بريطانيو الخارج أفضل أداء في المحاماة لا الصيرفة
أنا في هونج كونج هذا الأسبوع، أساعد في تسليم جوائزنا للمحامين الأكثر ابتكاراً في آسيا – أولئك الذين وجدوا أفضل السبل لخدمة العملاء، في منطقة يتعقد العمل فيها بسبب النظم السياسية والقانونية المختلفة.
لقد أدهشني عدد شركات المحاماة الناجحة دولياً، والتي تعمل في آسيا وأماكن أخرى، ومقرها في لندن – وهو ما يثير السؤال التالي: لماذا يعتبر البريطانيون أفضل أداء بكثير في مجال القانون، مما هم عليه في الصيرفة الاستثمارية؟
الشركات البريطانية – خصوصا شركات المحاماة الخمس الكبرى مثل: ألين آند أوفري، وكليفورد تشانس، ولينكليترز، وفريشفيلدز بروكهاوس ديرنجر - من بين أبرز الشركات على المستوى الدولي. والقانون أحد التخصصات النادرة التي تعتبر المملكة المتحدة فيها، رائدة عالمياً.
تعاني بريطانيا، منذ التحرير الكبير في الحي المالي في عام 1986، من أجل إنتاج بنك استثماري أفضل. مع تراجع بنك باركليز من القطاع، ليس هناك بنك استثماري في بريطانيا للتنافس مع البنوك الأمريكية، التي تعتبر "مؤسسات استثمار كبيرة ذات سمعة فائقة وقاعدة عملاء واسعة".
للوهلة الأولى، هذا لغز. يبدو أن القانون التجاري الدولي والاستثمار المصرفي يتطلبان مهارات مماثلة: الاستفادة من خدمات كبار التنفيذيين، والقدرة على اتقان المعاملات المعقدة والصعبة عبر الحدود، وأحياناً من خلال العمل أثناء الليل.
الولايات المتحدة تعتبر ناجحة في مجال الخدمات المصرفية والقانون. هناك شركات المحاماة الأميركية البارزة مثل بيكر آند ماكينزي، ولاثام آند واتكنز، وسكادن، وآربس، وسليت، وميجر آند فلوم، وكذلك البنوك الضخمة مثل جولدمان ساكس، وسيتي جروب، وجيه بي مورجان تشيس. المملكة المتحدة تعتبر ناجحة في القانون فقط. فلمَ الاختلاف؟
تقول لورا إمبسون، مديرة مركز شركات الخدمات المهنية في كلية كأس لإدارة الأعمال في لندن، إن الفرق الأول هو الحاجة لرأس المال. خلافاً لشركات المحاماة، تتطلب البنوك الاستثمارية الكثير من رأس المال. الولايات المتحدة، بما لديها من أسواق مالية محلية عامرة بالمال، توفر ما هو أكثر بكثير من رأس المال.
وتضيف أنه في حين أن التحرير الكبير في الحي المالي قد اكتسح معظم البنوك الاستثمارية، التي قد تكون نائمة في المملكة المتحدة، كان لدى شركات المحاماة البريطانية المزيد من الوقت، للإعداد من أجل توسعها الدولي.
هناك أسباب أكثر عمقاً لقدرة شركاء المحاماة في المملكة المتحدة. نحن في الواقع نتحدث عن الشركات الإنجليزية - والإمبراطورية البريطانية التي زرعت القانون الإنجليزي لدى القاصي والداني.
يقول ستيوارت بوفام، بصفته شريكاً أعلى في السابق على مستوى العالم لدى شركة كليفورد تشانس، والآن نائب رئيس المصرفية لبنك سيتي جروب في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، ويشغل موقعاً جيداً يخوله مراقبة كل من القانون وخدمات الصيرفة الاستثمارية: إنه "مخلفات التراث الاستعماري".
الأطراف غير الإنجليزية غالباً ما ترغب بأن تكون عقودهم خاضعة للقانون الإنجليزي. إنهم يقدرون نزاهة القضاة والالتزام بسيادة القانون.
أليس لدى تلك الشركات الأمريكية نفس الصفات؟ نعم لديها، كما تقول الأستاذة إمبسون، ولكن النظام القانوني الإنجليزي عموماً أكثر مرونة وبرجماتية من القانون الأمريكي. هل هذا نظراً لأن النظام القانوني البريطاني ليس لديه دستور مكتوب؟ "أعتقد أن هذا جزء من ذلك"، كما تقول.
ويضيف بوفام أن القانون الإنجليزي لديه تاريخ أطول؛ وكان القانون البحري الإنجليزي معياراً منذ مئات السنين. وكما يقول بوفام فإن السبب الآخر للتوسع الدولي الناجح لشركات المحاماة البريطانية، هو هيكل الأجور والعوائد.
يغلب على الشركات البريطانية أن تعمل بنظام "المكافأة على أساس الأقدمية"، حيث يقتسم الشركاء أرباح الشركة على أساس أقدميتهم بالشركة. الشركات الأمريكية تعمل عموماً بنظام مكافأة المحامين عن العمل الذي ينجزونه، بشكل فردي.
المكافأة على أساس الأقدمية، كما يقول بوفام، تعني أنه يمكن للشركاء في الشركات البريطانية تحمل مخاطر خروجهم من الشركة، والمساعدة على فتح مكتب في جزء آخر من العالم، دون الحاجة إلى القلق من أنه إذا فشل، سوف يعاني من صدمة مالية شخصية.
محام أمريكي رفيع تحدثت إليه، يعترض على هذا الرأي. الشركات البريطانية عدّلت سياسات المكافأة على أساس الأقدمية. في البلدان المنخفضة الرواتب، غالباً ما يتم دفع أجور أقل للمحامين العاملين فيها، والتابعين للشركات التي مقرها المملكة المتحدة. ولا توجد أي شركة أمريكية من النخبة، تعمل بمبدأ السياسة البحتة لنظام المكافأة على العمل الفردي، كما يقول. إنهم يعدلونه لمكافأة العمل الجماعي.
يقدم المحامي الأمريكي سبباً مختلفاً للأداء الجيد للشركات الإنجليزية دولياً، وهو: أنهم وصلوا إلى هناك، أولاً.
وفي حين أن الشركات الأمريكية كان بإمكانها أن تخدم ليس وول ستريت فحسب، بل ومجموعات الطاقة في هيوستن وشركات التكنولوجيا في وادي السليكون وعملاء الترفيه في لوس أنجلوس، فليس لدى الشركات البريطانية الرائدة حقاً، سوى لندن. لذلك كانت لديها أسباب أقوى للتوسع في الخارج.
وحين فعلت، وجدت أن من الأسهل عليها التمسك بعملائها. ويخلص المحامي الأمريكي إلى أن: "العلاقات في شركات المحاماة، تعتبر أمتن من العلاقات المصرفية".
( فايننشال تايمز 14/6/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews