في الحدث: البنك الآسيوي للاستثمار بالبنية التحتية.. ماذا فـي جعبته؟
بإعلان الصين نهاية الأسبوع الماضي رسميا عن تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي يتوقع أن يدشن عملياته مطلع العام الجديد، يتساءل المراقبون عما يحمله البنك الجديد في جعبته كمؤسسة تمويل عالمية جديدة يبلغ رأسمالها الخمسين مليار دولار قابلة للزيادة الى مائة مليار دولار، وما هي تداعياته على مسار اقتصاديات الدول النامية التي يعتمد كثير منها على مؤسسات التمويل الأجنبية في تنفيذ مشروعاتها التنموية؟ وهل يؤمل أن يقدم البنك الجديد شروطا تمويلية أكثر يسرا للدول النامية، وخالية من الأجندات السياسية التي كثيرا ما صاحبت عمليات التمويل والمساعدات التي تقدمها مؤسسات مالية دولية أخرى، خصوصا وأن بعض المراقبين يرون فيه منافسا محتملا وقويا للبنك الدولي والبنك الآسيوي للتنمية.
في الواقع يأتي الإعلان الرسمي عن تأسيس البنك الجديد كمؤسسة تمويلية في ظل ظروف اقتصادية آسيوية وعالمية، يعتبرها مناصروه مواتية، وذلك في وقت يشير فيه الكثير من المؤشرات إلى احتمال أن يؤدي انخفاض اسعار النفط العالمية إلى تزايد الأهمية الاقتصادية لهكذا مؤسسات مالية وذلك لتسيير الدفة الاقتصادية للدول النفطية خصوصا في مجال تمويل بعض المشروعات التنموية على المدى البعيد.
كما يعتبر المراقبون أن الظروف الاقتصادية مواتية أيضا لتدشين هذا البنك، خصوصا عندما يستحضرون للذاكرة بعض الآثار الضارة التي نتجت عن تعاطي بعض الاقتصاديات الآسيوية والأفريقية غير النفطية مع مؤسسات مالية أخرى كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث تأثرت تلك الاقتصاديات سلبا في معظم تجاربها وخبراتها مع تلك المؤسسات، فتضررت اقتصادياتها وتهاوت قيمة الصرف لعملاتها المحلية نتيجة تنفيذها لتوصيات تلك المؤسسات التمويلية بحجة أن تخفيض قيمة العملة المحلية سيحفز سعر الصادر لضمان اعادة دفع القروض التمويلية التي تقدمها تلك المؤسسات.
ومن هنا يصبح السؤال حول ماذا يحمل البنك الآسيوي للاستثمار بالبنية التحتية في جعبته سؤال ملح لكافة المهتمين باقتصاديات التمويل الخارجي، وذلك على أمل أن تشتمل الإجابة على هذا التساؤل على ما يفيد بأن البنك الجديد ربما يأتي بشروط تمويل مختلفة ولو قليلا في نهجها وتعاطيها مع الدول التي تضطر للاقتراض والتعامل معه، خصوصا وأن تمويل البنيات التحتية يعتبر جزءا أصيلا في اسم البنك وأهدافه، وذلك في وقت أكد فيه الصينيون ذوو العلاقة المباشرة به، بأن البنك الجديد سيركز في بداية عملياته على تمويل مشروعات متنوعة في مجال الكهرباء والنقل والبنيات التحتية الحضرية في آسيا، فهي مشروعات حيوية ومهمة و غالبا ما يعتبر تمويلها عقبة كأداء لكثير من الدول في القارة الآسيوية بالاضافة الى القارة الأفريقية التي عانت الأمرين مع مؤسسات التمويل العالمية الأخرى طوال العقود الماضية.
وكيفما كانت أسس ومعايير البنك الجديد وشروطه في تقديم التمويل مختلفة أو مشابهة لمؤسسات التمويل الدولية العاملة حاليا، فهو بالضرورة مؤسسة مالية لها أهدافها الربحية الطويلة المدى.
كما أن وقوف الصين من وراء تأسيس هذا البنك بمشاركة 30.34% من رأسماله كأكبر المساهمين الذين سيكون لهم الصوت الأعلى في اصدار القرارات المهمة بالبنك، يعتبر في حد ذاته اتجاها جديدا للصين نحو تعزيز قدراتها الاقتصادية من خلال إعمال عامل السيطرة الاقتصادية عبر المؤسسات المالية التمويلية، مما يضمن لها اتساعا في نطاق التأثير في مسارات الاقتصاد العالمي بشكل أكبر في حين أنها في الأصل تشكل عنصرا مهما فيه كدولة منتجة ذات أداء اقتصادي قوي وانتاج كبير في مختلف القطاعات الاقتصادية كقطاع المنتجات الاستهلاكية، وقطاع التنقيب عن النفط وانتاجه واستهلاكه أيضا.
فضلا عن أنها أي الصين تعتبر سوقاً استهلاكية مهمة للكثير من السلع الرأسمالية التي تنتجها دول تعتبر الصين الدولة الأولى بالرعاية في تعاملاتها التجارية…وعليه فإن هذا البنك بعد انطلاق عملياته في العام الجديد سيعتبر تدشينا صينيا اقتصادياً لعام 2016 كما سيشكل مساراً جديدا يشقه التنين الصيني نحو وجه جديد من وجوه الريادة الاقتصادية في عالم الغد.
(المصدر: الوطن العمانية 2015-12-29)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews