ترامب هو الخطر الأكبر عند نتنياهو
مع افتتاح الانتخابات في أيوا هناك ثلاثة جمهوريين واثنان من الديمقراطيين الذين لديهم فرصة واقعية للنجاح في انتخابات للرئاسة. أحدهم سيستبدل براك اوباما ويؤدي اليمين في 20 كانون الثاني 2017 كالرئيس الـ 45 للولايات المتحدة. لو كنت أنا بنيامين نتنياهو لكانت أولوياتي كالتالي: 1- ماركو روبيو. 2- تيد كروز. 3- هيلاري كلينتون. 4- بارني ساندرس. 5- دونالد ترامب. نعم لقد قرأتم بشكل صحيح: ساندرس الاشتراكي اليساري قبل ترامب الرأسمالي اليميني.
التردد بين روبيو وكروز صعب. فمعروف أن شلدون ادلسون ايضا لم يحسم موقفه بعد. الاثنان يعارضان بشدة الاتفاق النووي مع إيران وهما يقولان إنه ليس هناك شريكا فلسطينيا وإن الأمم المتحدة متلونة. وكلاهما رفضا مرة تلو الاخرى علاقة اوباما المهينة مع رئيس الحكومة. «الرئيس يتعامل بشكل افضل مع آيات الله في طهران مقارنة مع رئيس حكومة إسرائيل»، قال روبيو.
كروز ليس لديه قاعدة أساسية للتأييد الطبيعي في الجالية اليهودية التي تخشى من مواقفه المحافظة والمتطرفة في الشؤون الداخلية وعلاقته الوثيقة جدا مع الانفلستيين، وتصريحاته أن الولايات المتحدة هي «أمة مسيحية» والخشية من أنه ومحيطه ليسوا بعيدين عن اللاسامية، أيضا طابعه الذي حوله إلى شخصية أقل شعبية في مجلس الشيوخ. كروز يهتم مؤخرا بالعلاقة مع اليهود الارثوذكسيين الذين يُقدرون تأييده لإسرائيل، ولكن ايضا استعداده لأن يوسع حدود الدستور الأمريكي وتشويش الفصل الكامل بين الدين والدولة.
روبيو في المقابل هو ايضا يتجول بين اليهود المحافظين الذين يؤيدون نتنياهو. وهو يمثل فلوريدا، الولاية التي فيها السكان اليهود في المكان الثالث من حيث عددهم. وهو يحظى بتبرعات اليهود السخية وله تاريخ في تأييد إسرائيل وهو حليف لادلسون، الذي هو من معارضي حركة المقاطعة بي.دي.اس.
الحسم النهائي لصالح روبيو يسقط بسبب الفوارق في الموقف بينه وبين كروز في موضوع الأمن القومي. روبيو مقرب من المحافظين الجدد الذين يؤمنون باستخدام القوة العسكرية الأمريكية إذا لزم الامر. وفي نفس الوقت الذي يُدخل فيه كروز إلى اقواله لهجة انفصالية معينة. فهو يؤيد ابقاء نظام الاسد في سوريا كما هو في حين يطلب روبيو اسقاطه. وكلاهما يعتمدان على نتنياهو. لكن كروز لا يوفر الانتقادات لحرب العراق التي أيدها نتنياهو. وبشكل عام هو غير متلهف لتوريط الولايات المتحدة في حروب الآخرين. من بين الاثنين، يبدو أن روبيو سيتفوق على كروز في موضوع ارسال القوات البرية لمحاربة داعش أو قصف المنشآت النووية الإيرانية إذا فشل الاتفاق معها.
ايضا السيدة كلينتون وكريس كريستي وجون كيفك، لهم أفضليات بالطبع، حتى لو كانوا غير يمينيين مثل كروز وروبيو ـ إلا أن فرصهم في هذه المرحلة تبدو ضعيفة إلا إذا نجح أحدهم في الانتعاش في الانتخابات التمهيدية التي جرت في الاسبوع الماضي في نيوهامفشر. رند بول يثير الخوف مثل والده.
ترامب في المقابل هو صاروخ غير موجه ولهذا يعتبر خطرا حقيقيا بالنسبة لنتنياهو. الملياردير من نيويورك يتحرك على الهامش بين الوسط المعتدل واليمين الراديكالي كما يشاء في شؤون الشرق الاوسط. صحيح هو يعلن تأييده المطلق لإسرائيل، لكنه يلقي عليها مسؤولية غياب السلام. إنه يستنكر الاتفاق النووي مع إيران لكنه لا يلتزم مثل كروز وروبيو بالغائه منذ اليوم الاول له في الحكم. إنه سيعمل على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لكنه يرفض تأييد توحيد المدينة. إنه يتبنى مواقف معارضة للإسلام بشكل يؤثر على الدول العربية المعتدلة التي لها علاقات جيدة مع إسرائيل.
ترامب يؤكد مؤخرا على انتمائه للجناح البرسبتريالي في الكنيسة المسيحية، لكن يوجد له إله واحد هو دونالد ترامب. فحينما تتم اهانته يكون رده سريعا وفظا كما ثبت أكثر من مرة في الحملة. واذا قام نتنياهو باستفزازه من خلال القاء خطاب في الكونغرس دون معرفته، أي تسميته بـ ساذج مثل اوباما، فان رده سيكون قاتلا. قد يسميه ترامب غبي كما سمى خصومه ومنتقديه. وقد يقوم بسلب شرعية نتنياهو كما فعل مع كروز فيما يتعلق بمواطنته الكندية. وسيسأل لماذا غير نتنياهو اسمه إلى بن متاي، أليس من الجدير فحص ذلك؟ وماذا عن الشائعات التي تقول إنه عمل في صفوف وكالة الاستخبارات الأمريكية. هل قام أحد بالتأكد أن هذا غير صحيح؟.
يبدو أن سلوك ترامب واندفاعه أخطر تجاه نتنياهو. فترامب يؤمن أنه يستطيع اعادة التفوق الأمريكي وانهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بسرعة. على عكس كروز الذي يزعم أن الولايات المتحدة يجب عليها الكف عن تقديم النصائح والوعظ لإسرائيل. وهو يعتقد أنه بحاجة إلى ستة اشهر من اجل دفع الإسرائيليين والفلسطينيين للجلوس معا. وهذا ينبع من أنه حذر: في 2004 قال للمرشح الديمقراطي في حينه، جون كيري، إنه يحتاج إلى اسبوعين.
لقد كُتب الكثير عن عدم الصلة بين ترامب وبين المتبرعين المحافظين، اليهود وغير اليهود. ولكن هذا هو موضوع أموال فقط. فترامب هو العدو الاكبر للمحافظين في الحزب ومنهم المؤيدين الجدد لإسرائيل ونتنياهو. ويعتبر المحافظون أن ترامب يسرق الحزب منهم. وقد خصصوا مؤخرا نشرة كاملة في مجلتهم المعروفة، «ناشيونال ريفيو»، في محاولة لسلب ترامب شرعيته. وهو من ناحيته إذا تم انتخابه فلن يغفر ذلك.
خلافا لكلينتون أو ساندرس، إذا قرر ترامب اتخاذ خطوة مناهضة لإسرائيل فلن يكون هناك من يوقفه. الائتلاف المؤيد لإسرائيل الذي يتشكل اليوم من الحزب الجمهوري اضافة إلى جزء كبير من الحزب الديمقراطي، هو الذي كبح خطة اوباما للسلام وحاول افشال الاتفاق النووي مع إيران. لكن هذا الائتلاف سينهار وسيحظى ترامب بتأييد تلقائي من كل اعضاء حزبه الجمهوري سواء في موضوع السلام مع الفلسطينيين أو بفرضه على إسرائيل، وسينضم اليه ايضا معظم الديمقراطيون.
بالنسبة لساندرس اليساري سيحدث العكس تماما. فكل خطوة ستكون له ضد مصلحة إسرائيل ستثير ضده الجمهوريين في الكونغرس مع جزء كبير من الديمقراطيين، لا سيما اولئك الذين يستمرون في انشاء علاقة قوية مع اللوبي الإسرائيلي «الايباك». صحيح أن ساندرس تحدث في السابق وانتقد إسرائيل بسبب قصفها لغزة في صيف 2014، لكنه خلافا لكلينتون فان اهتمامه سينصب على تنفيذ الاصلاحات بعيدة المدى في الاقتصاد والمجتمع الأمريكي. إذا حرصت إسرائيل على عدم ازعاجه فهو سيعاملها بالمثل.
إذا تم انتخاب ساندرس فسيكون اليهودي الاول في البيت الابيض. بالنسبة لنتنياهو هذه نقطة ضعف وليس نقطة افضلية. فساندرس هو من النوع الذي لا يفهمه ولا يحبه نتنياهو. فهو اشتراكي راديكالي مثل المقربين اليهود من اوباما الذين أثروا عليه بشكل سلبي. وهناك مشكلة اخرى لساندرس ستقلق ليس فقط نتنياهو لأنه لا يبدو كمن يتعمق أو يهتم بالشؤون الخارجية والامن. وهذا من شأنه توريط واشنطن في اجراءات خاطئة ستضعف موقفها في الساحة الدولية وتؤثر ايضا على إسرائيل.
كلينتون في المقابل تعتبر من اكثر المرشحين للرئاسة معرفة، لا سيما في الشؤون الخارجية. وحتى لو كانت لا تثير مشاعر الجمهور في الحملة في ايوا أو نيوهامفشر، فان انتخابها سينشيء موجة من التلهف مثل التي رافقت دخول اوباما إلى البيت الابيض. وعلى عكس اوباما، كان لنتنياهو وكلينتون تاريخ طويل من العمل معا منذ كان رئيس جديد للحكومة وكانت هي السيدة الاولى. الامر الذي سيضمن أيضا عودتهما إلى اخطاء الماضي.
(المصدر: هآرتس 2016-02-02)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews