الاقتصاد البريطاني لغز محير لمسؤولي البنك المركزي
كاد الحظ أن يبتسم لبنك إنجلترا، وإن لم يبتسم لتوقعاته. قبل عام، كانت لجنة السياسة النقدية تعتقد أن من المرجح أن ينخفض معدل البطالة من 7 في المائة إلى 6.3 في المائة في غضون ثلاثة أعوام؛ لكنه انخفض إلى 5.8 في المائة في غضون ثلاثة أرباع العام. كما اعتقدت اللجنة التي تحدد سعر الفائدة أيضاً أن الأجور الحقيقية سترتفع قريباً، لكن توقّعه كان خاطئاً على حد سواء. معاً، يشكل هذان التوقعان اثنين من الأخطاء التحليلية الكبيرة في فهم اللجنة لاقتصاد المملكة المتحدة وتحديد الأسعار.
بما أنهما ألغيا إلى حد كبير بعضهما البعض، فإن لجنة السياسة النقدية كانت مُحقة إلى حد. أحياناً يكون الحظ إلى جانبك.
هذا من غير المرجّح أن يدوم، فموقف لجنة السياسة النقدية "عدم القيام بشيء" هو موقف مُبرّر بالكامل الآن، لكن هذا قد يتغيّر بسرعة في الوقت الذي نعرف فيه المزيد عن بعض القوى المُعارضة التي تجذب الاقتصاد.
لنتجاهل الأسعار، وننظر فقط إلى الناتج ومعدل العمالة. الصورة مُشجّعة، وإن كانت متباينة. لقد نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.7 في المائة في السنة المنتهية في الربع الرابع، بسرعة أكبر بكثير من أي تقدير لإمكانات نمو الاقتصاد.
كما انخفض معدل البطالة بمقدار 1.3 نقطة مئوية خلال عام. وارتفع معدل التوظيف الآن ليصبح بالقرب من أعلى مستوى له على الإطلاق، مع المساهمة الأكبر القادمة من الموظفين بدوام كامل. كذلك فإن الوقود الرخيص ينبغي أن يعمل على تشجيع الإنفاق، والناتج والاستثمار خارج قطاع الطاقة.
هذه القوة تأتي وسط استطلاعات متباينة من الشركات وتباطؤ متواضع في نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع، الأمر الذي يُشير إلى أن الوضع بشكل عام لا يبعث على التفاؤل، لكن على العموم، الدلائل هي أن أسعار الفائدة ينبغي أن ترتفع قريباً من مستواها الطارئ البالغ 0.5 في المائة.
مع ذلك، تعلَّمْنا من العام الماضي أن مثل هذه المؤشرات يمكن أن تكون مُضلّلة. المزيد من الناس، خاصة بين أولئك الذين تتجاوز أعمارهم 55 سنة، يتطلعون للعمل ويعثرون عليه. لذلك يجب أن تنظر لجنة السياسة النقدية بالجد نفسه إلى الأسعار والأجور، التي ليس من الضرورة أن ترتفع مع انخفاض معدل البطالة.
في الأشهر الأخيرة كانت الأجور، أيضاً، ترتفع. نمو الأجور العادية الاسمي في القطاع الخاص - ربما المقياس الأساسي الأفضل لضغوطات الأجور - ارتفع من مستوى منخفض بلغ 0.9 في المائة قبل عام إلى 2.2 في المائة. وهناك أدلة على زيادات أعلى للأجور بالنسبة لأولئك الذين يواصلون العمل.
للوهلة الأولى، تُشير هذه الحقائق أيضاً إلى الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة، لكن بعض الحذر مطلوب. الارتفاع في الأجور قبل نحو عام من المتوقع أن يخرج من المقارنة السنوية، ما يؤدي إلى تراجع أرقام النمو بالنسبة للأجور، لكننا لا نعرف بعد كيف سيتم تعديل عملية تحديد الأجور لمعدل التضخم الذي ينخفض ليُصبح أقرب إلى الصفر.
كذلك، فإن مؤشرات الأسعار تُقدّم إشارات متضاربة. انخفض معدل التضخم الأساسي إلى 0.5 في المائة في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ويملك فرصة جيدة ليتبع منطقة اليورو إلى ما دون الصفر بحلول شهر آذار (مارس) المقبل، بفضل فواتير البنزين والغاز المنخفضة.
بعد ذلك من المحتمل أن يتقدّم بشكل أعلى. معدل التضخم السلبي المؤقت لا يُظهر أي علامة على نشوء عقلية انكماشية في بريطانيا؛ حيث مبيعات التجزئة القوية جداً في موسم عيد الميلاد تُشير إلى العكس.
المخاوف بشأن الانكماش، حتى لو لم تكُن على أساس صحيح، توفّر حجة قوية ضد دفع الناس ليتوقعوا أن معدل التضخم سيكون أقل بكثير من الهدف لفترة طويلة.
إذن، كل مجموعة من المؤشرات تمنح إشارات متضاربة على قوة الانتعاش والضغوط التضخمية. هذا وضع يختلف تماما عن الولايات المتحدة، حيث نقاش السياسة النقدية، هو مثل معركة بين مؤشرات الناتج ومعدل التوظيف، التي تدعو بدون مواربة إلى تشديد السياسة النقدية، وبين مؤشرات الأجور أو الأسعار، التي تُشير بشكل مؤكد إلى عدم تغيير السياسة النقدية.
في هذا العالم، الانتظار والمراقبة هو المسار الصحيح بالنسبة للسياسة النقدية في المملكة المتحدة. إيان مكافرتي ومارتن ويل، عضوا لجنة السياسة النقدية اللذان كانا يصوّتان لزيادة أسعار الفائدة، كانا مُحقان بالتراجع في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي. سيكون من غير المجدي القيام بمحاولات أخرى في الإرشاد المتقدم، بخلاف القول إن الزيادات في أسعار الفائدة، حين تأتي، لا يرجح لها أن تكون سريعة.
هناك رسالة يجب أن يوجهها المحافظ إلى الجمهور. سوف تتغير الحقائق – وحين تفعل، يجب أن نكون مستعدين لأن يحدث تغير سريع نوعا ما في آفاق زيادة أسعار الفائدة.
(المصدر: فاينانشال تايمز 2015-02-12)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews