انتعاش الاقتصاد الأمريكي يدفع لإعادة النظر في الأسواق الناشئة
تجاهل كلمات مسوِّق أعظم علامة استثمارية ـ وستتحمل النتائج. الرجل الذي قدم لنا الأسواق الناشئة يشير الآن إلى أن محور النمو في العالم يتجه إلى العالم المتقدم، والآثار المترتبة على ذلك تعتبر عميقة.
صاغ أنطوان فان أجتمايل، الذي عمل لسنوات عديدة مسؤولاً في مؤسسة التمويل الدولية، مصطلح "الأسواق الناشئة" عام 1982، وكان يريد من ذلك تشجيع استثمار رأس المال في البلدان النامية وإنهاء خطر الإدمان على السندات.
استجابته المقترحة آنذاك هي أن تقوم مؤسسة التمويل الدولية برعاية أول صندوق لأسهم الأسواق الناشئة، لأن معظم المساهمين، حتى في المؤسسات الكبيرة، يفتقرون إلى الموارد لاصطياد صفقات في الأسواق البعيدة. لكن وجود محفظة متنوعة من الأسهم من مختلف أنحاء العالم الناشئ يمكن أن يحل هذه المشكلة.
بالتالي، ما الاسم الذي ينبغي أن نطلقه عليها؟ أزمة السندات كانت تحوم حول "البلدان الأقل نمواً" LDC. وقد تم استخدام الأحرف الأولى من الاسم تقريباً على نحو واسع بقدر استخدام الأسواق الناشئة EM اليوم، وربما لا يمكن أن تستخدم التسمية. وفوق ذلك، لم يكن من المرجح أيضاً قيام أحد بشراء حصة في "صندوق العالم الثالث".
فكرة عطلة نهاية الأسبوع هي التي أنتجت عبارة "الأسواق الناشئة". ولا يمكن لأي علامة تجارية مالية أن تكون أكثر نجاحاً منها على الإطلاق. وكان فان أجتمايل نفسه مبشر الأسواق الناشئة، ما يشير بحماس إلى أن الشركات الأكثر نجاحاً في الأسواق الناشئة لديها الذكاء، بعدما تعلمت كيفية البقاء على قيد الحياة في أوطانها، لتصبح شركات متعددة الجنسيات مهيمنة.
إذن، هناك رمزية، في مشروعه الجديد لتوثيق كيف ولماذا الميزة العالمية آخذة في التحول إلى الأسواق الأمريكية.
هناك أصوات تنطلق بالشكاوى في آسيا حول المنافسة من الأسواق الأمريكية. شركات التصنيع التي انتقلت إلى الصين تتجه إلى المكسيك، أو حتى إلى الولايات المتحدة نفسها. في الصين، حيث الأولوية تكمن في رفع الأجور الحقيقية (وتآكل القدرة التنافسية)، يشير فان أجتمايل إلى أن الرضا الذاتي بعد أزمة عام 2008 أفسح الطريق لعدم الارتياح. وارتفعت الأجور 400 في المائة منذ عام 2001، وفقا لإرنست آند يونج، في حين انخفضت تكاليف وحدة العمل الأمريكية 12 في المائة منذ عام 1995.
في الأساس، تعتبر الولايات المتحدة أكثر تنافسية مما كان يُعتقَد، في حين أن الصين في درجة أقل. وما يسميه فان أجتمايل "استجابة خلاقة" من الغرب أصبح أقرب مما كان يتوقعه. فظهور الروبوتات، والطباعة ثلاثية الأبعاد وما شابه ذلك، كما يشير، نقل الغرب من التصنيع إلى "التصنيع الدماغي".
وفي الوقت الذي تجري فيه هذه التطورات، يقوم المساهمون بإعادة اكتشاف المخاطر السياسية (والاستفراد بالشركات المملوكة للدولة من أجل عقابها)، وإعادة تقييم جذرية لتوقعات الأسواق الناشئة المستقبلية.
هل تخلى عن أطروحته الإيجابية بشأن الأسواق الناشئة؟ بالتأكيد لا. فكما يشير، يتم دائماً تجاهل الاحتمال الطويل الأجل عندما تهبط الأسواق (تماماً كما يتم تجاهل المشكلات عندما ترتفع الأسعار).
فهي لا تزال الناشئة، وليست الأمريكية، والمستهلك هو من سيصبح بشكل ثابت الملك. وكما يشير، يتم بالفعل بيع السيارات والغسالات وأجهزة التلفزيون والهواتف الجوالة في دول البريك (البرازيل وروسيا والهند والصين) بشكل أكثر من أي دولة في الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة.
ويزعم أيضاً أن تباطؤ النمو في الأسواق الناشئة ليس بمشكلة – الواقع أنه بالنسبة للصين يعتبر ميزة - وينفي أن التفكيك الذي لا مفر منه للتيسير الكمي في الولايات المتحدة بحاجة إلى أن يسبب أي شيء مثل الذعر الذي ساد لفترة وجيزة أسواق السندات والعملات في الأسواق الناشئة العام الماضي.
لكن الحماس الذي كان يرسم به نمو "حزام الدماغ" الأمريكي ليحل محل "حزام الصدأ" القديم يذكرنا بالإثارة التي رسم بها مرة ظهور الشركات المتعددة الجنسيات في بلدان الأسواق الناشئة.
ويشير إلى أن مراكز الابتكار تنتشر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ويضع خططا لأكثر من 200 مثال لـ "إعادة المساندة" في الوقت الذي تعود فيه شركات مثل جنرال إلكتريك إلى الولايات المتحدة، في حين أن أبل تصنع أجهزة ماكينتوش في الولايات المتحدة للمرة الأولى.
ويتوقع على مدى العقد المقبل تنامي الثقة في الولايات المتحدة (مثل اليابان ما بعد السبعينيات)، والمزيد من الابتكار في مجال التصنيع و"معركة ملحمية من أجل المليارات من المستهلكين الناشئين". ولا يزال يتوقع أن تنمو الأسواق الناشئة بشكل أسرع.
فكرة "حزام الدماغ" قد تكون حتى الآن فكرة جذابة مثل مفهوم "الأسواق الناشئة". فهل يعتبر هذا شيئاً جيداً؟
فكرة "الأسواق الناشئة" العائدة، كما سماها فان أجتمايل، بالتأكيد ساعدت في تحقيق هدفه لفتح أسواق جديدة لتمويل الأسهم. وكان لها أيضاً بعض الآثار السلبية، مثل سلسلة من المحاولات لفرض علامات تجارية في أسواق جديدة مع نتائج سخيفة على نحو متزايد. فكر في المختصرات، ابتداء من مختصر بلدان بريكس إلى سيفتس Civets منتس Mints وبييتس Biits.
هذا جزء من اتجاه عام أوسع نحو المبالغة في التبسيط. افترض الناس بنوع من الكسل أن جميع الأسواق "الناشئة" متجهة بالتأكيد لتصبح ناشئة، وأنها ستتفوق من حيث الأداء على الأسواق المتقدمة، وأنها ستنمو في خط مستقيم.
ليس بالضرورة أن يكون أي من هذه الأفكار صحيحة. وليس هناك سبب يدعونا للتخلي عن التعاملات التي تم اختيارها بعناية في الأسواق الناشئة (أو الاستثمار بلا تدبير في "حزام الدماغ").
لكن، بعد مرور ثلاثة عقود على وصول "الأسواق الناشئة" إلى المشهد، ينبغي أن يتبع جميع المستثمرين فان أجتمايل في القبول بأن اللعبة في حالة تغير الآن.
( فايننشال تايمز 22/5/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews