نتائج الانتخابات تمهد لتحويل بريطانيا إلى إنجلترا الصغيرة
تمهد نتائج الانتخابات العامة التى شهدتها بريطانيا يوم الخميس الماضى لتضع المملكة على الطريق لكى تصبح فقط إنجلترا الصغيرة.
وبعد كاريزما سياسية ودهاء غير متوقع دفعه ليصبح رئيسا للوزراء لفترة ثانية، سيحتاج ديفيد كاميرون، رئيس الحكومة البريطانية، الآن إلى كل ما يمكنه من المهارات اللازمة لتجنب التراجع فى التاريخ بلقب مختلف تماما، وهو: "الأب المؤسس لإنجلترا الصغيرة". فنتائج الانتخابات التى حافظت على الوضع الحالى فى "داوننج ستريت" أخفت تحولات جذرية تؤرق بريطانيا، تهدد بتركها فى حالة عزلة أكثر من أى وقت مضى فى تاريخها المعاصر.
وربما تكون الانتخابات الأخيرة مجرد البداية فى سلسلة سريعة من عمليات التصويت التى تبعد الجزيرة عن أوروبا، وتقسمها لنصفين على أسس قديمة من الهوية الوطنية، وتترك فى النهاية دويلة صغيرة تتناقص قيمتها بشكل مستمر لحلفائها الأمريكيين.
ويقول المحلل السياسى البريطانى ديفيد تورانس، إن الأمس كان يوم عيد النصر، حيث كانت بريطانيا تحتفل بأعظم ساعاتها. وبعد سبعين عاما من تلك اللحظة، من الممكن أن تكون لندن تفكر فى بداية النهاية لشكلها الحالى.
وأضاف أن السنوات الخمس القادمة ستشهد نقاشا مزدوجا عن اتحاديين الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة.
والأسئلة التى تتعلق بما إذا كانت بريطانيا ستظل متحدة كما هى، وهل ستبقى فى أوروبا متشابكة للغاية. ومن المتوقع أن تؤثر نتيجة إحداهما بشدة على الأخرى. فلو تركت بريطانيا الاتحاد الأوروبى برغم الشعور الموالى لأوروبا فى اسكتلندا، فإن فرص القوميين الذين حققوا فوزا فى الانتخابات الأخيرة فى إنجاح جهود جديدة للاستقلال يزداد فورا، على الرغم من الوعد بأن المحاولة الفاشلة التى جرت العام الماضى للاستفتاء على استقلال اسكتلندا هى حدث لن يتكرر إلا مرة واحدة كل جيل.
وهذا أحد الأسباب التى ترجح تسوية موقف بريطانيا من أوروبا أولا. فإعادة انتخاب كاميرون أطلقت الشرارة الأولى لنقاش من المؤكد أنه سيكون عاطفيا وعالى المخاطر بشأن مستقبل بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى. وقد وعد كاميرون بإجراء استفتاء حول هذا الأمر بنهاية عام 2017، إلا أن البعض يضغط من أجل إجرائه قبل ذلك، حتى لا يبقى عدم اليقين معلقا بشأن حظوظ بريطانيا السياسية والاقتصادية لعامين ونصف قادمين. وتشير استطلاعات الرأى إلى أن الاستفتاء لو جرى فى الوقت الراهن، ستختار بريطانيا البقاء فى الاتحاد الأوروبى.إلا أن الأصوات النشيطة التى تدعو إلى ترك الاتحاد تستعد للمعركة، اعتقادا منها أن البلاد تستطيع أن تدير نفسها بشكل أفضل دون تدخل من بروكسل.
ويقول معارضى ترك بريطانيا الاتحاد إنه سيكون كارثيا وسيؤدى إلى هجرة الوظائف وإسكات صوت بريطانيا فى أوروبا وخارجها.
من جانبه، يقول كاميرون إنه يريد أن تبقى بلاده ضمن الاتحاد الأوروبى فقط لو استطاع أن يفوز بتغييرات جذرية فى ميثاق الاتحاد، وهى التغييرات التى قال حلفائه الأوروبيين مرارا إنهم غير مستعدين لها.
وتثير تلك المسألة انقساما ليس فى بريطانيا فقط وإنما داخل حكومة كاميرون، حيث من المرجح أن يضغط بعض كبار رجاله من أجل ترك الاتحاد الأوروبى.
(المصدر: واشنطن بوست 2015-05-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews