ماذا بعد عاصفة البنك المركزى ؟
هناك عدة أسباب تضع القرارات الأخيرة للبنك المركزى فى مرتبة (عاصفة التصحيح) للأوضاع التى كانت سائدة فى سوق النقد الأجنبى والتى اتسمت بالفوضى العارمة والمضاربات الضارة بالاقتصاد الوطنى، وبغير دخول فى تفاصيل هذه القرارات فانها واجهت المضاربات على الجنيه المصرى ووضعت حدا لها وحققت الاستقرار فى سوق النقد..
غير أن هذه القرارات رغم تأثيرها العاجل على السوق وسرعة مفعولها الا أن استمرار مفعولها وفاعليتها يحتاج إلى أمرين: أولهما ما يمكن تسميته السوق الكامله للنقد الأجنبى، والثانى أنها تعد أرضية صالحة وبيئة ممكنة لتحقيق اصلاح اقتصادى لا يحتمل الانتظار..
أما عن الأمر الأول فمن المتصور أن يتم استكمال سوق النقد الأجنبى بجانبيه اى البيع والشراء حيث لا يستقيم الأمر ببيع النقد الأجنبى الى البنوك دون أن يتمكن الشخص البائع من الشراء من البنوك عند حاجته للنقد الأجنبى ، والمعنى هنا ممارسة البنوك لبيع وشراء النقد الأجنبى بكل حرية مما سيبعث الثقة لدى الأفراد ويؤدى الى استقرار سوق النقد الأجنبى واستكمال مقوماتها بشكل كامل ، كذلك لا معنى اطلاقا لبيع شهادات الادخاربالدولار المسماة بلادى للمصريين بالخارج وحدهم وانما كان من المتصور فتح المجال للمشاركة أمام حائزى الدولار فى الخارج والداخل ، صحيح أنه تم تدارك ذلك بطرح شهادات بعائد عال مقابل التنازل عن النقد الأجنبى غير أن فاعليتها قد تكون محدودة فى جذب النقد الأجنبى لانحصارها فقط فى هؤلاء الأفراد حائزى الدولار ولذا من المتصور طرح شهادات استثمار بعائد مرتفع متغير أمام المدخرين بالجنيه أو حائزى العملات الأجنبية يكون مغريا لهم على بيع ما يكتنزونه من نقد أجنبى وتحويله الى جنيه مصرى وشراء الشهادات الجديدة، وأيضا وضع سقوف ائتمانية أمام تدفقات المليارات للحد من التضخم وتحجيمه الى الحدود المعقولة أى أقل من عشرة بالمائة.
اذن ما قام به البنك المركزى من قرارات يعد خطوة هائلة فى الطريق الصحيح لوضع سياسة نقدية سليمة نحتاج الى المحافظة عليها وأيضا استغلال البيئة التى نتجت عنها لتحقيق الأمر الثانى وهو الاصلاح الاقتصادى ، وفى ظل الظروف التى نمر بها فان نجاحه مرتبط بعدة عناصر هى الارادة السياسية والاصلاح المالى والاصلاح الهيكلى والمشاركة الشعبية والدعم الاعلامى.
ليس هناك أدنى شك فى توافر الارادة السياسية وعزمها على الاصلاح ، أما الاصلاح المالى فإن أهدافه الرئيسية هى خفض العجز فى الميزانية وتقليص الدين العام المتفاقم والسيطرة على معدل التضخم وهناك الكثير من الأساليب والأدوات الممكنة منها مثلا سرعة التطبيق الدقيق والعادل لضريبة القيمة المضافة وكذا تحصيل المتأخرات الضريبية وتوسيع نطاق الضرائب على الأنشطة المتهربة وفى مقدمتها أصحاب المهن الحرة بوجه خاص والاقتصاد غير الرسمى وابتكار أوعية ضرائيبية جديدة كضريبة متصاعده على مجمل فاتورة المحمول وكذا فرض ضريبة على التصرفات والأرباح الرأسمالية من بيع العقارات والأراضى.
وفيما يتعلق بالاصلاح الهيكلى فإنه يحتاج الى شجاعة وسرعة فى اتخاذ قرارات وقوانين مشجعة للاستثمار وتوفير فرص استثمارية حقيقية ومشجعة لرأس المال الوطنى والأجنبى واعادة تشغيل الطاقات العاطلة ووضع سياسة للصناعة والزراعة وتعبئة القوى الاقتصادية للبلاد المتمثلة فى القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام الذى يحتاج لمعالجة على اسس اقتصادية سليمة تجعله قوة اقتصاديه يعتمد عليها ، وغير ذلك كثير الا أن نجاح كل هذا يرتبط بإعلام وطنى ومشاركة شعبية على اقتناع بعدالة توزيع ثمار الاصلاح والعدالة الاجتماعية ، إن أمامنا فرصة هائلة لبدء الاصلاح نرجو ألا تفلت من أيدينا.
(المصدر: الاهرام 2016-03-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews