الذهب يعاود التحليق بأجنحة أسعار الفائدة المنخفضة
أفضل بداية عام للذهب منذ عام 1980 كانت جيدة بالنسبة لجوش شاول، تاجر المعادن السابق الذي يدير شركة سبائك تقع بالقرب من مقر بنك إنجلترا. كان عليه تعيين عشرة موظفين مؤقتين للتعامل مع حجم المكالمات الواردة لشركة ذا بيور جولد، التي أسسها.
يقول: "شهدنا زيادة كبيرة في حجم الاستفسارات وعدد الناس الذين يتطلعون لنقل استثمارات من الأسهم والمصارف والسندات والسندات الحكومية".
هذا الخوف ساعد في إخراج الذهب من ركوده الذي دام ثلاثة أعوام، ليتم تداول المعدن الثمين بأعلى مستوياته منذ عام. في المقابل انخفضت الأسهم العالمية أكثر من 20 في المائة منذ أيار (مايو) الماضي، لتدخل سوقا هابطة.
وشهد العام الماضي تراجع النفط وسط مخاوف المستثمرين بشأن أول رفع لأسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي. واليوم يركز المستثمرون على العكس: احتمال الانخفاض وحتى أسعار الفائدة السلبية.
وهذا أثار مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي وشعور بأن البنوك المركزية نفدت منها الأدوات التي يمكن أن تحفز بها اقتصاداتها. وبالنسبة لمؤيدي الذهب على المدى الطويل، يعد هذا تأكيد على أن البنوك المركزية ستعمل على تخفيض قيمة العملات في أوقات الأزمات. ويعتبرون الذهب مخزنا للقيمة طويل الأجل.
يقول جون هاثاواي، وهو مدير مشارك لمحفظة استثمارية في صندوق توكفيل جولد: "ما سيعمل على استمراره (الذهب) هو فقدان الثقة بالبنوك المركزية، الأمر الذي بدأ للتو. ما يدفع ذلك هو انخفاض الأسهم. أسعار الفائدة البالغة صفرا طوال هذه الأعوام رفعت قيمة كثير من الأشياء التافهة".
لقد خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة إلى سلبية في كانون الأول (ديسمبر)، بينما فعل بنك اليابان الشيء نفسه الشهر الماضي. والسويد خفضت أسعار الفائدة فيها إلى ناقص 0.5 في المائة يوم الخميس الماضي، في حين أن جانيت ييلين، التي تترأس الاحتياطي الفيدرالي، قالت إن البنك المركزي الأمريكي كان يدرس جدوى أسعار الفائدة السلبية قصيرة الأجل.
وبحسب تحليل أجراه "جيه بي مورجان" لبيانات تعود لعام 1975، كان أداء الذهب أفضل من الأسهم والسندات ومجموعة واسعة من السلع الأساسية في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، والمستمرة في الانخفاض.
وبلغ متوسط العوائد الشهرية على المعدن الأصفر 1.4 في المائة خلال فترات أسعار الفائدة الحقيقية المنخفضة في الولايات المتحدة، مقارنة بمتوسط على المدى الطويل بنسبة 0.4 في المائة، وذلك وفقا لتحليل المصرف الاستثماري، الذي توقع ارتفاع أسعار الذهب إلى 1.250 دولار بحلول الربع الرابع من هذا العام.
وفي الأغلب كان ارتفاع الذهب الأسبوع الماضي مدفوعا من مشتري الصناديق التي يتم تداولها في البورصة المدعومة بالذهب، التي شهدت ثاني أكبر تدفقات داخلة للأموال منذ ستة أعوام تقريبا، بحسب بانك أوف أميركا ميريل لينش.
وجاء مشترو الصناديق التي يتم تداولها في البورصة من قاعدة جغرافية كبيرة. ووفقا لـ "إتش إس بي سي": "الفترات السابقة للتراكم هيمن عليها المشترون من أمريكا الشمالية، لكن عمليات الشراء هذا العام موزعة بتساو أكثر على الصعيد العالمي. وهذا يدعم الارتفاع".
والسؤال هو ما إذا كان ارتفاع الأسعار سيغري مشتري الذهب الفعلي في الهند والصين الذين كانوا، وفقا لمجلس الذهب العالمي، يمثلون 45 في المائة من الطلب على المستوى العالمي العام الماضي.
ويلاحظ جو ويكواير، وهو مدير محفظة استثمارية لدى "فيديليتي سيليكت جولد بورتفوليو"، أن الأمر يعتمد أيضا على بيئة التعدين. ويذكر مجلس الذهب العالمي أن إنتاج المناجم في عام 2015 سجل أول تراجع ربعي وأبطأ نمو سنوي منذ عام 2008.
ويقول: "فترة هذا التحرك في مجال الذهب تعتمد فعلا على استمرار انخفاض الإمدادات ووصول صناعة الذهب إلى الحجم المناسب أكثر".
ويحذر معظم المحللين من أن مثل هذا الارتفاع السريع في الأسعار سببه عملية تصحيح. ويقول ديفيد جوفيت، رئيس وحدة المعادن الثمينة في شركة الوساطة المالية ماريكس سبيكترون في لندن: "لا اعتقد أننا في وسط سوق صاعدة مستدامة. لا يتطلب الأمر سوى بضعة أرقام اقتصادية إيجابية لتحويل تلك العقلية وسيتخلى الجميع عن هذا الأمر".
ويتوقع برنارد دحدح، المحلل في ناتيكسس ـ مقره في لندن ـ الذي كان المحلل الأكثر دقة العام الماضي بحسب تصنيف اتحاد سوق السبائك في لندن، أن ينخفض الذهب إلى أقل من ألف دولار للأونصة بقليل في أواخر هذا العام، إذا استمر الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة واستمر كذلك انتعاش الاقتصاد العالمي.
ويقول: "إذا نظرنا إلى الأساسيات الأخرى المحيطة بالذهب، لا أعتقد أن الطلب قوي بما فيه الكفاية لتبرير ارتفاع أسعار الذهب".
(المصدر: فاينانشال تايمز 2016-02-17)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews