«الاحتياطي الفيدرالي» يحوِّل اهتمام المستثمرين عن الأسواق الناشئة
غالبا ما يمكن للخوف تحريك الأسواق. هذه حقيقة لم تغب عن بال "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي الذي امتنع عن رفع أسعار الفائدة.
يقول مستثمرون "إن الموقف الحمائمي ـ المصحوب ببيان "الاحتياطي الفيدرالي" الذي اعترف بهشاشة الأسواق الناشئة وأشار إلى القلق إزاء انخفاض التضخم ـ كان متأثرا بالجولة الأخيرة من تقلبات السوق وحالات الانخفاض في أسعار الأسهم. وهو موقف عزز الآراء بأن أسهم البلدان المتقدمة هي المكان المناسب للاستثمار، خصوصا مع وجود مخاوف من حدوث هبوط حاد في الصين ومخاطر تفكيك آخر وبيع مكثف في الأسواق الناشئة ـ الخطر الأكبر الذي يخشاه مديرو المحافظ".
وبحسب جون رو، رئيس صناديق الأصول المتعددة في "ليجل آند جنرال إنفيست مانيجمنت"، "الاحتياطي الفيدرالي يخشى رفع أسعار الفائدة قبل الأوان، ولا سيما بعد آب (أغسطس) الذي كان قاسيا جدا وشهد تقلبات مرتفعة وتراجعات كبيرة في الأسهم".
وأضاف "في الماضي، كنا معتادين على الحديث عن دور جرينسبان (حين خفف رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق السياسة النقدية من أجل تعزيز الأسواق). أما الآن، فيبدو أن هناك دورا للسوق. كان الانخفاض الكبير في أسواق الأسهم مسؤولا بشكل جزئي عن ردع الاحتياطي الفيدرالي عن رفع الأسعار".
وعلى الفور زادت "ليجل آند جنرال إنفيست مانيجمنت" مراكزها المثقلة بالأسهم الأمريكية. ولديها أيضا مراكز مثقلة بالأسهم البريطانية والأوروبية واليابانية، لكنها غير ذات ثقل في أسهم الأسواق الناشئة.
ويتفق مديرو الصناديق الأخرى مع "ليجل آند جنرال إنفيست مانيجمنت". حيث إن كلا من إدارة الأصول في بنك جيه بي مورجان، وهندرسون جلوبال إنفيستمينت، وإدارة الثروات في بنك يو بي إس، جميعها لديها مراكز ذات ثقل في أسهم البلدان المتقدمة، بينما تقلص مراكزها في أسهم العالم النامي.
وقال سايمون سمايلز، كبير إداريي الاستثمار لصافي القيمة العالية جدا في "يو بي إس" لإدارة الثروات، "هناك نمو اقتصادي آخذ في التحسن في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان. أعتقد أنه من المرجح أن يدوم، ما يشكل دعما للأسهم في تلك الأسواق".
وأضاف "لقد رأينا بعض الاستطلاعات (بانك أوف أمريكا ميريل لينتش وسيتي جروب) التي حذرت من حدوث ركود، لكنني لا أعتقد أن هذا أمر مرجح في المستقبل القريب. لدينا سياسة داعمة من البنك المركزي في أوروبا وفي اليابان، والاقتصاد الأمريكي قوي. كل هذا يدعم الأسهم".
وقال طالب الشيخ، المدير الإداري لوحدة حلول الأصول المتعددة في "جيه بي مورجان لإدارة الأصول"، "مضى نحو أربع سنوات على أداء الأسواق الناشئة وهو أسوأ من أداء أسهم البلدان المتقدمة. وهذا من المرجح أن يستمر، على اعتبار أن محركات النمو موجودة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بينما ترتفع مكانة اقتصادات منطقة اليورو".
لكن لا يزال بعض مديري الصناديق في الحياد فيما يتعلق بالأسهم الأمريكية، بسبب التقييمات العالية وأرباح النمو الخافتة نسبيا هذا العام. وقررت إدارة الثروات في بنك يو بي إس أن تتحول من كونها مثقلة إلى محايدة في الأسهم الأمريكية هذا العام، في حين إن شركة هندرسون محايدة أيضا فيما يتعلق بالأسهم الأمريكية.
وقال ماثيو بيسلي، رئيس الأسهم العالمية في شركة هندرسون "من دون نمو الأرباح، لن تتحرك الأسواق إلى أي مكان. كانت الأرباح مخيبة للآمال نوعا ما في الولايات المتحدة، لذلك لا بد أن هذا مصدر للقلق".
لكنه يشير إلى أن الولايات المتحدة في وضع جيد نسبيا وهي واحدة من أقوى الاقتصادات في العالم. كما أنها في وضع غير عادي من حيث كونها الاقتصاد الرئيسي الكبير الوحيد ـ إلى جانب المملكة المتحدة ـ الذي يفكر صناع السياسة فيه في رفع أسعار الفائدة.
وبالنسبة إلى مستثمري الدخل الثابت، كان بيان "الاحتياطي الفيدرالي" المتساهل، الذي شهد تنقيحا للنمو والتضخم في آن معا، إيجابيا - السندات الحكومية وأسواق الائتمان، إضافة إلى سندات الخزانة، تندفع بقوة على جبهة الأسعار، ما يؤدى إلى انخفاض العائدات. وتمت محاكاة ذلك المزاج عبر أسواق السندات في أوروبا والمملكة المتحدة يوم الجمعة.
وعلى الرغم من أن السوق قللت من توقعات زيادة في أسعار الفائدة حتى العام المقبل ـ يعتبر احتمال رفعها في كانون الأول (ديسمبر) أقل من 50 في المائة ـ يؤكد ويلسون أن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال يتطلع إلى زيادة الأسعار بمقدار نقطة مئوية كاملة في عام 2016.
وقال مايك إيمي، وهو مدير أول لمحافظ السندات في بيمكو "إن بيان "الاحتياطي الفيدرالي" داعم لأصول المخاطر، التي تفضل سندات الشركات وسندات الائتمان على السندات الحكومية". وتابع "نحن مثقلون بالائتمان ومحايدون بشكل عام أو دون المستوى المعهود بالنسبة إلى السندات الحكومية".
وفي أسواق العملات يعتبر كل من الدولار القوي وإمكانية إجراء مزيد من التخفيض في قيمة الرنمينبي الصيني العاملين الكبيرين اللذين يؤثران في الاستثمار ومراكز التداول.
وتراجع الدولار بناء على هذا الإعلان المتساهل، لكنه يبقى عند أعلى مستوى له منذ 12 عاما عند قياسه بحسب الوزن التجاري النسبي الذي يعمل به "الاحتياطي الفيدرالي". وفي الوقت نفسه، استمرار التخفيض في قيمة العملة الصينية قد يسبب ضررا للأسواق الناشئة، ولا سيما الاقتصادات الآسيوية الأخرى، مثل كوريا الجنوبية وتايوان.
تعني عوامل العملة المذكورة أنه ينبغي للاحتياطي الفيدرالي التحرك بحذر.
وقال سمايلز "الاحتياطي الفيدرالي على حق في أن يكون حساسا إزاء مسألة رفع الأسعار قبل الأوان. الخطر الأعظم على الاقتصاد العالمي والأسواق العالمية هو تفكيك السياسات النقدية غير العادية. ليس بإمكان "الاحتياطي الفيدرالي" الوقوع في خطأ كبير وإرسال الأسواق في دورة هابطة".
(المصدر: فاينانشال تايمز 2015-09-21)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews