الاقتصاد والأمن القومي
في العصر الحديث تعدَّدت الأبعاد الأمنية لأية دولة، ولم تعد مقتصرة على جانب محدد فحسب.
فالقوة الاقتصادية للدولة أصبحت من المقاييس المهمة في تحديد قوتها أو ضعفها، كما هي القوة العسكرية إن لم تكن أكثر.
كما أن التقدم التكنولوجي أخذ هو الآخر بإضفاء قوة متجددة للأمن القومي للدول.
وأضحت المنافسة في القدرة الاقتصادية ونموها مؤشراً مهماً لمدى استمرارية الدولة وتقدمها، ومدى ضمان مستقبلها وتماسك شعبها.
ويركز د. حسن جوهر في بحثه عن الأمن الوطني لدولة الكويت «أن بعض الدول أخذت توظّ.ف أجهزة استخباراتها وسياستها الخارجية للحصول على معلومات اقتصادية للنهوض باقتصادها، وفي مقدمة هذه الدول الصين، التي تجسست على ألمانيا وأميركا».
وفي ذلك إشارة الى اهمية البعد الاقتصادي للأمن القومي للدولة.
وإذا تابعنا الوضع الاقتصادي الكويتي اليوم ونزول أسعار النفط الذي تعتمد عليه الكويت بنسبة تزيد على %90 من وارداتها، فإن ذلك يعتبر إذا استمر بضع سنين، تهديدا حقيقيا لأمنها القومي، ولابد من تدارك ذلك فورا ومن الآن لاعتماد خطط طوارئ للتعامل مع نزول أسعار النفط بجدية وحذر ويقظة وطنية.
ومن الجدير بالذكر أن الكويت نجحت إلى درجة كبيرة في استخدام ثروتها النفطية في نجاح سياستها الخارجية ومن خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في ما أسماه د. عبدالرضا أسيري في كتابه النظام السياسي في الكويت بـ«دبلوماسية الدينار».
ولكن اليوم، ومع تقلص الإيرادات وانكماش العائد من مبيعات النفط بعد نزول الأسعار إلى الخمس تقريباً، لا بد للسلطتين التشريعية والتنفيذية من إعادة دراسة مفهوم الأمن الوطني والتركيز على الجانب الاقتصادي بدرجة أكبر، واعتباره أحد التحديات الجدية في تهديد الأمن.
وانعكاس ذلك كله على الوضع الاجتماعي وتذمر الناس من هذا الانكماش أو تقليص الدعم الحكومي للعديد من السلع التي تعوّد المواطن عليها طويلاً في السنوات الماضية وأصبحت إحدى سمات المجتمع الكويتي.
ولعل بدء ارتفاع الأصوات بذكر قصص عديدة عن الفساد المالي هنا وهناك في مؤسسات الدولة هو من السلبيات التي قد تزداد مع تفاقم العجز وزيادة هبوط أسعار النفط، ومن ثمّ هبوط الإيرادات.
لا شك أن العلاج إذا بدأ سريعاً وبشكل جاد، فإنه سيدعم الأمن القومي في بعده الاقتصادي، وهو أمر مطلوب اليوم وبقوة، وعلى الحكومة ومجلس الأمة البدء بدراسة ذلك بمساعدة مؤسسات المجتمع المدني.
(المصدر: القبس 2016-02-24)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews