الإدارة المالية في الشركات العائلية
نريد أن نكمل موضوع أنشطة الشركات العائلية الذي سبق وبدأناه الأسبوع الماضي. فقد بينا من قبل أن الشركات العائلية بشكل عام في بلادنا تعتمد في أعمالها على ثلاثة أنشطة رئيسة هي: تجارة الجملة، وتجارة التجزئة، والعقار. تنحصر تجارة الجملة عادة في عدة منتجات رئيسة يتم استيرادها حيث تعتبر الشركة في هذا الجانب وكيلا حصريا لمنتج معين على مستوى المملكة بينما تعتبر وكيلا حصريا لمنتجات أخرى على مستوى منطقة من المناطق.
أما نشاط التجزئة فيتمثل في المتاجرة بالمواد الغذائية إضافة إلى مواد أخرى عندما تحصل على هذه المواد من الموردين بسعر شبه الجملة وتبيعها بسعر التجزئة. أما نشاط العقار فعادة ما يعتبر الجزء الرئيس لكثير من نشاطات الشركات العائلية ويتمثل في شراء الأراضي الخام وتطويرها ثم بيعها والاستفادة من عائد الاستثمار على بيع قطع الأراضي هذه والاستفادة كذلك من عمولة الوساطة التي يحققها مكتب العقار التابع للشركة من بيع قطع الأراضي المطورة أو من التوسط في بيع أراض أخرى غير تلك التي طورتها الشركة العائلية.
بجانب هذه الأنشطة الثلاثة الرئيسة، هناك نشاط المحروقات الذي يتمثل في محطة بنزين، وبنشر، ومغسلة سيارات الذي يعتبر بمثابة إيراد آخر لبعض الشركات العائلية كونها تعمل على تأجير هذه النشاطات ولا تقوم بتشغيلها.
ونريد في هذا المقال أن نركز على طريقة عمل الإدارة المالية ونظام المعلومات في الشركات العائلية. الإدارة المالية في الشركات العائلية مشابهة إلى حد ما للأنشطة الأخرى حيث لا توجد إدارة مالية بالمعنى الحقيقي في الشركات العائلية وإنما يوجد محاسب يقوم بإثبات الصفقات المالية في النظام المحاسبي. كما يقوم بجانب الأعمال المحاسبية بالعمل كأمين صندوق ومدخل بيانات في بعض الأحيان، أي أنه يقوم بأعمال تتعارض مع أعمال المحاسبة وتتعارض مع أبسط مقومات ومبادئ نظام الرقابة الداخلية. والسبب في هذا ندرة الموظفين الذين يقومون بهذه الأعمال وعدم وجود تنظيم وإجراءات عمل ولوائح تحكم إنجاز الأعمال داخل الشركات العائلية بالطريقة المطلوبة والمحددة. وقد تمت ملاحظة أن بعض الصفقات المحاسبية التي يتم إثباتها في النظام المحاسبي ليس لها دورة مستندية يمكن الرجوع اليها وقت الحاجة أو عند المراجعة ما يعتبر خللا ماليا كبيرا.
ويتلقى النظام المحاسبي الصفقات المالية الخاصة بالفروع يوميا عن طريق ملف إلكتروني حيث يقوم مساعد المدير التنفيذي بتحميله وإدخاله بالنظام المحاسبي دون أن يكون للمحاسب دور في هذا ودون أن تتم مراجعته وفحصه مما يؤثر في حسابات الشركة الإجمالية. فلو كان في هذه الملفات أخطاء أو سوء معالجة أو أخطاء فنية فستؤدي إلى تراكم أثرها في مجمل حسابات الشركة ويصعب اكتشافها. وقد لوحظ أيضا أنه لا توجد تقارير يومية أو أسبوعية أو شهرية أو سنوية تقدم لمتخذ القرار توضح أداء الشركة العائلية بكامل فروعها خلال الفترة وتوضح مؤشرات الأداء ما يساعد الإدارة على اتخاذ القرارات الرشيدة. إضافة إلى ذلك فقد لوحظ عدم دقة الحسابات وعدم اكتمالها ووجود بعض الأخطاء الفنية فيها كمعالجة الأصول الثابتة وغيرها من العمليات الأخرى. والأهم من هذا كله أن جميع العمليات التي تدخل النظام خصوصا سندات القيد لا يتم تعميدها بواسطة صاحب الصلاحية مما يفقدها قيمتها المحاسبية ودلالتها المعلوماتية.
أما السجلات المحاسبية فمنفصلة عن بعضها. فنشاط الجملة له سجلاته المحاسبية الخاصة به وبفروعه التي يتم إمساكها إلكترونيا في المركز الرئيس وكذلك الفروع. أما نشاط العقار فله كذلك سجلات يدوية مستقلة عن النشاطات الأخرى التي تمارسها الشركة ولكنها تتسم بالدقة وحسن التنظيم. ونشاط التجزئة له سجلاته المحاسبية المستقلة أيضا عن الأنشطة الأخرى للمؤسسة، وتتمثل في برنامج محاسبي تتم إدارته محليا وتسجل عليه المبيعات اليومية وكذلك المشتريات اليومية ومردودات المشتريات دون تسجيل كل المصروفات المتعلقة بالسوق ورواتب وإيجار المصروفات التشغيلية الأخرى. أي لا توجد مصروفات منتظمة كاملة للسوق تحدد نتائج الأعمال للنشاط وتحدد المركز المالي له ما يعد فجوة إدارية كبرى تعيق اتخاذ القرارات الصائبة وتحدد مدى جدوى استمرارية النشاط وربحيته.
أما الدورة المستندية فتختلف باختلاف النشاط. فنشاط العقار له دورته المستندية الخاصة به التي تم الإلماح لها عند التطرق لنشاط العقار أما نشاط التجزئة في المواد الغذائية فيفتقد وجود دورة مستندية متكاملة واضحة المعالم. أما الدورة المستندية الخاصة بنشاط الجملة بمختلف فروعه فهي لا تعدو أن تكون دورة مستندية بسيطة.
وهذا يقودنا إلى مناقشة نظام المعلومات في الشركات الرائدة حيث لا يوجد نظام متكامل للمعلومات يغطي كل أنشطة الشركة الرئيسة بل يوجد نظام حاسوبي بالمركز الرئيس يركز على الجوانب المالية خصوصا المحاسبية. ويوجد نسخ من البرنامج في الفروع الخاصة بالجملة لمعالجة عملياتها ونقلها دوريا إلى النسخة الرئيسة الموجودة بالمركز الرئيس إلكترونيا من خلال البريد الإلكتروني. إضافة إلى ذلك فهناك برنامج حاسوبي مختلف لمعالجة العمليات المحاسبية الخاصة بفرع التجزئة، وهو برنامج معزول تماما عن البرنامج الموجود بالمركز الرئيس ولا يوجد بينهما تكامل أو ترابط في المعلومات من أي نوع من أنواع التكامل. أما نشاط العقار فلا يستخدم نظام معلومات إلكتروني لمعالجة عملياته بل يستخدم نظاما يدويا. وليس لهذا النظام مخرجات بل إنه يمكن اعتباره نظاما أرشيفيا لحفظ البيانات الخاصة بمبيعات الأراضي وسجلات البيع والقبض ومساحات قطع الأراضي وبياناتها وغيرها. هذا التباين في أشكال نظم المعلومات وانفصامها يسبب مشكلات إدارية عديدة ويشتت موارد الشركة في كل فرع ونشاط من نشاطاتها، كما أنه يؤثر في آلية اتخاذ القرارات الإدارية. والواجب أن توضع عمليات الشركة بكل نشاطاتها تحت مظلة نظام معلومات موحد يحقق لها كل الامتيازات المعلوماتية.
هذه لمحة عن أهم الأنشطة التي تمارس في الشركات العائلية في بلادنا وهناك أنشطة أخرى لم نتطرق إليها كطريقة عمل المستودعات والمخازن وغيرها لعلنا نغطيها في مقالات قادمة إن شاء الله.
(المصدر: الاقتصادية 2016-01-28)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews