الكلفة الاقتصادية لدولة ثنائية القومية باهظة
إن دولة واحدة للشعبين هي فكرة مغرية. فمن ذا يحتاج الى كل هذه البلبلة الذهنية المسماة ‘دولتين للشعبين’؟ ومن يريد دخول تفاوض مع عرب لا يمكن تصديق أية كلمة من كلامهم؟.
لو أن بنيامين نتنياهو جاء الى مركز الليكود اليوم وطرح للتصويت اقتراح تأييد ‘دولتين للشعبين’، لتم عزله من منصبه فورا. فالتصور الجديد الذي أصبح له موطئ قدم في مركز الليكود وبين جهات رفيعة في قيادة الحزب، هو ضم الارض كما قال عضو الكنيست رؤوبين ريفلين: ‘إن كون الفلسطينيين مواطنين في الدولة أفضل من تقسيم البلاد’. وأنصار الضم من طرف واحد هم بالطبع أناس كرامة، ولهذا يقترحون اعطاء جميع الفلسطينيين الذين سيُضمون الجنسية وكل الحقوق وإلا كان الحديث عن دولة فصل عنصري رسمية وهم أنصار للديمقراطية.
لن نشغل أنفسنا هذه المرة بالمعنى السياسي (الداخلي والخارجي) للضم. وسنذكر فقط الحقيقة الضئيلة وهي ان ضم 2.5 مليون فلسطيني الى دولة اسرائيل يعني دولة ثنائية القومية ذات أكثرية يهودية صغيرة ومؤقتة: 60 في المئة يهود (6.3 مليون) و40 في المئة عرب (4.2 مليون)، وهذا من دون غزة ايضا. أي ان هذا هو نهاية الحلم الصهيوني.
سنشغل أنفسنا هذه المرة بالجانب الاقتصادي للاقتراح الذي لم يحظ الى الآن بأي نقاش. إننا اليوم في مكان سيئ جدا من جهة نسبة الفقر، فان 20 في المئة من العائلات في اسرائيل تحت خط الفقر، وهذا رقم قياسي سلبي اذا قيس بالدول الغربية. لكن في اللحظة التي يتحقق فيها حلم تسيبي حوتوبيلي وداني دنون وياريف ليفين سترتفع نسبة الفقر في اسرائيل ارتفاعا فظيعا. إن ضم المناطق يعني التوحيد بين دولة يقف انتاجها السنوي على 30 ألف دولار للفرد، وبين سلطة فلسطينية يقف انتاجها السنوي على 10 في المئة من ذلك، أي على 3 آلاف دولار للفرد. أي نسبة الفقر في الدولة الجديدة سترتفع الى نحو من 35 في المئة! وهذا يعني التحول من منزلة دولة متقدمة الى منزلة دولة من العالم الثالث، الى جانب السودان وارتيريا.
وسيقتضي هذا الوضع الجديد سياسة اجتماعية ثورية. وسيُحتاج الى زيادة حادة على ميزانية التأمين الوطني لمساعدة الضعفاء الجدد أي الفلسطينيين. وسنوزع عليهم مخصصات اولاد وشيخوخة ومخصصات بطالة وضمان دخل وغير ذلك بمبالغ ضخمة. وسيُحتاج ايضا الى زيادة ميزانية ‘قسم اعادة التأهيل’، لصالح المتضررين من المعارك من الفلسطينيين وعائلات ‘الشهداء’، التي ستكون مستحقة لمخصصات بحسب المعمول به عندنا. فالحديث عن مواطنين متساوين في الحقوق. وسيكون من الضروري ايضا مضاعفة مادة ‘هبات الميزانية’ للقرى والمدن الفلسطينية، التي ستُصنف يقينا في أدنى درجة اقتصادية واجتماعية، فاننا لن نبقيها مع ماء صرف صحي جارٍ في الشوارع وتزويد غير منظم بالماء وطرق مشوشة.
ولا يخطر بالبال ايضا ألا نهب لهم سلة صحية، ولهذا ستتم مضاعفة ميزانية الصحة. ولا جدل ايضا في وجود حاجة الى تخصيص مليارات كثيرة لتحسين جهاز التربية في المناطق لاعطاء كل ولد فلسطيني ما يحصل عليه الطالب في اسرائيل. وستعلم دافني ليف التي ستخرج لمظاهرة اخرى من اجل ‘سكن في متناول اليد’ أن الأحياء السكنية الاولى ستُبنى في جبل الخليل، حيث ما زال الناس يسكنون هناك في كهوف وأكواخ من الصفيح، وفي الديمقراطية يلتزمون قبل كل شيء بالاهتمام بالأشد ضعفا.
وسيُحتاج من اجل الانفاق على هذه الزيادات الضخمة الى رفع مفرط بعشرات الدرجات المئوية لضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة وضريبة الشركات وضريبة الأرباح المالية، وهو ما سيفضي الى هرب المستثمرين، والى هجرة جماعية من البلاد من أبناء الطبقة الوسطى والعليا، والى بطالة ضخمة والى تدهور الى ازمة اقتصادية عميقة. وهذا هو الجانب الاقتصادي فقط للضم. أما الجانب الكامل منه فمتصل بالتاسع من آب/اغسطس وهو يوم صوم لذكرى خراب الهيكل الاول والثاني. إن ريفلين وحوتوبيلي ودنون وليفين يقودوننا الى خراب الهيكل الثالث.
( المصدر : صحيفة هآرتس العبرية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews