هل تستطيع الصيرفة الإسلامية زيادة الاحتواء المالي إسلاميا؟
هل تستطيع الصيرفة الإسلامية زيادة الاحتواء المالي لكل شرائح المجتمع في العالم الإسلامي؟ هذا هو السؤال الأساسي المطروح في دراسة أصدرها الصندوق أخيرا حول الصيرفة الإسلامية، في محاولة لإرساء رابطة واضحة بين الصيرفة الإسلامية والاحتواء المالي.
استخدمت الدراسة مجموعة شاملة من مؤشرات الاحتواء المالي المستمدة من قواعد بيانات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وخلصت إلى أن الصيرفة الإسلامية لا يزال تأثيرها محدودا على الاحتواء المالي. فرغم سرعة نمو هذا النوع من الصيرفة ــــ حيث زاد مجموع الأصول بمقدار الضِعف منذ عام 2006 على مستوى العالم ــــ لا يزال توسع الصيرفة الإسلامية في مراحله المبكرة (2 في المائة من الأصول المصرفية العالمية). وإضافة إلى ذلك، تشير البيانات إلى أن البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي OIC أقل إتاحة للخدمات المالية وأقل استخداما لها من بقية بلدان العالم (انظر الرسم البياني).
وهناك عدد من العوامل يمكن أن يفسر مستوى الإتاحة والاستخدام المنخفض لخدمات الصيرفة الإسلامية:
1. البنية التحتية المالية أقل تطورا ــــ بما في ذلك الحقوق القانونية ــــ، ما يحد من قدرة المصارف الإسلامية على اختيار الأسر والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتابعتها وتمويليها.
2. الإطار التنظيمي ملائم لمؤسسات التمويل التقليدية أكثر من الإسلامية.
3. الافتقار إلى الكوادر البشرية المدربة على الأدوات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة، ما يحول دون التوسع بسرعة أكبر في إتاحة الخدمات المالية.
رغم القيود القائمة، هناك دور مهم للصيرفة الإسلامية في تيسير النفاذ إلى الخدمات المالية وتشجيع الاحتواء والنمو في العالم الإسلامي. ويرتبط الاحتواء المالي ارتباطا وثيقا بالتنمية الاقتصادية والنمو، ويساهم النفاذ إلى الائتمان بدور حيوي خاص في تشجيع ريادة الأعمال والحد من الفقر. غير أن النتائج التي خلص إليها مسح مصرفي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تكشف أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهي المحرك الأساسي لتوظيف العمالة في العالم النامي، لا تحصل إلا على 8 في المائة من الإقراض المصرفي.
ويمكن أن يكون تأثير الصيرفة الإسلامية بالغ الأهمية بين الفقراء، حيث يمكن أن يؤدي توافر التمويل الأصغر مع وجود مؤسسات تلتزم بأحكام الشريعة إلى دعم الائتمان المقدمة لشريحة من السكان لا يتوافر لها إلا قدر محدود من الخدمات المصرفية التقليدية، أو لا ترغب في استخدام تلك الخدمات لأسباب دينية. "وبالفعل، أوضحت نتائج المسح أن ما يراوح بين 25 و35 في المائة من البالغين في عينة المسح من بلدان مثل أفغانستان وتونس والسعودية ترى المعتقدات الدينية من أهم أسباب إحجامهم عن فتح حسابات مصرفية".
كيف يمكن للصيرفة الإسلامية أن تشجع العمق المالي وتعزز النمو الاقتصادي الاحتوائي؟ الإجابة المباشرة هي أن الصيرفة الإسلامية ينبغي أن تعزز نموذجها التشغيلي الراهن حتى تجذب المودعين وتوسع نطاق الخدمات المقدمة عن طريق تطويع أدواتها لتتلاءم مع احتياجات السوق. فعلى سبيل المثال، يمكن للمصارف الإسلامية إنشاء وحدات منفصلة لأعمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم تقييم المخاطر الائتمانية، وإنشاء أسهم خاصة ورؤوس أموال مُخاطِرة تتلاءمان مع مقتضيات التمويل الإسلامي، وتحسين تدريب الكوادر المصرفية على الأدوات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة.
ويمكن أن يساهم إنشاء صناديق إسلامية لأسهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدور أساسي في تنويع مصادر التمويل، وتخفيض تكلفة التمويل والتكاليف الإدارية، ومن ثم إتاحة مزيد من التمويل. فعلى سبيل المثال، يمكن إتاحة موارد "القرض الحسن" لمؤسسات التمويل الأصغر الإسلامية من أجل تخفيف العبء الذي تفرضه أسعار الفائدة المرتفعة على مقترضيها "حيث يحض القرآن على إقراض المحتاجين بغير فوائد".
وخلاصة القول إن تجديد النموذج الحالي للصيرفة الإسلامية عن طريق التوسع في الأدوات المتوافقة مع الشريعة وتحسين استخدامها يمكن أن يساهم بدور أساسي في تعزيز الاحتواء المالي وتحقيق نمو أعلى وأكثر احتواء للمجتمع في العالم الإسلامي.
(المصدر: الاقتصادية 2015-08-17)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews