا يزال يعاني فترة ركود عميقة بشكل غير عادي وانتعاشا بطيئا تاريخياً، لكنها ليست سيئة بالقدر الذي اقترحته الرواية الرسمية السابقة للأحداث. بعد إنهاء تغيرات تحدث مرة كل جيل في الحسابات الوطنية، سيتم تعديل كل من مستوى الناتج ونموه في الأعوام الأخيرة ليكون أعلى بكثير.
أكبر التغيرات في قصة النمو التاريخية لا تأتي من التغيرات المنهجية في قياس الأبحاث والتطوير، أو صناعة الجنس والمخدرات، أو القطاع الخيري، لكن من الجمع الأكثر من المعتاد للبيانات الجديدة واستعراض الإنفاق، والدخول والناتج للسنوات القليلة الماضية.
كشف مكتب الإحصاءات الوطنية أن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي من عام 2010 حتى عام 2012 سيتم تعديله ليصبح أعلى، وهو ما يجعل الانتعاش أقوى، جنباً إلى جنب مع حسابات سابقة تفيد بأن الركود كان أقل عمقاً مما كان يُعتقد سابقاً. بالنسبة للفترة بالكامل منذ بدء الركود في عام 2008 حتى عام 2012، تم تعديل معدل النمو التراكمي ليكون أعلى بنسبة 2.6 في المائة.
إذا تم تضمين الأرقام الحالية لعامي 2013 و2014، من المرجح أنه بحلول نهاية الشهر، سيقول مكتب الإحصاءات الوطنية إن الركود الذي يحدث مرة كل قرن، قد تجاوز الذروة السابقة في صيف عام 2013، أي قبل تسعة أشهر من التقدير الحالي للربع الثاني من عام 2014.
في الاقتصادات الرائدة لبلدان مجموعة السبعة، يعتبر أداء بريطانيا منذ عام 2008 قوياً بقدر أداء ألمانيا، بحسب المقاييس الجديدة ويتفوق على فرنسا.
لكن أداء إنتاجية الاقتصاد يبقى ضعيفاً منذ عام 2008، مع نمو فرص العمل أكثر بكثير من الناتج، حتى لو لم يكُن سيئاً بقدر ما كان يُعتقد سابقاً. كما أشارت المراجعات أيضاً إلى أن وضع التجارة الخارجية لاقتصاد المملكة المتحدة أسوأ مما كان يُعتقد سابقاً.
كيفين ديلي، خبير الاقتصاد البريطاني في بنك جولدمان ساكس، الذي ادّعى في عام 2009 أن أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية: "غير معقولة، بالمعنى الحرفي"، شعر أن رأيه تلقى التأييد من خلال المراجعات، حيث قال إن التقديرات الرسمية الأولية للنمو لا تحتوي: "على معلومات مفيدة إحصائياً بشأن النمو".
بالنسبة لجورج أوزبورن، وزير الخزانة البريطاني فإن المراجعات ستعمل على تعزيز سجله الاقتصادي، وقد تمسك بالأرقام كدليل على أن استراتيجيته في الحد من العجز منذ عام 2010 كانت صحيحة، بما أن الربط بين الضعف وأزمة منطقة اليورو كان أقوى في العام الجديد للبيانات.
لقد وُصف التعديل المرتفع وأداء بريطانيا الجيد في جداول اتحاد المنتدى الاقتصادي العالمي بأنه: "جرعة مُضاعفة من الأخبار الاقتصادية الجيدة".
الأمر الذي له دلالته، هو أن سجّل وزير المالية السابق أليستر دارلينج قد تحسّن أيضاً بشكل ملحوظ، ومع كون حملة حزب العمال عن مستويات المعيشة المنخفضة ليست قائمة على الحسابات الوطنية، فإن المراجعات لا تؤثر سلباً في قدرته على مهاجمة الائتلاف على تلك الجبهة.
عضو البرلمان كريس ليزلي، وزير المالية في حكومة ظل حزب العمال، قال إن التعديلات لم تغيّر نمط تمويل الأُسر، وإن الانتعاش كان لا يزال هو الأبطأ على الإطلاق.
وأضاف: "إن الأشخاص العاملين يرغبون في خطة تعالج أزمة تكاليف المعيشة التي لا يزالون يواجهونها، وليس ادّعاءات تدل على التهاون من وزراء، تفيد أنه تم إصلاح كل شيء، أو أن التغيرات المُقررة تعني أننا نوعاً ما أفضل حالاً".
( فايننشال تايمز 2014-09-11 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews