التكلفة الاقتصادية.. وثمن عدم الاستقرار في المنطقة
هل الاستقرار في الشرق الأوسط سيكون استثناء، وتكون القاعدة هي موجات العنف والاضطرابات بعد ثورات الربيع العربي و ظهور العديد من الحروب التي أثمرت حالة من عدم الاستقرار الإقليمي، والفتن والتدهور الاقتصادي ، الطائفية العرقية والدينية ، تحت مسميات وغطاءات مختلفة ودعاوى متباينة ، وأصبحت من خلالها الجماعات المتطرفة ربما أكثر قوة من الدول النظامية ، ولا يمكن أن نتوقع أن الأمور يمكن أن تسفر فى النهاية عن قرب استعادة التوازن أو الاستقرار، حيث تشير البيانات الاقتصادية والديموجرافية أن المنطقة مضغوطة، وتعاني من بطء النمو وارتفاع معدلات البطالة ، إلى مستويات غير مسبوقة ستؤدي حتما إلى نقص الدخل وتأثر مستوى معيشة الأفراد، وعدم قدرتهم على تحمل أعباء الحياة ، وتلك المشكلات تتعقد أكثر مع تدفقات اللاجئين من حروب العراق وسوريا وليبيا واليمن، وتراجع أسعار النفط مما يفاقم من الأزمة ، خاصة أن أحدث التوقعات الاقتصادية العالمية التى يصدرها صندوق النقد الدولى تقدم صورة قاتمة عن دول المنطقة، حيث ستصل البطالة إلى 13% في مصر وتونس هذا العام، وتصل لحوالي 12% في الجزائر، ولا ينمو الاقتصاد بشكل سريع بما يكفى لتوفير وظائف كافية للشباب، ومن المتوقع أن يكون النمو هذا العام 1.3% في العراق، و2.5% في لبنان، و2.6% في الجزائر، و3.8% في الأردن، و4% في مصر، على الرغم من أن حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي في مصر، قد تراجع إلى 19.560 مليار دولار بنهاية شهر مايو 2015، مقارنة بـ 20.525 مليار دولار في الشهر السابق ، بتراجع قدره نحو مليار دولار، في حين تراجعت توقعات النمو في السعودية أكثر من 1.5 نقطة لتصل إلى 3% هذا العام، ومن المتوقع أن تواصل التراجع العام المقبل بسبب أسعار النفط ، وكذلك وصف صندوق النقد الدولي لتراجع الميزانية السعودية ، من من أنه قد يكون عجزا جوهريا هذا العام والعام القادم ، وتعاظم خطر تنظيم "داعش" وتأثيرها على أسعار النفط ، وتبعات الصراع في اليمن، وأزمة إيران النووية، وتوقف عملية السلام في الشرق الأوسط ، وتصنيف الاقتصاد الفلسطيني ضمن الأسوأ عالميا، لارتفاع معدلات الفقر والبطالة عند أعلى مستوى، حيث أن معدلات النمو مرهونة بالسلام المتعثر، وحجز إسرائيل للمساعدات والضرائب ، كما جاءت تقديرات معهد التمويل الدولي بأن الخسائر التي تكبدتها مصر والأردن ولبنان وسوريا وإيران والعراق وتونس وليبيا، بنحو 717 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية، بسبب الاضطرابات في المنطقة، والقيود والعقوبات التي يفرضها الغرب على بعض هذه الدول، وكذلك قدرت كلفة استضافة الأردن للاجئين السوريين بنحو 2.1 مليار دولار لعام 2013، ونحو 3.2 مليار دولار لعام 2014، فيما قدرت تكلفة نزوح اللاجئين السوريين إلى لبنان، بنحو 7.5 مليار دولار ، حيث أن لدى لبنان أعلى نسبة من اللاجئين في العالم، قياساً إلى عدد السكان، حيث يمثلون حاليا ربع المجموع الكلي لسكان البلاد، وأدى ذلك إلى ارتفاع عجز الموازنات الحكومية، وتوسع العجز في الحساب الجاري، واستنزاف للاحتياطيات النقدية ، بعد أن أدى تباطؤ النشاط الاقتصادي إلى تقليص متحصلات الضرائب ، في ذات الوقت الذي ارتفعت فيه فاتورة الواردات مع صعود معظم الأسعار العالمية ، الأمر الذي أدى إلى التأثير السلبي على الأمن الغذائي، وقد يستمر ذلك نظرا للصراعات والأزمات التي طال أمدها في المنطقة، والتي تغذيها توجهات معينة لها رؤيتها التي تجد في استمرار حالة عدم الاستقرار هدفا استراتيجيا للقوى العالمية لاستنزاف موارد المنطقة والإبقاء على الاضطرابات والعنف الذي يبعدها عن التنمية والتطور، ويشغلها عن مصالحها الحقيقية، وبالتالي عزلها عن العالم المتحضر وعودتها إلى الحياة البدائية بعد أن تفقد بنيتها الأساسية ومقوماتها الاقتصادية وحتى قوتها العسكرية مما يحولها إلى كيانات ضعيفة يسهل الانقضاض عليها، بعد أن تكبدت المنطقة تكلفة هذه الاضطرابات والأحداث بعد الربيع العربي والتي بلغت حوالي 800 مليار دولار أمريكي، بالإضافة إلى أنها ستحتاج إلى مساعدات إنسانية لنحو من 15 إلى 20 مليون شخص في سوريا والعراق والأردن ولبنان واليمن، وذلك وفقا لمركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-06-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews