ثيودور هرتزل يبحث عن الدولة اليهودية
الى حين يُقرّ الكنيست الاسرائيلي قانون هوية الدولة اليهودية، ستبقى اسرائيل متمسكة بهويتها العربية (وربما الإسلامية)، برغم وجود أقلية يهودية من سكانها الوافدين أخيرا من بغداد وحلب وبيروت. أما ثيودور هرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية، فهو نمساوي الأصل، وضع في وقت فراغه كتاباً عنوانه «الدولة اليهودية» في 1896 بالألمانية كدليل سياحي للناطقين باللغة الالمانية لزيارة فلسطين والمناطق المجاورة. وعائلة روتشيلد البريطانية تلقت رسالة اللورد بلفور في 1917، وزير خارجية بريطانيا، التي أصبحت «وعد بلفور»، بسعي من حاييم وايزمن، لإقامة دولة لليهود من أصل فلسطيني أو عربي بهدف الإنماء الزراعي في أرض الميعاد.
باختصار، يمكن الزعم أن الحركة الصهيونية منظمة غير حكومية (NGO) لا تبغي الربح، شأنها شأن الوكالة اليهودية، الذراع التنفيذية للحركة الصهيونية، أنشئت لأغراض ثقافية وتاريخية في سياق عصر النهضة العربية، لإعلاء شأن السامية العربية. وقادة اسرائيل منذ 1948، من بن غوريون وجابوتنسكي، مرورا ببيغن ودايان، وصولا الى شارون ورابين وبيريز، كانوا من رافعي راية الناصرية وناشطين في «منظمة التحرير» الفلسطينية أو تابعين لهيئة غوث اللاجئين. الدولة في اسرائيل، بحسب نتنياهو وداعميه في سعيهم لإقرار قانون الهوية اليهودية للدولة هم من حاملي Green Card، ويتوقون لنيل الجنسية ليحولوا اسرائيل الى دولة يهودية بالكامل.
فإذا كان من دولة في التاريخ الحديث ارتبطت هويتها بدينها قبل إنشائها وبعده، فهي دولة اسرائيل اليهودية منذ تكوينها كمشروع استيطاني مع تأسيس «الحركة الصهيونية» في أواخر القرن التاسع عشر، الى حين إعلانها كدولة على اثر حرب 1948. وقانون العودة الذي أقره الكنيست في تموز 1950، أي بعد سنتين على إنشاء الدولة، أعطى الحق ليهود العالم، أينما حلّوا، أن ينالوا الجنسية الإسرائيلية، ولقد أدخل عليه تعديل في 1970 لإعطاء هذا الحق لغير اليهود من أصل يهودي أو لمعتنقي الديانة اليهودية.
أما ماذا يريد نتنياهو ومناصروه من الأحزاب المتعددة التوجهات السياسية والدينية، فما من أحد قادر على أن يفهم ما يدور في ذهن هؤلاء سوى قادة تنظيم «داعش»، رافعي راية الدفاع عن «هوية الإسلام». انها حالة من الهلوسة والإفلاس الفكري والسياسي لأتباع الدولتين اليهودية والاسلامية في زمن الصراع العبثي بين وارثي حضارات، لم يبقَ منها سوى مظاهر العنف الإلغائي والتكفيري باسم الدين. إنه للأسف زمن العنصرية والكراهية والعنف المدمّر للذات وللغير على حد سواء.
السفير 2014-12-08
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews