تطبيقات النظرية الاقتصادية الإسلامية
1. أستجيب في هذا المقال لطلب القراء بذكر بعض التطبيقات العملية للفروق بين فقه المعاملات وعلم الاقتصاد، سبق لي نشرها في سياق آخر، ويجدر التنويه بأن الرأي الذي ينطلق منه تأتي هذه التطبيقات في إطاره هو عدم وجود فرق بين علم الاقتصاد الإسلامي وعلم الاقتصاد (التقليدي) من حيث الأدوات التحليلية في تفسير الظواهر الاقتصادية، وأن المفاهيم والافتراضات الاقتصادية السابقة مقبولة إجمالاً من وجهة نظر الاقتصاد الإسلامي. ويكمن الفرق في طبيعة الظاهرة الاقتصادية التي يمكن أن تتولد وتتشكل في ظل الأحكام الشرعية التي تحكم السلوك الاقتصادي والتي تتمثل في فقه المعاملات.
2. ومن هذا المنطلق يقرر الاقتصاديون الإسلاميون بإن الظاهرة الاقتصادية التي تنتج عن تصرفات العناصر الاقتصادية المؤمنة بتحريم الربا والقمار ومنع الفساد الأخلاقي ووجود الزكاة وغيرها من أدوات إعادة توزيع الدخل والثروة كالصدقات والكفارات والنذور والأوقاف في المجتمع وغير ذلك من الأحكام الشرعية؛ ستكون أكثر رشداً من الظاهرة الاقتصادية التي تتشكل في غياب تلك القواعد.
3. وبافتراض تطبيق تلك الأحكام الشرعية فإن المتخصصين في النظرية الاقتصادية الإسلامية يحددون التفسيرات الآتية لعدد من الظواهر الاقتصادية:
4. أولاً: إن الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي سوف يكون أقل مخاطرة وأعلى منه في اقتصاد غير إسلامي بفعل تحريم الفائدة والزكاة كحافز على الاستثمار وضامن لنتائجه في الوقت نفسه.
5. ثانيًا: إن الدورات الاقتصادية من تضخم وانكماش ستكون أقل حدة وسيكون الاقتصاد أقرب للاستقرار بفعل الأحكام الشرعية لترشيد الاستهلاك في الاقتصاد الإسلامي وبفعل الحث على الاستثمار كمطلب ديني من أجل إعمار الأرض وبفعل الزكاة وتحريم الربا أيضًا.
6. ثالثاً: إن التلاحم بين الاقتصاد النقدي والاقتصاد الحقيقي سيكون أكثر تحققًا في الاقتصاد الإسلامي الاقتصاد الإسلامي بسبب تحريم التمويل الربوي، فلا يوجد تمويل نقدي في الاقتصاد الإسلامي منفصل عن الاقتصاد الحقيقي؛ بل إن كل تصرف تمويلي يتطلب تحريك الاقتصاد السلعي بإنتاج أو بيع أو شراء سلعة، وذلك خلافاً للاقتصاد الربوي الذي يقوم على الفصل بين التمويل النقدي والاقتصاد الحقيقي؛ لأن العقد الربوي ينشئ حادثة التمويل النقدي واستحقاق الفوائد الربوية والزيادات اللاحقة في عملية منفصلة تماماً عن الاقتصاد الحقيقي.
7. رابعًا: إن المجتمع الملتزم بتلك القواعد التي تمثل فقه المعاملات سوف يتمتع بتلك المزايا الإيجابية ولو كان غير مسلم.
8. خامسًا: إن الحياة الاقتصادية ستتمتع بالازدهار في مجتمع ما يقوم على العدل بصرف النظر عن هوية المجتمع، فقد تزدهر الحياة الاقتصادية وتعم الرفاهية في مجتمع غير مسلم يقيم العدل في الوقت الذي يعاني المجتمع المسلم من الضنك والشقاء بسبب غياب العدل. عدا مغانم المجتمع المسلم تمتد للحياة الآخرة.
9. بهذا يتضح أن أحكام فقه المعاملات المستنبطة من الكتاب والسنة تسهم في جعل تحليل الظاهرة الاقتصادية في أي مجتمع أكثر رشدًا ويعتمد مستوى الرشد المتحقق على مدى الالتزام بتلك الأحكام، وفي الوقت نفسه هذه الأحكام تلفت النظر إلى أسباب جديدة تفسر الظواهر الاقتصادية لم يألفها التحليل الاقتصادي التقليدي الذي يقتصر مصدره على العقل والواقع.
السبيل 2014-11-05
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews