السياحة خيار استراتيجي لما بعد النفط
هناك 4000 زائر لمتحف دبي في قلعة الفهيدي بشكل شبه يومي، وهناك آلاف السياح الذين يتوافدون إلى هذه المنطقة التراثية في محيط المتحف، وغيرهم آلاف آخرون يزورون بيت الشيخ سعيد ومنطقة الشندغة، وغيرهم مئات الآلاف في مناطق سوق جميرا في ميناء السلام، والأسواق الشعبية القريبة من خور دبي، وجميع هؤلاء يُقبلون على شراء الهدايا التذكارية ذات العلاقة بالموروث الشعبي الإماراتي.
هذه الأرقام تُعطينا مؤشراً كافياً عن حجم هذه التجارة، والأرباح التي يحققها المتخصصون فيها، وتجعلنا نؤكد المطالبة بإدخال الحرفيين المواطنين، أو رواد الأعمال الشباب لأخذ حصة عادلة من هذه التجارة، فهم أحق وأجدر بها من الآسيويين وغيرهم، وهي بالمناسبة لا تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة، رغم أن مردودها المالي جيد جداً.
• من المهم التركيز، وبدراسات متأنية، في كيفية الاستفادة القصوى من قطاع السياحة المتنامي بشكل كبير، لدعم توجهات الدولة نحو اقتصاد ما بعد النفط، ودعم مشروعات شباب الإمارات الصغيرة والمتوسطة، وحتى المتناهية الصغر.
صناعة السياحة ليست محصورة في هذا الجانب فقط، بل إن هذا هو أقل ما يمكن أن يجنيه المواطنون هنا، إنها صناعة متعاظمة الأرباح، متنوعة المجالات، وتشتمل على جوانب كثيرة جداً، منها ما يمكن استثمار طاقات الشباب فيه، ومنها ما يمكن تخصيصه لرجال الأعمال، أو حتى الشركات الوطنية الكبرى، المهم هو التركيز، وبدراسات متأنية، في كيفية الاستفادة القصوى من قطاع السياحة المتنامي بشكل كبير، لدعم توجهات الدولة نحو اقتصاد ما بعد النفط، ودعم مشروعات شباب الإمارات الصغيرة والمتوسطة، وحتى المتناهية الصغر!
العمل على ذلك يجب أن يبدأ من الآن، فالقطاع ينمو بسرعة شديدة، ونحن نحتاج إلى تأهيل كوادر وطنية تنمو معه، وتكبر معه، وتقوده مستقبلاً، نحتاج إلى كوادر قيادية متنوعة التخصصات، في الفنادق والمنتجعات، والمبيعات، والرحلات السياحية البرية والبحرية، وفي الشأن التراثي والموروث الشعبي، وفي تنظيم الفعاليات، وغيرها من مكونات القطاع السياحي، الذي تزخر به الدولة حالياً.
لا أقصد أبداً توطين وظائف هذا القطاع، وإعطاء وظائف بسيطة ومحدودة للمواطنين، بل أقصد خلق جيل متطور متخصص من الكوادر الوطنية لقيادة هذا القطاع من جهة، ومن جهة أخرى خلق كفاءات وطنية تُسهم فيه بشكل فاعل، من حيث ريادة الأعمال السياحية كمجال استثمار، وامتلاك وإدارة الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة فيه.
بالتأكيد لن نفعل ذلك في عام أو عامين، وبالتأكيد لن يكون الطريق سهلاً، لكن الإمارات دولة تعشق التحدي، وتعشق التخطيط للمستقبل، وهي حددت استراتيجياتها لما بعد النفط، واختارت هذا الطريق بثقة، وهي تسير فيه بثقة أكبر، ولا شك أبداً في أننا سنحقق نجاحات لافتة في هذا الاتجاه، فالتخطيط السليم لابد أن يثمر نتائج إيجابية تفوق التوقعات، هذا ما عهدناه دائماً جراء بُعد نظر ورؤية قادتنا بعيدة الأمد، فهم ينظرون إلى المستقبل اليوم، ويمهدون الطريق من الآن أمام الأجيال المقبلة لتعيش حياة أفضل، لذا لن نعجز أبداً عن اقتحام صناعة السياحة بكل ثقة، وأن نجعلها خياراً حيوياً مهماً لحياة ما بعد النفط.
(المصدر: الامارات اليوم 2016-02-22)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews