رؤية إستثمارية بعدما دقت أسعار النفط أجراس الخطر!
مما لا شك فيه أن هبوط أسعار النفط الأخير كان صرخةُ نذيرٍللدول المعتمدة على النفط لتدارك الأمور، ومعالجة الأخطاء. قبل الدخول في المقال، وبالتزامن مع برنامج التحول الوطني لتنويع مصادر الدخل، لابد من تبيان أهمية هذه الرؤية.
هذه الرؤية مطبقة عالمياً في كبرى الشركات العالمية والبنوك التجارية والبنوك الاستثمارية المحترفة، بل أنها جزء لا يتجزأ من الشركات العملاقة التي تتطلع إلى بسط نفوذها في الأسواق العالمية. من هذه الشركات شركة فيسبوك، وبانك أوف أميركا، ولدينا أيضاً نماذج محلية كشركة سابك وشركة صافولا، وغيرهم من الشركات العالمية الكثير. إذا نحن أمام رؤية بالغة الأهمية في مجال الاستثمار.
هذه الرؤية هي الاستثمارات عن طريق الاندماج والاستحواذ أو ما يعرف بالـ (M&A Strategy). أرى أنه من الأهمية تخصيص جزء من الإنفاق التي تقوم به الدولة كجزء من سياستها المالية في تحريك الاقتصاد وتعزيز الاستثمار في هذا المجال الاستثماري وتكون جزء من استراتيجية الدولة للسنوات القادمة.
هذه الرؤية أخذت بالاعتبار هبوط أسعار النفط الحالي، وأهمية السيولة في هذه الأوقات بالذات للدولة، لذا فإنني أرى أنه يجب بعد دراسة الفرص في الأسواق العالمية، وبعد عملية الاندماج والاستحواذ، أن يتم طرح الملكية للاكتتاب العام لتوفير السيولة مرة أخرى في خزينة الدولة لتخصيصها في استثمارات جديدة لأبعاد هامة سأذكرها على نقاط لتتضح الاستراتيجية وتتبلور الرؤية.
الأبعاد الهامة لهذه الاستراتيجية:
1) استثمارات طويلة الأجل تنوع من مصادر الدخل ويعود نفعها بشكل مباشر على الناتج المحلي. ومن ثم سيقودها القطاع الخاص (بعد الاكتتاب ستتحول تلقائياً لقطاع خاص). وهو أيضاً ما أشارت له دراسة شركة ماكنزي العالمية للاستشارات في ضرورة قيادة القطاع الخاص لبرنامج التحول الاقتصادي.
2) فرصة سانحة للمواطنين ممن يريد الاستثمار في هذه الشركات (وكما نلاحظ أن الدولة تدخلت لاستثمار أموال المواطنين –بإرادتهم-بشكل غير مباشر للنهوض بالاقتصاد الوطني).
3) علاوة الإصدار للدولة، وهي مصدر دخل للدولة في إعادة توجيه المال العام في الاستثمار مرة أخرى فيما يخدم الصالح العام.
4) الاحتفاظ بجزء من الملكية للدولة، كما حدث في مصرف الإنماء. (أو الاستفادة من السيولة في إعادة استهداف استحواذات جديدة).
5) الاستفادة من الميزات التنافسية والموارد الطبيعية لدى الأسواق الأخرى عن طريق الاستحواذ أو الاندماج فيما يسمى بالاستثمار المباشر (FDI, Foreign Direct Investments)، فليس بالضرورة أن تدار (بعض) الاستثمارات داخل الحدود الجغرافية للدولة.
6) تعزيز التنوع في قاعدة سوق الأسهم السعودي لجلب المستثمر الأجنبي.
7) الاستفادة من الخبرات الموجودة في الشركات المستحوذ عليها، وتوطين تلك الوظائف مع مرور الوقت (Experience & Knowledge Transformation).
8) الاستفادة من الحضور لهذه الشركات في الأسواق المستهدفة من حيث الحصص السوقية، وقنوات الإمداد، ومراكز البحث والتطوير وغيرها.
9) اعتبار أهمية الوقت (Time Value of Money) بدلاً من البداية من حيث انتهى الآخرون، والذي بدوره سيأخذ وقت للوصول إلى تلك الأسواق، ناهيك عن الوقت الإضافي للبدء فيالمنافسة.
أما الآلية المقترحة، فهي تشكيل لجنة مكونة من أعضاء من وزارة المالية وعدد من المختصين في القطاع الخاص كلٌ في مجاله لوضع آلية التنفيذ ودراسة الصناعات والأسواق المستهدفة ومن ثم البدء بعمليات الاندماج والاستحواذ.
نقطة خروج: يقول أحد متسابقي الترشح للرئاسة الأمريكية، وأحد أشهر المستثمرين لديهم: “أنا مستاء جداً من كمية الواردات التي تردنا من الصين، لماذا لا نصل إليهم نحن في الأسواق الآسيوية.” لاحظ أنه بالرغم من تربع الولايات المتحدة على قائمة أكبر الدول من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وبفارق 6.6 تريليون دولار عن أقرب منافسيها الصين، وبالرغم من التنوع الكبير في مصادر الدخل، إلا أن الحلم لا يتوقف، والنجاحات لا تعرف الحدود.
(المصدر: مال 2016-03-28)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews