الفلسطينيون و ‘الدولة اليهودية’
لماذا تحتاج اسرائيل ان يعترف الفلسطينيون بها كدولة يهودية؟ هذا السؤال سألني اياه سياسي كبير. وهو مؤيد متحمس للسلام، ولكن عندما يطلب اليه تقدير احتمالات ‘السلام’ يفضل ان يتحدث عن الفصل. مثله آخرون في اليسار وفي الوسط الاسرائيلي. مؤيدون كبار، شكاكون اكبر.
معظم الاسرائيليين لا يؤمنون بامكانية التوقيع على اتفاق مع الفلسطينيين. وهم ينتمون لليسار ولليمين. بعضهم يشكون لاعتبارات المنطق. آخرون يشكون لاعتبارات الايمان. والمبررات لا تهم، ما تهم هي الاستنتاجات. كل واحد يفهم بشكل مختلف ما ينبغي لاسرائيل أن تفعله، ولكل واحد امنية مختلفة. في اقصى اليمين واليسار يقودون نحو دولة ثنائية القومية، باقي الشكاكين من القسم البراغماتي في البيت اليهودي يسارا يتحدثون عن الفصل. الكلمات مختلفة، جمهور الهدف مختلف، خطوط الفصل الجغرافية تتغير بين عومر بارليف ونفتالي بينيت، ولكن المفاهيم مشابهة.
ما هو مسموح قوله في الغرف المغلقة، لا يمكن قوله في الخارج. لكل واحد تهديداته الانتخابية الخاصة به. في اليمين الإسرائيلي يخافون من كلمة فصل، ومن اليسار يخافون هجر رؤيا الانبياء. وفي هذه الاثناء اسرائيل الرسمية تتحدث عن اتفاق سلام طوباوي، ولكنها تتمنى فصلا واقعيا.
وها هو الجواب لذاك السياسي الكبير الذي يتساءل بينه وبين محيطه: الاعتراف باسرائيل كـ ‘دولة يهودية’ ذو مغزى فقط لمن يعتقد انه يمكن التوقيع على اتفاق سلام يحل النزاع. بتعبير آخر: إدارة المفاوضات كي يتم التوصل الى صيغة تتطلب اعترافا متبادلا.
الاوراق والكلمات هي ما توجد لمن يؤمن بالسلام. لا توجد اختصارات طريق ولا توجد غمزات. اما الشكاكون مثلي، بالمقابل، فلا يحتاجون الى شيء وبالتأكيد ليس لاعتراف فلسطيني بدولة يهودية. ففي ظل عدم وجود السلام فان الثمن الذي تكون اسرائيل مطالبة بدفعه كي تنفصل يتقلص، والاحلام تتقزم، لا توجد خطوط 67، والمطالبات من الفلسطينيين لا تكون ذات صلة. اذا ارادوا فليعترفوا، واذا لم يريدوا فلا يعترفوا. المفاوضات تجري داخل البيت وحيال العالم. الفصل، خلافا للمفاوضات الحالية، لا يضمن حلا للنزاع. عمليا لا يضمن شيئا باستثناء الحفاظ على الاغلبية اليهودية.
منذ بضع سنوات يدور جدال داخل اسرائيل حول الحاجة الى القانون الاساس: الدولة القومية للشعب اليهودي. وهذا الاسبوع اجيز في اللجنة الوزارية تعديل لمشروع قانون التعليم الرسمي وبموجبه يجب التعليم لتعزيز قيمة دولة اسرائيل كدولة القومية اليهودية. الفكرة صحيحة، غير أنه الى أن تصل الكنيست ستوجد الذريعة لعدم طرح التعديل للتصويت. في اليمين سيوجد من يجري على القانون التفافة اعلامية، وفي اليسار سيظهر انبياء الغضب الذين يحمون الديمقراطية باجسادهم. اسرائيل تتجادل حول هذه القوانين، ولكنها لا تقرر.
وبشكل عبثي نحن نطالب الفلسطينيين بالاعتراف، ولكننا نفر من الاجماع الوطني الواسع حول تعريف الدولة اليهودية. في دولة اسرائيل لا يوجد دستور، والوضع الراهن يتشكل من قوانين اساس ومراكز قوى. هكذا في شؤون الدين والدولة، وهكذا في مسألة هويتنا الداخلية. ما تبقى لنا هو وثيقة الاستقلال والرؤيا الصهيونية.
تحتاج الدولة الى تعريفات وقوانين. وتتعزز الحاجة عندما تتفاقم المسائل. تعريف الهوية صحيح لتجنيد الاصوليين للجيش هو صحيح لمسائل تتعلق بالاقلية العربية داخل دولة القومية الديمقراطية، وهو ذو مغزى ايضا الان للمفاوضات مع الفلسطينيين. فلا يمكن مطالبة الاخرين بالقيام بالعمل نيابة عنا، والاعتراف بدولة يهودية يتعين علينا نحن أن نفعله، قبل وقت طويل من وصول السلام.
( معاريف 13/2/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews