تطـوير كفاءة أداء الأدوات الاستثمارية والتمويلية في الصيرفة الإسلامية
يتميز النشاط المصرفي الإسلامي بالتنوع بالمنتجات والخدمات لذا تعرف المصارف الإسلامية بأنها مؤسسات متعددة المنتجات (Multi Products ) ويتميز مجال نشاطها بالتغيير والتجديد المستمر سواء على مستوى آليات العمل الداخلي ( صيغ تمويلية - خدمات - تكنولوجيا ) أو على مستوى المجتمع المالي والاقتصادي ( متعاملين - أسواق مالية ناشئة - منافسين) لذلك تعتبر البرامج والأدوات الاستثمارية عملية أساسية وضرورية لإستمرار النشاط المصرفي لمواجهة التغيرات والتحديات المستمرة في حيز التطبيق العملي التي تعيق عملها وتحد من إمكانيات تطويرها ومن أمثلة التحديات مشكلة إدارة السيولة وغياب الاستثمار طويل الأجل ويمكن للأدوات المالية سواء الاستثمارية أو التمويلية الإسلامية أن تساهم في مواجهة هذه التحديات والتخفيف من آثارها بقدر الإمكان فأهداف عملية كفاءة أداء البرامج الاستثمارية الإسلامية تختلف حسب المتعاملين مع تقارير الأداء إذ يتم تركيز المودعين على إدارة السيولة ومدى ضمانها للودائع والمدخرات في حين يهتم المساهمون بمؤشرات الربحية بينما تهتم إدارة المؤسسة المصرفية بالقدرة على توفيرالخدمات المتعاملين دون تعرض أموال المودعين للمخاطر وبغض النظر عن الأهداف الخاصة لكل مستفيد فإن البرامج الاستثمارية والتمويلية عملية تأكيد وتحقيق من أن الموارد والاستخدامات بالمؤسسة المصرفية قد استخدمت بشكل كفء وفعال وأيضا الوقوف على الحالة المالية للمؤسسة المصرفية التي أدارت بها هذه الموارد ودراسة لمدى تأثـيرعائد المصرف بهذه العلاقة التي تتميز بالتناقض وصعوبة الموازنة في أهداف المصرف المتمثلة في : -
تحقيق أكبر عائد ومردودية ( مدخر- مستثمر- مساهم - مالك ).
عدم التعرض لمخاطر السيولة ( فائض - عجز ) .
الحفاظ على علاقات جيدة مع المودعين والمستثمرين .
وعليه فإن القرار الاستثماري والتمويلي هو كيفية إدارة العلاقة بشكل فعال لضمان استمرارالمصرف بتحقيق أهدافه وتقييم كفاءة وأداء هذه الإدارة هو فيصل الحكم لأداء المؤسسة المصرفية من خلال أربعة محاور تفصيلية لهذا التقرير .
أولا : الأدوات الاستثمارية
تقسم أدوات الاستثمار عموما لنوعين من الأدوات وهي :-
أدوات الاستثمار في أسواق النقد
تمثل الأسواق التي يتم التعامل فيها على الأدوات المالية قصيرة الأجل، وهي التي تستحق لفترة تقل عن العام كالودائع لأجل وأذون الخزانة والأوراق التجارية وشهادات الإيداع والقبولات المصرفية التي يتم السماح بخصمها.
أدوات الاستثمار في أسواق رأس المال
تمثل الأسواق التي يتم التعامل فيها على الأدوات المالية طويلة الأجل تستحق بعد مدة تزيد عن عام كالسندات كما يتم التعامل في هذه الأسواق أيضاً على الأدوات المالية التي ليس لها تاريخ استحقاق كالأسهم ويشتمل سوق رأس المال على كل من سوق الأوراق المالية والمؤسسات المالية للقيام بالمشروعات الاستثمارية وتوظيف المدخرات لتحقيق عائد .
ثانيا: خصائص الأدوات الاستثمارية الإسلامية
تتعدد خصائص الأساليب والوسائل الاستثمارية والتمويلية الإسلامية المستخدمة في المؤسسات المصرفية ومنها :-
مستمدة من تطبيقات ومبادئ الشريعة الإسلامية وفق عقود شرعية بين أطراف المعاملة الاستثمارية والتمويلية مع الالتزام الكامل بمبادئ الأخلاق - العدل- القيم - أولويات وحاجات المجتمع بعيدا عن المعاملات غير الحقيقية .
تمثل صورا وبدائل متنوعة حسب الاحتياجات المختلفة لكل متعامل مثل (المرابحة - المضاربة - السلم - الاستصناع - المشاركة - الإجارة ) .
تهدف بالدرجة الأولى للاستثمار التنموي بالمجتمع والمشاركة بين عنصرى العمل والمال وتحمل المخاطر في تحقيق الأرباح ولا تقتصرعلى الربح كهدف وحيد .
تتميز بالتنوع وفقا لتلبية وظروف المتعاملين سواء إستثمارات قصيرة الأجل أو طويلة الأجل .
تشمل أساليب تضمن استخدام التمويل والإستثمار بالاقتصاد الحقيقي والقيمة المضافة بالمجتمع من الإنتاج والتوزيع للسلع والخدمات .
ثالثا : كفاءة أداء الأدوات الاستثمارية بين تحقيق الربحية وإدارة السيولة
تواجه المصارف الإسلامية في إدارتها للاستثمارات قصيرة الأجل وجوب مراعاة الربحية من ناحية ومشكلة إدارة السيولة ( فائض ونقص السيولة) فلجوء المصارف الإسلامية للإحتفاظ بإستثمارات قصيرة الأجل والتقليل من حجم استثماراتها طويلة الأجل يعزز سيولة المصرف الا أنه من ناحية أخرى يقلل من ربحيتها في ضوء ارتفاع ربحية الإستثمارات طويلة الأجل مقارنة بالاستثمارات قصيرة الأجل وهذا سوف يؤدي الى انخفاض مقدار العوائد التي ستدفعها المصارف الإسلامية ( عميل - مستثمر - مساهم - مالك ) مما سيدفعهم للبحث عن مؤسسات بديلة وتستطيع المصارف الإسلامية زيادة سيولتها من زيادة حجم الودائع المصرفية لديها وتحصيل الذمم والتمويلات في مواعيد استحقاقها وتسييل بعض الأوراق المالية قصيرة الأجل كالأسهم وتوريق الأصول ( التصكيك ) فالبنوك التجارية تستطيع أن توظف فائض السيولة لديها وذلك من خلال تقديم القروض ولليلة واحدة ((Over Night أما المصارف الإسلامية فالأمر يختلف فلا يجوز التعامل بالإقراض والاقتراض ( مدين ودائن ) لذلك لا تستطيع هذه المصارف توظيف الفوائض لديها بهذه الطريقة كما أنها لاتستطيع توظيفها في الأسواق النقدية لأن الأدوات الإستثمارية تعتمد على الفائدة الربوية أما بخصوص مشكلة ادارة نقص السيولة فتنشأ بسبب اختلاف طبيعة عمل المصارف الإسلامية عن نظيرتها التقليدية فالمصرف لا يستطيع في إطار صيغ المشاركة بالربح والخسارة أن يسترد تمويله ما لم ينته المشروع الاستثماري وقد يكون على شكل أصول عينية يصعب تسييلها والحصول على السيولة اللازمة ومن هنا تبرز الحاجة إلى هيكل الادوات الاستثمارية والتمويلية فتستطيع المصارف الإسلامية من خلالها أن توظف الفائض لديها مع البقاء لإمكانية تسييلها بسهولة وبأقل تكلفة وبأقرب وقت ممكن .
رابعا : كفاءة أداء الأدوات الاستثمارية الإسلامية في تفعيل الاستثمار قصير الأجل
تقوم المصارف الإسلامية بقبول المدخرات بقصد الاستثمار والتنمية وأداء حق اللـه بالمال وتحقيق الربح ( مدخر - مستثمر - مساهم - مالك) من وراء ذلك باستثمارها وتنميتها حيث يستثمرها مباشرة أو بدفعها لمستثمرين حسب الصيغ الشرعية في الإستثمار كما أن المستثمر يضع أمواله في المصرف قاصدا النماء لمدخراته والمصرف الإسلامي نفسه يبحث عن أفضل الطرق لاستثمار أموال مالكيه والتي تحقق له العائد المناسب بشرط أن تتماشى طرق الاستثمار مع أحكام الشريعة الإسلامية ومن هنا كانت الأهمية لبرامج أدوات التمويل والاستثمار بصفة عامة ( طويل - قصير ) الأجل والاستثمار قصيرالأجل بصفة خاصة وفي الواقع العملي نجد أن المصارف الإسلامية تركز على توظيف الموارد المتاحة في الاستثمارات قصيرة الأجل ويظهر ذلك بالقوائم المالية ذلك أن الودائع هي أكبر مصدر لهذه الموارد نظرا لما تتميزبه الاستثمارات قصيرة الأجل من المميزات التالية :-
توافق آجال الاستثمارات قصيرة الأجل مع آجال الودائع القصيرة الأجل وعليه فإن المصرف يحقق التالي ( توافر السيولة ليكون بوضع آمن للسحوبات غير المتوقعة للودائع الموجودة / كلما زادت السيولة انخفضت الربحية مما يفرض المفاضلة بين اعتبارات السيولة والقدرة على تحقيق الربحية / المفاضلة باختيار الاستثمارات قصيرة الأجل والتي تحقق أرباحا قصيرة الأجل / مراعاة الظروف الاقتصادية المحيطة واللوائح التنظيمية الخاصة بكل دولة .
استخدام الودائع طويلة الأجل في استثمارات قصيرة الأجل للحرص على توافر السيولة الآمنة واستخدام المصادر الذاتية في الاستثمارات قصيرة الأجل تحسبا للسحب المفاجئ وتخوفا من استثمارها في مشاريع طويلة الأجل أو غير مجدية .
المصرف الإسلامي لا يقوم باتباع نظام القروض لليلة واحدة فقط كما بالنظام التجاري مما يوجب عليه البحث عن بدائل توظيف فائض الأموال وتحويلها إلى سيولة بيسر وسهولة (الاستثمارات قصيرة الأجل).
الودائع تحت الطلب هي حسابات جارية تستحق السداد حسب طلب العميل ولا يتم فعليا سحبها في وقت واحد ويتم تغذيتها بودائع جديدة مما يستوجب الاحتفاظ بجزء في حالة نقدية لأي طلب وتوظيف جزء آخر في استثمارات يمكن استرجاعها وأرباحها دون تعطيلها عن الاستثمار(الاستثمارات قصيرة الأجل).
خامسا : كفاءة أداء الأدوات الاستثمارية الإسلامية في تفعيل الاستثمار طويل الأجل
حققت المصارف نجاحاً لإيجاد البديل الإسلامي للأدوات التمويلية والاستثمارية ( قصيرة - طويلة ) الأجل إلاَّ أنها في مجال التطبيق الفعلي ركزت على التمويل قصير الأجل الذي برز من خلال ارتفاع نسبة المرابحات ( إحدى الدراسات المصرفية عام 2013 م تشير أن نسبة صيغ المرابحات في أحد المصارف بلغت ما نسبته ( 75% ) من اجمالي الصيغ التي يجريها المصرف) والتي مولت قطاعي التجارة والأعمال مقارنة بالصيغ التمويلية الأخرى كالمشاركات والمضاربات مثلا وأن هذا الدور الذي تؤديه المصارف الإسلامية بهذا النموذج قريب جدا من الناحية المالية للدور الذي تقوم به المصارف التجارية بالتركيز على التمويل قصير الأجل وعدم التركيز على التمويل والاستثمار سواء ( المتوسط أو طويل الأجل) الأمر الذي يحد من المساهمة لتمويل المشاريع الإقتصادية الكبرى وتنمية المجتمعات وهو هدف رئيسي لإنشاء المصرف الإسلامي ويتضح جليا في صور أدوات التمويل والاستثمار التي تقدمها المصارف الإسلامية التي تأخذ دائما أشكال العوائد شبه الثابتة مثل صيغ ( المرابحة والإجارة مثلا) وأيضاً ذات مستوى مخاطرة أقل بالرغم من أن ذلك يعد تحايلا وانحرافاً في مسيرة العمل المصرفي الإسلامي في البناء والتنمية المجتمعية ككل وأيضا انحيازا ( للاستثمارالآمن من المخاطر) وانصرافا عما كان متوقعاً منه ولمعالجة ذلك وإعادة التوازن إلى نشاطات المصارف الإسلامية لابد من إحداث تغيير في هيكل وبرامج الأساليب الإستثمارية وأدوات التمويل التي تقدمها المصارف وهنا يبرز الدور الهام للأدوات الاستثمارية الإسلامية كضرورة لدعم وتطوير العمل المصرفي الإسلامي في تقديم تمويل ( طويل - متوسط - قصير الأجل) وإعادة التوازن للاستثمارات وأنشطة المصارف من خلال توظيف الأموال المودعة لديها في صكوك استثمارية طويلة الأجل أو خلال المساهمة في آلية عمل الصناديق الاستثمارية على سبيل المثال .
( الشرق 9/6/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews