معا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي
تهدف السياسات الاقتصادية بوجه عام إلي تحقيق الاستقرار الاقتصادي.. إلا أنه ليس هناك اتفاق عام بين الاقتصاديين
وغيرهم علي نوع الاستقرار المطلوب, حيث من يدافع عن سياسات تحقيق العمالة للاقتصاد لا يتفق مع من يرغب في السياسات التي تركز علي استقرار مستويات الأسعار.
وعندما يأخذ عدم الاستقرار شكل التضخم( الارتفاع في المستوي العام للأسعار) أو الانكماش, فإن هذا يتسبب في نقص الكفاءة, وعدم العدالة, حيث إن التضخم أو الانكماش يعمل علي سوء توزيع الدخول بين المقرضين والمقترضين وأصحاب الدخول الثابتة( العاملين بأجور معينة ثابتة) وأصحاب الدخول غير الثابتة من التجار وأصحاب الأراضي والعقارات وغيرهم, أضف إلي ذلك أن ارتفاع مستويات الأسعار سوف يؤدي إلي هروب الأفراد من استخدام العملة التي تنخفض قيمتها نتيجة لذلك, وإلي ضعف مقدرة الدولة علي التصدير.
وهناك تحفظ حول الرغبة في الاستقرار الاقتصادي, حيث يعتقد بعض الاقتصاديين أن النمو والاستقرار متضادان وغير متكاملين, لأن الاستقرار العالي الدرجة يكون علي حساب النمو, إذ إن النمو يستلزم التغيير, مما يؤدي إلي عدم الاستقرار, غير أنني أري أن ذلك لا يعتبر ضررا علي الاقتصاد, بل ينقله من حالة الاستقرار إلي حالة أخري عند مستوي أعلي.
وعلي الرغم من شيوع مفهوم الاستقرار الاقتصادي, فإن هناك القليل من التعريفات المتفق عليها دوليا, حيث يعرف صندوق النقد الدولي الاستقرار الاقتصادي بأنه الوضعية التي تجنب الدول مخاطر التعرض لأية هزات اقتصادية أو مالية, وهي الوضعية التي من شأنها تمكين الدول من التغلب علي التقلبات والتغيرات الحادة في النشاط الاقتصادي وأسعار الصرف والفائدة ومعدلات التضخم وأسواق المال, حيث تزيد هذه التقلبات من مستويات عدم التيقن, وتؤثر سلبا علي مستويات قدرة الدول علي جذب الاستثمارات ورفع معدلات النمو الاقتصادي, ومن ثم فمن الأهمية بمكان التأكد من قدرة اقتصادات العالم المختلفة علي تعزيز فرص النمو الاقتصادي والحيلولة دون وقوع تقلبات من شأنها الإضرار بالاستقرار الاقتصادي والمالي, وفي حالة وقوع تلك التقلبات, فإن وضعية الاستقرار الاقتصادي والمالي تعزز فرص هذه الدول في تجاوز أثر هذه الصدمات, والحد من تأثيراتها السلبية علي الأداء الاقتصادي والمالي بقدر الإمكان.
ويؤكد صندوق النقد الدولي أهمية قيام الدول بتبني السياسات الملائمة التي يكون بمقدورها التخفيف من حدة هذه التقلبات ـ حال حدوثها ـ دون التأثير علي معدلات النمو الاقتصادي ومستويات المعيشة من خلال التركيز علي السياسات التي تستهدف تعزيز مستويات الإنتاجية والكفاءة ورفع معدلات التشغيل, وتعتبر السياسات المالية والنقدية من أهم الأدوات الخاصة بتحقيق الاستقرار الاقتصادي, حيث تتمثل السياسة المالية في البرامج الحكومية الخاصة بالضرائب والإنفاق والاقتراض الحكومي, وهي تستمد أهميتها من تأثيرها علي أربعة أوجه من النشاط الاقتصادي:( الأسعار ـ الاستهلاك ـ حجم التوظف ـ توزيع الدخل), ويختلف مفهوم السياسة المالية وأهميتها في المجتمعات المتقدمة عنها في المجتمعات النامية إذ إنها تسعي في الأولي إلي تحقيق استقرار الاقتصاد القومي, بينما اهتمامها الأساسي في الثانية هو توفير التمويل للتنمية الاقتصادية.
وفيما يتعلق بالسياسة النقدية, فهي مجموعة الإجراءات التي تتخذها في إدارة كل من النقود والائتمان وتنظيم السيولة العامة للاقتصاد, حيث تهدف الدولة من ذلك إلي تحقيق عدة أهداف لعل من بينها تحقيق الاستقرار الاقتصادي للمجتمع, والتحكم في التقلبات بالمحافظة علي ثبات المستوي العام للأسعار, واستقرار قيمة النقود في الأسواق الداخلية للاقتصاد, وسعر صرفها في التعامل الخارجي, علاوة علي محاولة المحافظة علي مستوي العمالة الكاملة للاقتصاد, والتخفيف من البطالة, وتحقيق التوازن في ميزان المدفوعات للدولة, وخدمة أهداف التنمية الاقتصادية للمجتمع.
( المصدر : الأهرام المصرية - 1/8/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews