الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي
يعتبر الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي في أي بلد كان وجهين لعملة واحدة، فإذا كان هناك استقرار أمني فمن الطبيعي أن يكون هناك نمو اقتصادي بغض النظر عن موارد الدولة، سواء كانت ضعيفة أم قوية، فلا توجد دولة في العالم إلا ولديها مواردها الاقتصادية، لكن تدهور عديد من الاقتصادات في العالم كان سببه الأول عدم الاستقرار الأمني الذي يشمل جميع النواحي الأمنية وتشعباتها، الذي متى ما تدهور تراجعت معه المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية وتفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية في أي بلد كان.
وما دفعني لفكرة المقال موقفان عشتهما في القاهرة الأسبوع الماضي، أولهما سائق السيارة التي استقللتها من المطار عند سؤالي له عن الوضع في مصر (أجاب مسرعا عاوزين نعيش ونأكل)، والموقف الآخر مع السائق نفسه في ميدان شيراتون القاهرة بعد احتكاك السيارة بسيارة أخرى ونزول كلا السائقين يصرخان، كُلٌّ ينطق بكلمات غير مقبولة، ورجال الأمن في الميدان لا يحركون ساكنا، وبعد انتهائه بغير اتفاق سألته: لماذا لم يتدخل رجال الأمن بصفتهم موظفي وزارة الداخلية المسؤولين عن الأمن، ولم لا تخافون أو تحترمون الداخلية وممثليها؟ أجابني: ''داخلية إيه اللي نخاف منها؟'' .. (أنا شخصيا أخاف من الداخلية وتلك قصة أخرى سأرويها يوما).
إن نعمة الأمن والاستقرار التي تعيشها المملكة هي من أعظم النعم التي نظفر بها في هذه البلاد المباركة، ما أدى بدوره إلى نمو وتطور ملحوظ في الاقتصاد السعودي، واندفاع المستثمر الأجنبي بشكل ملموس في الآونة الأخيرة إلى الاستثمار في المملكة، ويقول المصطفى عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم ''من أصبح آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بما فيها''، وهذا هو حالنا بالفعل في مملكتنا الغالية، حيث يجب علينا جميعا على مختلف شرائحنا الحفاظ على هذه النعمة، وأن نتكاتف ونتعاون، ولا نسمح لأي كان أن يمس أمننا واستقرارنا ووحدتنا في ظل والدنا الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (أسبغ الله عليه الصحة والعافية) وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظهم الله جميعا.
لقد شهدنا عديدا من الدول العربية والأجنبية التي تدهور اقتصادها إلى درجات خطيرة أصبح معها الفقر سمة لهذه الدول، وذلك نتيجة للتدهور الأمني الكبير وعدم الاستقرار، وهروب رؤوس الأموال إلى بلدان وأماكن أكثر أمانا واستقرارا، لذا وجد العديد من الشركات على مستوى العالم في الاقتصاد السعودي المكان الآمن لاستثماراتهم، نتيجة لعدم تأثر هذا الاقتصاد بما يحدث من تقلبات سياسية وحروب وغيرها في دول الجوار، وهذا عامل مهم في جذب الاستثمار ورؤوس الأموال، فالاستقرار الأمني يعتبر الهاجس الكبير للدول التي تأثرت سواء من الدول العربية أو الأجنبية، وذلك كي تعود لها الاستثمارات وينتعش اقتصادها، وبالتالي ينعكس ذلك على مواطني تلك الدول، وهنا تكمن أهمية عنصر الأمن لعملية الاستثمار، ودوره في جذب الاستثمارات، وتعزيز قوة الاستقطاب، واستقرار المعاملات والتعاملات، ويدعم القدرة التنافسية ويوفر الشفافية، إلى جانب تعزز القدرة على المنافسة الخارجية، ويزيد موارد الدولة من عوائد النشاط الاقتصادي القائم، ويؤدي إلى زيادة تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، ويوسع نطاق الاستثمار المحلي المباشر، إضافة إلى تشجيع المستثمرين الجدد على الدخول إلى دائرة الإنتاج وقطاع الأعمال.
إن الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي جانبان مكملان لبعضهما، فمتى ما توافر الأمن والاستقرار زاد نمو الاقتصاد وتطور وزاد عدد المستثمرين، ومتى ما تطور ونمو الاقتصاد، تحسنت الظروف المعيشية وأصبحت البطالة في تناقص كبير ما يخدم أيضا الاستقرار الأمني، لذا يجب علينا أن نتكاتف كي يبقى استقرارنا الأمني كما هو عليه مضربا للمثل، ولنكن عونا لأمير التواضع الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية الذي يبذل جهودا لا يعلمها إلا الله لاستقرار البلاد واستمرار الأمن والأمان فيها.
*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews