دورة أسعار الفائدة الأمريكية عالقة في السرعة البطيئة

في اللحظات الهادئة قبل وصول العام الجديد، أمسك بوب مايكل، رئيس الدخل الثابت في "جيه بي مورجان" لإدارة الأصول، بقلمه وحاول تصوّر ما يُمكن اعتباره مفاجأة واقعية في السوق بالنسبة إلى السندات التي تبيعها الحكومة الأمريكية.

كان "الاحتياطي الفيدرالي" قد رفع للتو أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عقد تقريباً، من نسبة قريبة من الصفر إلى نصف في المائة. الاقتصاد الأمريكي كان ينتعش، ومعدل البطالة ينخفض، وتضخم الأسعار الاستهلاكية يتحرك: جميع المؤشرات كانت تُشير إلى أن من المرجح ارتفاع تكلفة اقتراض المال.

لكن عندما تعلّق الأمر بسندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل، كان مايكل مُتشكّكاً لأنه اعتقد أن الدورة الاقتصادية الحالية مختلفة، ولعدة أسباب.

نصح مايكل العملاء قائلاً "الاحتياطي الفيدرالي يرفع أسعار الفائدة لجعل الأسواق طبيعية ولإيقاف معاقبة المُدّخرين. لا يوجد في الأفق شيء يذكر من النمو والضغوط التضخمية ليتكئوا عليها. في النهاية، ستبدأ الأسواق في تسطيح منحنى عوائد السندات الحكومية في المكان الذي تعتقد أن المحطة النهائية لأسعار الفائدة على ودائع المصارف لدى الاحتياطي الفيدرالي ستكون عليه في هذه الدورة".

بدون أسعار الفائدة المُستهدفة على أموال "الاحتياطي الفيدرالي" فوق 2 في المائة، جادل مايكل بأن "العوائد لمدة 30 عاماً، بنسبة 2.5 في المائة، مرتفعة فوق الحد"، مُشيراً إلى تنبؤات بأن العوائد على السندات لأجل عشرة أعوام قد تستقر عند 1.5 في المائة.

سعر الفائدة على مثل هذه السندات ثابت عند نقطة الإصدار، لذلك ترفع قيمتها بسبب انخفاض سعر الفائدة المتوافر في السوق، وتذهب السندات الحكومية العالمية لخوض أكبر ارتفاع لها من هذا القبيل منذ عام 1993 على الأقل.

لكن حتى منتصف شباط (فبراير) فقط، شهد الشهر الماضي شيئا من الانعكاس الجزئي، الذي يزوّد السوق بسياق من أجل اجتماع "الاحتياطي الفيدرالي" الذي انتهى الأسبوع الماضي دون تغيير في أسعار الفائدة الأمريكية.

يقول جون سيلفيا، مختص الاقتصاد في بنك ويلز فارجو "السوق بالغت في أهمية (فترة الركود الأمريكية) لكن نظراً للبيانات التي رأيناها في أول شهرين، ليس من غير المعقول أن كثيرا من الناس كان لديهم مسار ركود".

"لكن مبيعات تجارة التجزئة، وطلبات إعانة البطالة، وسوق الأسهم، كلها تُحقق أداءً أفضل. هذا ما تفعله الأسواق، فهي تؤكد البيانات وأحياناً نحصل على رقمين أو ثلاثة على التوالي وينطلق الناس إلى السباقات".

لذلك السؤال لا يتعلّق كثيراً بما يفعله البنك المركزي - استطلاع لمختصي الاقتصاد أجرته "فاينانشيال تايمز" وجد اجماعا تقريباً على عدم حدوث تحرك بشأن أسعار الفائدة الأسبوع الماضي – لكنه يتعلق أكثر بالوجهة التي سيذهب إليها عندما يكون أقرانه في الخارج مضطرين إلى اتخاذ تدابير أكثر حداثة.

مثلا، أغلبية مختصي الاقتصاد الـ 52 الذين شملهم الاستطلاع توقّعوا أن يرفع "الاحتياطي الفيدرالي" أسعار الفائدة مرتين بخلاف المرة الأولى هذا العام. موقف التجّار والمستثمرين، بحسب حُكم أسواق العقود الآجلة، يوحي بزيادة واحدة أخرى فقط.

ستيفين إنجلاندر، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في "سيتي جروب"، يرسم مقارنة بين مهمة "الاحتياطي الفيدرالي" الرسمية المزدوجة، التي تجعله مسؤولاً عن مستويات العمالة والتضخم، وبين "صلاحياته الإضافية، المالية المحلية والدولية، بحكم الأمر الواقع".

يُضيف إنجلاندر "الاحتياطي الفيدرالي لن يعترف أبداً بأي شيء أكثر من أول صلاحيتين، لكن المقارنة صارخة جداً بين التحسّن الملحوظ في النشاط المحلي ومعدل التضخم والضعف الواضح في الاقتصادات الأجنبية وأسواق الأصول بحيث إن الخيار سيُعلمنا بموقفه".

لنُركّز داخل الولايات المتحدة، وسنرى هناك أرقاماً تقترب من معدل التضخم البالغ 2 في المائة الذي يستهدفه "الاحتياطي الفيدرالي". معدل التضخم الأساسي السنوي الذي يتبعه البنك المركزي حالياً يبلغ 1.7 في المائة، وهو أعلى من 1.4 في المائة عام 2015.

يقول موري هاريس، مختص الاقتصاد في "يو بي إس"، "لقد كان تسارعا طفيفا، وصفة ضئيل هي كلمة جيدة".

في أيلول (سبتمبر) الماضي، كان "الاحتياطي الفيدرالي" قلقاً بما فيه الكفاية بشأن بقية العالم بحيث قرر تأجيل رفع أسعار الفائدة. وخلال عام 2016 شهد الطلب الأخير على الأصول الآمنة ارتفاعا بسبب الخوف في جميع أنحاء العالم بشأن الحالة الأوسع للنمو الاقتصادي.

البنك المركزي في اليابان خفّض أسعار الفائدة الرسمية على المدى القصير الخاصة به إلى ما دون الصفر. والبنك المركزي الأوروبي أعلن في وقت سابق هذا الشهر عن حزمة جديدة من التدابير تشمل الدفع للمصارف لتقوم بالإقراض وشراء سندات الشركات.

قد يكون هناك قلق كاف من أنه سيتم تخفيض ما يُسمى "نقاط البيانات" للتقديرات المستقبلية لأسعار الفائدة من قِبل أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. يقول سيلفيا "سأشعر بالدهشة إذا لم تنخفض النقاط. هناك مشكلة آنية، ماذا ستفعل بحلول نهاية عام 2017 وعام 2018، وخلافاً لذلك سيكون المنحدر حاداً جداً".

الأفق الأدنى لأسعار الفائدة من شأنه أن يُمثّل عودة إلى موضوع الأعوام الخمسة الماضية، إن لم يكُن الأعوام الـ 20 الماضية - أسعار الفائدة طويلة الأجل المنخفضة للغاية، وتسطيح منحنيات العائد على الدخل الثابت.

ويُشير مايكل أيضاً إلى الطلب من البلدان التي باعت أخيرا سندات لأجل عشرة أعوام بسعر فائدة دون الصفر، بعد عقود من التحفيز. يقول "نحن نُدرك أن أي شيء مع عائد يبلغ أكثر من 1 أو 2 في المائة سيُصبح جذاباً بالنسبة إلى المستثمرين اليابانيين".

(المصدر: فاينانشال تايمز 2016-03-19)