تفعيل تطبيقات التمويل الإسلامي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة
توسعت المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البلدان العربية والإسلامية بشكل كبير بعد إقبال حكومات الدول لمشاركة أفراد المجتمع في التنمية الاقتصادية من خلال تطبيق برامج الخصخصة وتحرير الاقتصاد وإعادة الهيكلة لمؤسساتها الكبرى والوطنية حيث تم التخلي عن المشروعات ذات الحجم الكبير لأكبر عدد من المساهمين في المجتمعات خاصة التي كانت تمتلكها الدولة وفي الوقت نفسه بدأ القطاع الخاص يلعب دوراً مهماً في الاقتصادات بعد حالة من الانطواء لسنوات..
وأياً كانت الأسباب فإن المشاريع الصغيرة والمتوسطة واقع حقيقي فاعل وأصبحت له جمعياته وبرامج تمويله ومستثمريه ولكن نظرا لأن معظم هذه البرامج تأتي في إطار القدرات الادخارية المحدودة وغالباً تكون بصورة المنح للمؤسسات التنموية والتمويلية المحلية والخارجية فإنها تعتمد آلية الإقراض بفائدة من البنوك التجارية كطريقة وحيدة لتمويل هذه المشروعات وفق أساليب التمويل الإسلامية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من أجل تقديم البديل الإسلامي الأمثل والأكثر فعالية للنظام المصرفي الذي يعتبر حجر الزاوية في عملية التنمية الشاملة الاقتصادية لهذا القطاع العريض التجاري والصناعي والزراعي الذي يشهد تطورا وتوسعا مستمرين، وفي كافة القطاعات المجالات الاقتصادية إضافة إلى تطور مماثل يشهده القطاع المالي والاقتصادي الذي يعتبر نقطة لنجاح واستمرار أي مشروع اقتصادي سواء صغيرا أو متوسطا فالقطاع المالي حاليا لم يكتف بدور التمويل وتجهيز وسائل السداد ومراقبة التدفقات النقدية الداخلة والخارجة بل تطور نشاطه لينتقل إلى مجالات أخرى كالتخطيط والتحليل المالي والمشاركة باتخاذ القرارات المهمة من خلال الدور الاستشاري وإدارة الموجودات المشاريع والاهتمام بأساليب التنبؤ والتخطيط المستقبلي وذلك بفعل تطورات الأنشطة الاقتصادية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتشعب معاملاتها فيما بعد ويمارس النظام المصرفي (الإسلامي – التجاري) دوره التمويلي من خلال التوسع في الائتمانات والتمويل رؤوس الأموال بين أفراد المجتمع لأننا أصبحنا بحاجة ماسة إلى بناء اقتصاد إنتاجي وصناعي وإلى تنمية حقيقية وهنا نستطيع القول بأن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية ودورها في التمويل والتنمية يمكن أن تؤدي دوراً فاعلاً وحقيقياً وإذا كان هناك اهتمام بملكية وعائدية المشاريع الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة فذلك فقط لتحديد الأسلوب التمويلي المناسب ويعد قطاع الزراعة والصناعة من أهم القطاعات الاقتصادية الحقيقية التي تتطلب اهتماما كبيرا وتمويلا منتظما لبرامجها وذلك لما تمثله من موارد هائلة تحتاجها الدول والمجتمعات في البناء والتنمية وهو ملخص هذا التقرير حسب النقاط التالية:
أولا: مفهوم التمويل
التمويل: مصدره: موله غيره تمويلا، بمعني قدم له ما يحتاج من مال، واصطلاحا بالطريقة التي يحصل بها الأفراد أو الشركات على الأموال والسلف لتأمين الرأسمال لها فالتمويل تقديم السلع والخدمات أو وسائل الدفع الأخرى مع تأجيل البدل المقابل أو بدون بدل أصلاً فالتاجر مثلاً حين يقدم سلعته للمستهلك وينتظر لنهاية الشهر لاستلام قيمتها فهو يقوم بعملية تمويلية وكذا الشركة المصنعة التي تقدم سلعها للتاجر فإنها قد تنتظر إلى حين حلول أجل الدفع فهي بذلك تقوم بعملية تمويلية.
ثانيا: صور التمويل والاستثمار
صورة التمويل تتسع لتشمل الحصول على الأموال وكيفية تخصيصها وتوزيعها بشكل فعال على الاستخدامات المختلفة وأصبحت تقنيات المال تشمل ثلاث مجموعات من القرارات هي الاستثمار والتمويل وتوزيعات الأرباح وعليه فإن قرارات التمويل تعد أنسب مصادر تمويل الأموال وأقلها تكلفة. قرار التمويل بشكل عام يكون على صورتين (التمويل المحلي) مصدره المدخرات المحلية وتتضمن كلا من الادخار الحكومي والادخار العائلي وادخار قطاع الأعمال، (التمويل الخارجي) مصدره المنح والقروض طويلة الأجل ورأس المال الخارجي للمساهمة في الاستثمار وقروض المنظمات والهيئات الدولية والإعانات والمساعدات.
ثالثا: المشاريع الصغيرة والمتوسطة
المشروعات تتسع للمجالات المختلفة سواء كانت صناعية أو تجارية أو زراعية أو خدمية وهناك ما يسمى بالمشروعات متناهية الصغر وتوجد معايير عدة لتعيين المشروعات الصغيرة منها حجم رأس المال وعدد العاملين وحجم المبيعات وشكل الملكية فعلى سبيل المثال معيار عدد العاملين ينظر إلى المشروع الذي يستوعب عددا من العمال بدءا من عامل إلى أربعة عمال على أنه مشروع متناه في الصغر والمشروع الذي يستوعب من خمسة عمال إلى أربعة عشر عاملا على أنه مشروع صغير أما المشروع الذي يستوعب من خمسة عشر عاملا إلى تسعة وأربعين عاملا على أنه مشروع متوسط وما زاد على ذلك فهو مشروع كبير.
رابعا: الفرق بين التمويل الإسلامي والتجاري
التمويل الإسلامي يعني تقديم ثروة عينية أو نقدية بقصد الاسترباح من مالكها إلى شخص آخر يديرها ويتصرف فيها لقاء عائد تبيحه الأحكام الشرعية ويمثل التمويل الإسلامي كنقطة افتراق جوهرية عن الاقتصاد التجاري الذي يعتمد الفائدة (مدين – دائن) أساسا في نهجه التمويلي فالتمويل الإسلامي بصيغه المتعددة يتناسب مع جميع الأنشطة الاقتصادية للمرونة العالية التي تميز أدواته بقابليتها للتكيف مع التقلبات الاقتصادية دون تغيير ثوابتها وأسسها المستمدة من الشريعة الإسلامية ويمكن لأهم الفروق تشمل:
قاعدة النمو في التمويل الإسلامي والاستثمار مبنية على التملك وهو شيء قابل للنمو على عكس الزيادة في التمويل التجاري فهي مبنية على الفائدة وما يطرأ عليه من زيادات عند تأخير السداد.
التمويل الإسلامي الممول يتحمل المخاطرة فهو يدخل في الاستثمار على أساس الربح والخسارة بينما التمويل التجاري فإن الدائن أو الممول لا يتحمل أي خسارة والمخاطرة معزولة في عمله ويقرض ماله على أساس ضمان الفائدة.
الفائدة المتحققة عن الاستثمار والتمويل الإسلامي هي ناجمة عن عمل حقيقي لا تتضح معالمه إلا في نهاية المشروع أما في التمويل التجاري فإن الأرباح المتحققة هي مفترضة مسبقاً.
التمويل الإسلامي له خصوصية مصرفية إذ لا يجوز فيه تداول الديون لأن تداول الديون يؤدي إلى معاملات تفضي للربا بينما التمويل التجاري يسمح بتبادل الديون فالاقتراض(مدين – دائن) بين البنوك وتبادل الديون هو أساس عمل تلك المصارف وجوهرها.
خامسا: تطبيقات الصيغ الإسلامية لتمويل قطاع مشروعات الصغيرة والمتوسطة
عقبة التمويل المعوقات المهمة لقيام المشروعات الصغيرة فأصحاب هذه المشروعات عادة ما يكونون من المهنيين ولا تتوافر لديهم مدخرات تمكنهم من إقامة مشروعاتهم كما لا يوجد لديهم من الضمانات التي يمكن تقديمها للبنوك للحصول بموجبها على التمويل ومن هنا توجد مجموعة من المميزات التي تجعل اعتماد أساليب التمويل الإسلامية واجبة التطبيق من أجل النهوض بالمشروعات الصغيرة ورفع الحرج الشرعي عن الراغبين في إقامته وفق تطبيقات الصيغ الإسلامية التي يمكن من خلالها تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومنها الحزم التالية:
(حزمة المشاركات) تشمل المدة والطبيعة والنشاط فباعتبار المدة تتنوع المشاركات إلى قصيرة ومتوسطة وطويلة وباعتبار الطبيعة تنقسم إلى مشاركة مستمرة ومتتالية ومتناقصة أو منتهية بالتمليك ومستردة بالتدريج ومستردة في نهاية المدة.
(حزمة البيوع) المرابحات بأنواعها المختلفة المحلية والدولية والبسيطة والمرابحة للآمر بالشراء يشمل بيع بين طرفين يتضمن قيام أحدهما ببيع سلعة أو سلع للطرف الثاني مقابل هامش ربح يضاف إلى الثمن الذي اشتراها به التاجر من السوق وبعد أن يتسلم الطرف الثاني السلعة يمكن أن يسدد ما هو مستحق عليه فورا أو على فترة ملائمة من الزمن حسب الاتفاق.
بيوع السلم والسلم الموازي يشمل عقد بيع يتم بموجبه تسليم ثمن حاضر مقابل بضاعة آجلة موصوفة بدقة ومعلومة المقدار كيلا أو وزنا أو عدا وفائدته توفير قدر من التمويل للبائع أو المنتج حتى يقوم بتسليم البضاعة بعد فترة من الزمن يتفق عليها.
البيع بالتقسيط والبيع الفوري والمساومة يشمل عقد يتم بموجبه الاتفاق على تسليم بضاعة حاضرة مقابل ثمن مؤجل يتفق عليه وعلى فائدته بحيث يتوفر قدر من التمويل للمشتري حتى يتمكن من دفع الثمن بعد فترة من الزمن متفق عليها وبيع المساومة حسب شروط الاتفاق.
الاستصناع والاستصناع الموازي يشمل عقد يتم بمقتضاه صنع السلع وفقا للطلب بمواد من عند الصانع بأوصاف معينة وبثمن محدد يدفع حالا أو مؤجلا أو على أقساط.
(حزمة الإجارة) الإجارة التشغيلية والإجارة المنتهية بالتمليك يشمل عقد من عقود البيع إلا أنه بيع منفعة أو خدمة وليس سلعة مثل العقود الأخرى
(الوكالة في الاستثمار بأنواعها) يشمل الوكالة المطلقة الوكالة المشروطة أو المقيدة.
(التورق صيغة تداول بالمؤسسات المالية) يشمل أن يشتري السلعة بثمن مؤجل أو مقسط ويبيعها لآخر بثمن معجل ليحصل على النقد لحاجته وفق الشروط منها بأن لا يبيع السلعة بثمن أقل مما اشتراها على بائعها لا مباشرة ولا بالواسطة.
سادسا: الصعوبات تواجه المؤسسات المالية الإسلامية في تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة.
تؤثر وسائل المصارف المركزية الحالية وآثارها على طبيعة نشاط المصارف والمؤسسات المالية (الإسلامية – التجارية) ولما كان الدور الحقيقي والرئيسي للجهاز المصرفي وعلى رأسه المصرف المركزي هو دعم التنمية الاقتصادية والمالية والاجتماعية لكل المجتمع وتقوية السوق المالية (النقد – رأسمال) مما يقتضي التخلي السماح ولو تدريجياً عن دور الوساطة الحيادية والدخول في النشاط الاقتصادي الحقيقي والإيمان بهذا الدور لدى السلطات التنظيمية جعلها تنص على السماح للجهاز المصرفي سواء المصارف المركزية أو غيرها من الهيئات الحكومية علي رقابة وتنظيم القطاع المالي سواء الإسلامي والتجاري وفرض قيود معينة لهذه المؤسسات المالية والاقتصادية بممارسة أنواع من النشاط الاستثماري هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فالسماح للمصارف الإسلامية بالعمليات الاستثمارية والتجارية مع الأعمال المصرفية يقتضي إحداث تعديلات في بعض وسائل وأدوات الرقابة والتوجيه التي يمارسها المصرف المركزي على هذه المؤسسات المصرفية والمالية واستعمال الأدوات المناسبة حتى يؤتي ثماره سواء المرجوة من الرقابة الواجبة من قبل المصرف المركزي باعتباره بنك الدولة ونخص على وجه التحديد سياسات:
الاحتياطي القانوني
نسبة السيولة القانونية
نسبة كفاية رأس المال
حدود سقف الائتمان
سابعا: مراحل تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة
تطبيقات التمويل الإسلامي الداعم المناسب للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تمر فيها عملية التمويل بمراحل ثلاث متتابعة تشمل:
(المرحلة الأولى) توليد المدخرات في هذه المرحلة يتم ومن خلال آليات معينة على التوالد المستمر والمتنامي للمدخرات إذ دون ادخار متراكم فلا وجود لعملية تمويل أصلا.
(المرحلة الثانية) تعبئة المدخرات حيث يتم في هذه المرحلة تجميع المدخرات المبعثرة وتراكمها من ذوي الفائض وتهيئتها للفعالية الاقتصادية المناسبة.
(المرحلة الثالثة) توجيه المدخرات ويتم في هذه المرحلة توظيف هذه المدخرات بعد تعبئتها وتوجيهها وإيصالها إلى ذوي الحاجة من خلال مؤسسات الوساطة المالية التي تعمل على إيجاد قناة تنظم انتقال التدفقات النقدية من ذوي الفائض إلى ذوي العجز وذلك من خلال العائد المتحقق من عملها كوسيط مالي مما يحفزها باستمرار على ابتكار أدوات جذب وتوظيف للموارد النقدية.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-08-23)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews