أهل سيناء يدفعون ثمنا باهظا لعملية "حق الشهيد"
في اليوم التاسع من العملية التي بدأها الجيش المصري في سيناء، وأطلق عليها "حق الشهيد"، أعلنت التعبئة المعنوية في الجيش عن مقتل 55 إرهابيا، واعتقال 35 آخرين وتدمير 35 بيتا، وقد حدث هذا في يوم واحد.
ويشير تقرير نشره موقع "مدى مصر"، إلى أن العملية قدمت للرأي العام المصري على أنها العملية الحاسمة في الحملة التي يقوم بها الجيش لمواجهة الجماعات الإرهابية في البلاد، ورافقتها جلبة إعلامية كبيرة. ومن أجل التأكد من اطلاع المواطن المصري على مجريات العملية، قام المتحدث باسم الجيش المصري باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للإعلان عن العملية، وعن عدد من قتلهم الجيش من الإرهابيين.
واعتبر الإعلام العملية ناجحة بشكل كامل. وعليه فقد توقع المعلقون المصريون نهاية الإرهاب و"القضاء عليه بشكل كامل"، بحلول السادس من تشرين الأول/ أكتوبر، أي في ذكرى حرب عام 1973، التي انتصر فيها الجيش المصري على إسرائيل.
ويلفت التقرير إلى أن الحملة الأخيرة تعد واحدة من الحملات التي أعلنت الحكومة عنها ردا على موجة من العمليات الإرهابية التي تبعت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013. واشتملت العمليات على سلسلة من التفجيرات التي استهدفت المباني الحكومية، واغتيال النائب العام في حزيران/ يونيو من هذا العام.
وقام الجيش بمعظم حملاته في شمال "ولاية سيناء"، حيث يتمركز المقاتلون الذين أعلنوا ولاءهم لتنظيم الدولة، الذي أعلن مسؤوليته عن العمليات كلها.. مشيرة إلى أنه بالنسبة لسكان الشيخ زويد ورفح، فإن العملية الجديدة تعد تصعيدا للعنف الذي وجدوا أنفسهم وسطه. وبالنسبة لغالبية المصريين، الذين يستمعون للتقارير الإخبارية المليئة بالانتصارات، فستضع عملية "حق الشهيد" حدا للخوف الذي عرقل حياتهم. ولكن أهل سيناء يتعاملون معها بطريقة مختلفة.
ويفيد التقرير، بأنه في بلدة الشيخ زويد، التي يعيش فيها حوالي 70 ألفا، ولا تبعد سوى ستة أميال عن المنطقة الحدودية في سيناء، يشكو السكان من آثار الحملة. وبحسب عصام، وهو أحد قادة المجتمع في البلدة، فإن الأسبوعين الماضيين كانا الأصعب على السكان. فالخوف مستمر من القصف العشوائي. ويتذكر عصام أن آخر فيها عمل فيها التيار الكهربائي في البلدة كان قبل ستة أيام، وانقطعت مياه الشرب في اليوم الأول من بدء العملية.
وتقوم القوات الخاصة بعمليات تفتيش واسعة للبيوت أثناء النهار، فيما يقطع صمت الليل أصوات إطلاق النار والهجمات الصاروخية، التي تضرب مدنيين أكثر من ضربها مخابئ الإرهابيين، بحسب شهادات بعض السكان.
وينقل التقرير عن السكان قولهم إن العنف تزايد بشكل مكثف في تموز/ يوليو، عندما ردت الحكومة على الهجمات المنسقة التي نفذتها جماعة ولاية سيناء بشكل منسق، وقتل فيها مئة شخص، ما جعل السكان يطلقون على 1 تموز/ يوليو "الأربعاء الأسود".
وبعض السكان، مثل أحمد، يقولون إنهم لم يستطيعوا العودة إلى بيوتهم أثناء المواجهات؛ لأن الجيش رفض أن يرشدهم إلى الطريق الآمن، بعيدا عن المواجهات. ويقول السكان إن نجاح الجيش في البداية جاء نتيجة لما يطلقون عليهم "الجنود الوهميين"، أو ما يسميه الإرهابيون بالغواصين، وهم الانتحاريون والذين تلقوا تدريبا على حرب الشوارع واستخدام الأسلحة الثقيلة وصرف انتباه الجيش.
ويشير التقرير إلى أنه في الأول من تموز/ يوليو، يتذكر أحمد كيف قام مقاتلو "ولاية سيناء" بفرض حصار على البلدة لعدة ساعات قبل أن تبدأ طائرات "إف16" بالهجوم عليهم، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يخترق فيها القتال البلدة بشكل عميق. وأعلن الجيش في الأيام التي تبعت الحصار سلسلة من العمليات، التي استهدفت البلدة، وتعد "حق الشهيد" آخر العمليات، بحسب تغطية الإعلام.
وأعلن الجيش المصري الأسبوع الماصي وفي اليوم 11 من الحملة، أنه قتل 438 متشددا واعتقل 462 آخرين. وتقول التقارير والخبراء العسكريون إن العملية كانت ناجحة، وتركت المتشددين في حالة معنوية متدنية يكافحون من أجل البقاء، ما يفتح الباب أمام تطوير شبه جزيرة سيناء.
ويستدرك التقرير بأن عصام يشك في ذلك، ويقول: "يقومون بقصفنا هنا في المدينة؛ لأنهم لا يستطيعون التقدم في عمق الصحراء، حيث يختبئ الإرهابيون". ويضيف أن القرى المرتبطة بالمتشددين قد محيت من الخريطة؛ بسبب القصف الشديد الذي دمرها بشكل كامل، وهذه القرى تضم التومة والمهدية والمقاطعة ولفياطة وغورة. ويقول عصام: "يتعامل الجيش مع كل شخص في المدينة على أنه إرهابي، ويقول الناس: (لا نريد حمايتكم لنا، ونعرف كيف نحمي أنفسنا فقط لا تطلقوا النار على بيوتنا)".
وبالإضافة إلى المعاناة من الحرب فإن السكان يقولون إن تناقص الخدمات جعل حياتهم أصعب، فقد تعطلت خطوط الكهرباء في الهجمات، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي، وانقطعت المياه بشكل كامل، وعادت بشكل جزئي قبل أسبوعين. ويقول عصام إن السكان تعاونوا لشراء مولدات كهربائية صغيرة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، ولكنهم لم يستطيعوا تشغيلها بسبب منع دخولها إلى البلدة منذ العام الماضي؛ حتى يحرم المتشددون من استخدامها في سياراتهم وأسلحتهم.
ويتساءل عصام: لكن ماذا عن السكان؟ ويقول إنه من أجل تشغيل المولد الكهربائي يسافر بعض السكان مسافة 24 ميلا نحو العريش، ويقومون بتهريب الوقود في عبوات زجاجية من ليتر، فيما يفرغ آخرون الوقود من سياراتهم لتشغيل المولدات، بحسب الصحيفة.
ويورد التقرير قول عصام إن الخيار الوحيد أمام السكان هو ترك البلدة. وإنه يشاهد في كل يوم عربات "بيكب" وشاحنات محملة بالناس وأمتعتهم وهي تترك البلدة. لافتا إلى أن بعض السكان يقدر أن نصف أبناء البلدة غادروها بالفعل، على الرغم من تأكيدات الجيش بأنه سيضمن سلامة السكان، وذلك من خلال الإعلان بمكبرات الصوت.
ويختم التقرير بالإشارة إلى أن أحمد وبقية السكان يجدون أنفسهم عالقين بين الحجر والصخرة، ويقول أحمد: "عندما دخل الجيش الشيخ زويد شعرنا بالسعادة؛ لأنه سيحمينا من الإرهابيين، ولكننا عالقون اليوم بين اثنين: الإرهابيين الذين يتهموننا بالتعاون مع الجيش، والجيش الذي يصفنا كلنا بالإرهابيين".
(المصدر: الغارديان 2015-09-22)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews