Date : 22,11,2024, Time : 04:56:48 PM
3982 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 28 شوال 1435هـ - 25 أغسطس 2014م 01:03 ص

معالجة المماطلة في سداد متأخرات الديون بالمؤسسات المالية الإسلامية

معالجة المماطلة في سداد متأخرات الديون بالمؤسسات المالية الإسلامية
د . محمد فوزي

أحاطت الشريعة الإسلامية موضوع الديون وسدادها في الاقتصاد الإسلامي بعدد من الضوابط والركائز الأخلاقية والتنظيمية لضمان أن يؤدي وظيفته الاجتماعية دون اختلال ودون ضرر بسائر جوانب الحياة الاقتصادية والمالية، فمن ذلك منع الربا في المدينات، مما يغلق بابا من أبواب الفساد في المعاملات المالية والاقتصادية، ومن ذلك التأكيد على لزوم الوفاء بالعقود والديون، خاصة تحريم المماطلة وعواقبها الكبيرة في أدائها لمن يجد وفاء لسدادها، لذلك فمشكلة التأخير في سداد الديون ومتاجراتها من الأفراد خاصة القادرين والمؤسسات المالية المليئة قائمة في كل المؤسسات المالية سواء (الإسلامية والتقليدية)، لكنها في المؤسسات المالية الإسلامية أكثر خطرا وأشد عاقبة على أنشطتها واستثماراتها ونتائجها المالية والمحاسبية، فصارت هما ثقيلا يؤرق الإدارات التنفيذية لهذه المؤسسات وأصبحت ظاهرة تهدد بخطورتها وتداعياتها المؤسسات المالية الإسلامية ذاتها، كتجربة رائدة لمواكبة متطلبات الواقع ومعالجة مشكلاته من العديد من المخاطر الائتمانية. ويضاعف من أهمية هذه المشكلة وضرورة مبادرتها بالعلاج تجنبا لتداعياتها أن بدأت تحقق نجاحات متتالية بجدارتها والتقدير لأدائها وبرغم هذه النجاحات تظل مشكلة مماطلة سداد الديون والمتأخرات بغـير عـذر شرعي مقبول أهم التحديات المطلوب علاجها وفقا لتطبيقات ومبادئ الشريعة الإسلامية.

ولذلك يشمل هذا التقرير مجموعة من العناصر التوضيحية التالية:

أولا: مشكلة المماطلة في تسديد ديون المتأخرات:

إن النشاط الرئيسي للمؤسسات المالية (مصرف - مؤسسة تمويل - شركة استثمار) هو التسهيلات الائتمانية المقدمة للعملاء وشأنها شأن كافة المؤسسات في تحقيق الأرباح ولكن الأرباح لا تتحقق إلا إذا الْتزم العميل بتسديد ديونه في موعدها المحدد وبدون مماطلة، ذلك لأن الائتمان مرتبط بالزمن، فإذا ماطل العميل بالسداد لا يتحقق ذلك الربح المتوقع حتى لو سدد الدين كاملا بعد فترة المماطلة، فالديون تكون دائما موثقة بضمانات عينية وشخصية ورهونات أخرى، فما على المؤسسة المالية إذا ماطل العميل في السداد إلا التنفيذ عليها وسداد ديونها، لكن في الواقع العملي قوة الضمانات ليست هي الأساس في التمويل والتسهيلات الائتمانية الممنوحة، بل الأساس هو الثقة في العملاء، إضافة إلى ذلك أن جميع هذه الضمانات لا يمكن التنفيذ عليها إلا بحكم السلطات القضائية ويستغرق وقتا طويلا وتكاليف عالية، لذلك يكون الربح قد فات على المؤسسة المالية، والتجارب العملية تشير إلى أن كثيرا من العملاء (الأفراد - المؤسسات) تميل أحيانا للمماطلة بتسديد الديون لاعتقادهم بتأمين العاقبة.

ثانيا: مفهوم المخاطر الائتمانية المتعلقة بالمماطلة في سداد الديون:

تعد المخاطر الائتمانية أهم المخاطر التي تتعرض لها المؤسسة المالية في علاقتها مع العملاء المتمولين (فرد - مؤسسة - حكومة) وتتعلق المخاطرة الائتمانية باحتمالات عدم قدرة المدين على التسديد في الوقت المحدد للسداد وبالشروط المتفق عليها في عقود التسهيلات، هذا يعني أن تأخر المدين عن سداد الدين يعني بالضرورة أن الأخير قد حقق الخسارة، حتى لو سدد المدين المبلغ المستحق كاملاً إلى المؤسسة المالية الممولة، سواء كانت مصرفا ومؤسسة وذلك بعد مرور فترة زمنية على تاريخ حلول الدين، لأن فرصة الاسترباح من استثمار المال أضاعها المدين بمماطلته وتضييع فرص حقيقية كانت موجودة تتمثل في خاصية السيولة والتدفق النقدي والربح الفاقد، فضلا عن تعطيل المدخرات عن العمل والإنتاج وخاصة عندما يتعلق الأمر بمؤسسة مصرفية قوية وناجحة بأمور توظيف الأموال.

ثالثا: أسباب المخاطر الائتمانية للمماطلة بسداد الديون:

تشمل ميزانيات المؤسسات المالية (الإسلامية - التقليدية) في جانب الأصول، بصفة أساسية، على أرصدة الديون مستحقة السداد حسب أعمارها في صورة ذمم ومداينات ومع ذلك فالديون المصرفية لدى المؤسسات الإسلامية مختلفة عن التقليدية.

ولهذا أثره على معدلات المخاطر الائتمانية المرتبطة بسداد الديون للأسباب التالية:

طبيعة المعاملات المالية الإسلامية، مثل المرابحة والاستصناع، والتي تمثل تقريبا (75%) وأكثر من معاملات المؤسسات المالية والتي تتحول هذه الأصول إلى أموال في الذمة غير محصلة راكدة.

ومنع المؤسسات المالية الإسلامية من الاستفادة من الأدوات الاستثمارية للمؤسسات التجارية لزيادة أرباحها وإيراداتها، مثل السندات وعمليات الإقراض والاقتراض بفائدة مركبة على ديون المماطلين في السداد

وعدم إمكانية زيادة الدين بعد ثبوته في الذمة، فإذا ماطل العملاء المدينون لم يكن للمصرف أن يزيد عليه في مبلغ الدين الأصلي وإنما بفرض الغرامات التأخيرية لغرض ردع المماطلين، ثم تتبرع بحصيلة تلك الغرامات لجهات البر والخير، بخلاف التجارية التي تعمد على ما يسمى بإعادة جدولة الديون في الحالات التي يعجز العميل عن السداد في الوقت المقرر وتعدد تأثيرات صيغ العقود على معدلات المخاطرة، فالمؤسسة المالية الإسلامية تعمـل في البيوع والمشاركات، وهذا سيعني أن مخاطر الائتمانية في تحقيق سداد المتأخرات والديون أعلى في مستويات المخاطر الائتمانية، فعلاقة المؤسسة التجارية في الديون من خلال العلاقة بينها وعملائها كعلاقة (دائن - مدين) (مقرض - مقترض).

ويقيد العمل المالي الإسلامي بعدم جواز هيكلة الديون بزيادة القيمة والمتاجرة في الديون المتمثلة في بيع الديون إلى الغير قبل أجلها بأقل من قيمتها الاسمية، وهذا يعني أن المؤسسات المالية الإسلامية لا تستطيع خصم الكمبيالات أو تصكيك الديون وتداولها بين أطراف أخرى.

رابعا: الآثار السلبية المترتبة على المماطلة في سداد الديون:

حققت صيغ التمويل الإسلامية نجاحاتها المستمرة وقدرتها بالنهوض بمجالات الوساطة المالية وأن تكون بديلاً ذا كفاءة عن الإقراض الربوي من حيث حاجة المجتمع للتمويل وانسجام تلك الصيغ مع القوانين المنظمة للأعمال المصرفية الإسلامية إلا أن جانب إدارة المخاطر الائتمانية المترتبة على الديون والمتأخرات هو أكبر التحديات، فالمؤسسة المالية الممولة مؤتمنة على أموال المدخرين والمستثمرين في أن تستخدمها بالحرص الدائم عليها، فالمودعون مع قبولهم مبدأ المشاركة في أرباح المؤسسة وخسائرها لا يرغـبون بالمجازفة بأموالهم في عمليات غير محسوبة العواقب من الناحية المالية والفنية لجوانب العمل المصرفي الإسلامي، ولذلك أدت لمجموعة من التوجهات في مسار عمل المؤسسات المالية، ومنها: -

اتجاه المؤسسات الإسلامية إلى المبالغة في طلب الرهون والضمانات، مما يحصر فرص الاستفادة من التمويل في فئة العملاء القادرين على تقديم الضمانات.

وتوجه المؤسسات لافتراض أن كل عميل مظنة المماطلة وترتب على هذا اتجاهها إلى رفع هوامش الربح حتى تعوض المماطلة في تأخير السداد.

وصعوبة حصول المؤسسات المالية على جذب العملاء الممتازين الذين لا يماطلون، وذلك لعجزها عن التفريق بين الأمين الملتزم والمماطل.

والمنافسة غير المتكافئة بين المؤسسات الإسلامية والتجارية في استثمار الأموال غير المحصلة والاستفادة من عوائدها لفترة التأخير، في حين المؤسسات التجارية تتقاضى فوائد مركبة عنها.

خامسا: خصوصية المماطلة في سداد الديون في صيغ التمويل الإسلامي:

تواجه المؤسسات المالية الإسلامية هذا النوع من المخاطر الائتمانية بالأخص في صيغ التمويل الإسلامي التي تعتمد على عقود المداينات، فمعلوم أن المرابحة والاستصناع والإجارة وبيع التقسيط هي بيوع آجلة تتولد عنها ديون في دفاتر المؤسسة المالية والمخاطرة الأساسية فيها هي المخاطر الائتمانية والسلم يتولد عنه دين سلعي لا نقدي ولكنه يتضمن أيضا مخاطر ائتمانية والمضاربة والمشاركة عقد شركة لا تكون الأموال التي يدفعها المؤسسة المالية إلى العميل ديوناً في ذمته ولكنها تتضمن مخاطر ائتمانية من طريقين، هما: -

الطريقة الأولى: في حال التعدي أو التقصير، حيث يضمن رب العمل رأس المال فينقلب إلى دين في ذمته، وعلى المؤسسات المالية أن تتأكد من أن المعدل المتوقع للعائد على العمليات يتناسب مع مخاطرها وتجنب مخاطر الائتمان المفرطة.

الطريقة الثانية: عند إنهاء المضاربة والمشاركة والتنضيض والقسمة: يصبح نصيب المؤسسة المالية مضموناً على رب العمل، مثل الدين، فكل ذلك يتضمن المخاطر الائتمانية، فيتحول رأس المال إلى دين.

سادسا: المقترحات المعاصرة في معالجة مشكلة المماطلة في سداد الديون:

لقد حثت الشريعة على حُسْن الاقتضاء وأمرت برد الأمانات والديون إلى أصحابها ومنعت المماطلة في الديون، إلا أن يكون المدين معسراً عاجزاً عن الوفاء بالسداد.

( الشرق 2014-08-25 )




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد