الشركات الصغيرة والمتوسطة : أول من يدفع ثمن الأزمات وأول من ينهض
ليس سراً أن اقتصادنا، والاقتصاد الإقليمي وكذلك الاقتصاد العالمي، كل هذه الاقتصاديات تمر بأوقات صعبة للغاية على مستويات عدة. وكل واحد منا مهما كان مجال عمله يدرك تماماً أنه لا يمكننا بعد الآن إدارة شركاتنا في الطريقة نفسها التي كنا نديرها قبل بضع سنوات.
في هذه الفترات من الأزمات الاقتصادية يحدث التالي:
ـ تقوم الشركات الكبيرة بالتوظيف قليلاً، في حين تجمد استثماراتها بانتظار مرور هذه الموجة السيئة.
ـ تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة كثيراً، ولا تكاد تستطيع تلبية احتياجاتها، لذلك هي أيضاً توظّف بنسبة قليلة جداً، لأنها غير قادرة على زيادة تكاليفها الثابتة.
ـ أما بالنسبة لخلق شركات صغيرة جداً (micro companies) من قبل الرياديين وأصحاب الأفكار الخلاّقة، فهي ما زالت خطوة خجولة جداً بسبب الحالة الاقتصادية الرديئة.
وبالتالي، من الضروري والحاسم بالنسبة الى الشركات الخاصة الصغيرة والمتوسطة أن تقوم بالتالي :
• بدء مشاريع إعادة هيكلة داخلية وخارجية واسعة النطاق.
• وضع استراتيجيات وخطط جديدة من أجل البقاء والاستمرار، والنمو، والتنمية، والتنويع والتصدير.
• ضمان وسائل تمويل قوية ومستدامة، والتي بدونها من المستحيل الاستمرار والعمل بطريقة فعّالة وبنّاءة.
• إعادة جدولة ديونها قدر الإمكان بمساعدة القطاع المصرفي الذي لا يوفـِّر أي جهد لمساعدة الشركات الخاصة التي تعاني من بعض الصعوبات .
• اعادة هيكلة استدانتها وفتح رؤوس أموالها لمستثمرين جدد من أجل تحويل جزء من ديونها الى «أسهم رأس مال» للنمو في السوق الدولية بسهولة أكثر.
• تخفيض تكلفتها الثابتة والمتقلبة الى ادنى حد ممكن .
• تطوير أسواق تجارية جديدة نامية مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا، ووضع استراتيجيات جديدة للتوريد بالاعتماد على ميزاتها التنافسية.
• الاستناد على اقتصاد وتجارة مخصصة وليس على تجارة عامة.
في الواقع، خلال فترات الأزمات والركود، شكّل « التمويل « لسنوات عديدة «كابوساً» بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم وكذلك الشركات الكبيرة. ولا تزال وسائل التمويل الأكثر شيوعا حالياً هي القروض من خلال المصارف التجارية التي تلعب دوراً حاسماً على هذا الصعيد.
ومع ذلك، بلغت ديون القطاع الخاص في لبنان ذروتها إذ وصلت الى 43 مليار دولار في عام 2013، أي ما يعادل تقريباً الناتج المحلي الإجمالي الوطني. بمعنى آخر، سيكون من الصعب أكثر فأكثر الاقتراض وتوفير ضمانات إضافية للاستدانة.
في ضوء هذا الإقرار الواقعي، قام تجمع رجال الأعمال اللبنانيين في الأشهر الأخيرة بدرس بدائل جديدة للتمويل من شأنها أن تعطي قليلاً من «الأوكسجين» والسيولة الإضافية للشركات، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، لرفع حجم النمو:
1. اقترحنا مشروع قانون الأسهم التفضيلية للشركات الخاصة.
2. اقترحنا مشروع قانون بشأن الضمانات العينية على الأموال المنقولة لأن نسبة كبيرة جداً من الشركات الصغيرة والمتوسطة لجأت الى جميع خطوط الائتمان في حين أنها استخدمت معظم الأصول الثابتة الحرة الخاصة بها كضمانات.
3. نطلب من الحكومة توفير قروض مدعومة باستمرار إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة ليس فقط لتمويل استثمارات الشركات الخاصة ولكن أيضا لتأمين احتياجاتها من الأموال التشغيلية.
4. ضخ المزيد من السيولة في القطاعات الإنتاجية.
5. ندعو الى سلة من الحوافز الضريبية للشركات المستثمرة التي توظف وتعزز النمو.
6. مساعدة وتشجيع انشاء الشركات الصغيرة التي تخلق الثروة وهي بمثابة محرك الإبداع.
7. نطلب من مصرف لبنان تحفيز وتشجيع فتح فروع إضافية لمصارف تجارية في كافة المناطق اللبنانية لدعم وتسهيل خلق وعمل الشركات الصغيرة والمتوسطة.
في هذه الأوقات من الانكماش الاقتصادي، تظل للأسف الشركات الصغيرة والمتوسطة الأكثر تضرراً جراء الأزمة نتيجة الصعوبة البالغة في تغطية نفقاتها وتسديد ديونها، وتكاليفها الثابتة والمتغيرة.
من خلال تسهيل الحصول على الأموال وتوفير أدوات مالية جديدة وكذلك بنية قانونية ملائمة، نحن على ثقة أن هذه المبادرات سوف تساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على الحصول على المزيد من الأموال التي ستمكّنها من توليد التمويل والتنمية والنمو وخلق فرص العمل.
من المهم أن تعتمد الشركات الصغيرة والمتوسطة على استراتيجية ثلاثية الأبعاد تجمع: التنوع والتطور والتفويض.
ـ التنوع: توظيف موارد بشرية مؤهلة من مختلف القطاعات المنتجة وخاصة تلك التي لديها إمكانات ومردود عال.
ـ التطور: اختيار أفضل الموارد البشرية للتوسع في المنطقة وعلى الصعيد الدُوَلي أيضاً، بغية البحث عن أسواق وفرص نمو جديدة.
ـ التفويض: أي انتقاء النخب من الجامعات وسوق العمل المؤهلين لتحمّل مسؤوليات ومنح أصحاب الشركات المزيد من الوقت للتركيز على أولويات أخرى.
لا شك أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي أول من يدفع ثمن الأزمة وإنما هي أيضاً أول مَن يتفاعل وينمو خلال الانتعاش الاقتصادي، إذ انها دائماً مستعدة للنهوض مجدداً والتعرُّف الى الفرص التي تخفيها الأزمات في طياتها. تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة، وستبقى، ركيزة وأساس قدرتنا الاقتصادية على الصمود، فضلاً عن أنها المحرك المركزي لنمونا في المستقبل.
(المصدر: الجمهورية اللبنانية 2014-09-02)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews