Date : 23,11,2024, Time : 03:59:54 AM
11110 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الثلاثاء 17 ربيع الأول 1437هـ - 29 ديسمبر 2015م 03:22 ص

أوضاع المالية العامة للمملكة وموازنة 2016

أوضاع المالية العامة للمملكة وموازنة 2016
أ.د. محمد إبراهيم السقا

على غير العادة احتلت أخبار الميزانية السعودية، سواء بالنسبة للسنة المالية التي انقضت أو بالنسبة للسنة المالية المقبلة، اهتماما غير اعتيادي أخيرا، وذلك بسبب الظروف الحالية التي تمر بها السوق العالمية للنفط الخام، حيث أصبح الجميع يتطلع إلى الصورة التي ستظهر عليها الميزانية الجديدة للمملكة للتعرف على توجهات الإنفاق في ظل الأسعار المتراجعة للنفط، الذي يمثل العمود الفقري لهيكل الإيرادات العامة في المملكة.

في رأيي أن تحليل تطورات الميزانية العامة للعام المقبل لا يمكن أن ينفصل عن الاتجاه العام للمالية العامة في السنوات الماضية. لذلك سوف أحاول أن أركز في هذا التحليل على أداء المالية العامة في السنوات السابقة وربطه بالأداء في السنة المالية الحالية، حتى نتعرف بصورة أكبر على هيكل الميزانية، ولماذا أخذت الميزانية المقبلة شكلها الحالي.

 

الإيرادات الفعلية

الشكل التالي يوضح تطور الإيرادات العامة للمملكة. من الشكل يتضح أن إيرادات المملكة بلغت أقصى مستوياتها في 2012 مع تصاعد أسعار النفط، لتصل إلى 1165.4 مليار ريال، غير أن هذا الاتجاه لم يدم طويلا، حيث أخذت الإيرادات العامة في التراجع السريع خصوصا في عام 2015، حيث انخفضت إلى 608 مليارات ريال وفقا لبيان الميزانية، وبالمقارنة بالسنة المالية الماضية، فقد تراجعت الإيرادات العامة الفعلية بنسبة 41.8 في المائة، يرجع معظم هذا التراجع إلى تراجع الإيرادات النفطية، التي انخفضت من 913.3 مليار ريال في 2014 إلى 445.5 مليار ريال في 2015، بانخفاض نسبته 48.8 في المائة.

 

 

الخبر السار في تطور الإيرادات كما يتضح من الشكل رقم 1 هو نسبة الإيرادات غير النفطية، التي من الواضح أنها في تزايد مستمر منذ العام 2010. في السنة المالية 2015 ارتفعت الإيرادات غير النفطية إلى 163.5 مليار ريال بالمقارنة بـ126.8 مليار في السنة المالية 2014. لم يحدث في تاريخ المملكة أن بلغت الإيرادات غير النفطية هذه المستويات المرتفعة من الإيراد، وفي عام 2012 بلغت نسبة الإيرادات غير النفطية 7.5 في المائة إلى إجمالي الإيرادات العامة. في عام 2015 ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 12.5 في المائة. هذه التطورات الإيجابية في مساهمة الإيرادات غير النفطية في إجمالي الإيرادات العامة تحتاج إلى مزيد من التعزيز، خصوصا أنه بتحليل هيكل الإيرادات غير النفطية نجد أنه ما زال هناك مجال كبير لتطوير هذه الإيرادات وتعزيز دورها في تمويل الإنفاق العام للمملكة.

ووفقا لمشروع الميزانية الجديد من المتوقع أن تبلغ الإيرادات في 2016 نحو 514 مليار ريال، أي بما يقل عن تقديرات الإيرادات في السنة السابقة التي قدرت بنحو 715 مليار ريال بنسبة 28 في المائة تقريبا.

 

المصروفات الفعلية

يوضح الشكل رقم (2) تطور المصروفات الفعلية للمملكة، ومن الشكل يتضح أنه ولأول مرة تنخفض المصروفات الفعلية للمملكة في 2015، مقارنة بالاتجاه العام للمصروفات في السنوات السابقة. ففي عام 2014 بلغت المصروفات الفعلية 1140 مليار ريال تقريبا، انخفضت إلى 975 مليار ريال في 2015، أي بنسبة تراجع 14.5 في المائة، وفيما عدا السنة المالية الماضية، فقد كانت المصروفات العامة تنمو بمعدل 14.3 في المائة سنويا في المتوسط، خلال الفترة من 2003 حتى 2014.

مما لا شك فيه أن هذا الإنفاق المتزايد في السنوات المالية السابقة قد أحدث آثارا واضحة على هيكل الاقتصاد السعودي وبنيته التحتية، ومن المنتظر أن تؤتي ثمار هذا الإنفاق في المستقبل، على النحو الذي يرفع من مساهمة القطاع غير النفطي في المملكة، وبالتالي إيرادات الحكومة غير النفطية، بما يعزز استدامة سلامة المالية العامة واستقرارها بصورة أفضل في المستقبل.

 

 

وكما هو الحال في السنوات المالية الماضية، تجاوزت المصروفات الفعلية تلك المقدرة في مشروع الميزانية، فقد كان من المتوقع أن تبلغ المصروفات 860 مليار ريال في 2015، إلا أن المصروفات الفعلية (975 مليار ريال) تجاوزت تلك المقدرة بنسبة 13.3 في المائة تقريبا.

غير أنه تجب الإشارة إلى أن الزيادة في المصروفات لهذا العام جاءت على نحو استثنائي، أو نتيجة لظروف طارئة، حيث تم صرف مرتبات إضافية لموظفي الدولة من المواطنين، وكذلك لمواجهة الإنفاق الأمني والعسكري الطارئ. وإذا ما استثنينا هذه الزيادات في الإنفاق، فقد كان من المتوقع أن تتوافق تقديرات المصروفات مع المصروفات الفعلية لهذا العام.

ووفقا لمشروع الميزانية الجديدة، فمن المتوقع أن تبلع المصروفات نحو 840 مليار ريال، مقارنة بالمصروفات المقدرة في السنة المالية الحالية التي بلغت تقديراتها 860 مليار ريال، أي بانخفاض نسبته 2.3 في المائة تقريبا.

 

العجز الفعلي

كان من المتوقع وفقا لتقديرات الميزانية لهذا العام أن يبلغ العجز في ميزانية العام الحالي 145 مليار ريال، غير أن العجز الفعل لهذا العام بلغ 367 مليار ريال، أي نحو ضعفي ونصف ضعف العجز المقدر، هذا التصاعد في العجز بالطبع سببه الأساسي تراجع الإيرادات بسبب انخفاض الأسعار السوقية للنفط عن تلك التي تم على أساسها بناء تقديرات الإيرادات، والسبب الثاني هو زيادة الإنفاق عن ذلك المقدر في مشروع الميزانية. ويوضح الشكل رقم (3) مقارنة بين الفائض/ العجز المقدر مقارنة بالفعلي، ومن الشكل يلاحظ أن تقديرات الفائض/ العجز كانت دائما ما تكون أقل من المستويات المحققة.

لكن اللافت للنظر في النتائج المالية لهذا العام هو المستوى القياسي للعجز الذي تحقق في السنة المالية الحالية، وواقع الأمر فقد كان هناك جدل طويل حول مستويات العجز المتوقعة كنسبة من الناتج السعودي، بالنظر إلى الظروف التي سادت في السنة المالية الحالية. فقد سبق أن أعلن صندوق النقد الدولي أنه يتوقع أن تصل نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة إلى نحو 20 في المائة، وكنت اتشكك في هذه التقديرات المبالغ فيها بالنظر إلى حجم الناتج المحلي السعودي. اليوم وفقا لما نشر من تقديرات للناتج المحلي في العام 2015 الذي يتوقع أن يصل إلى 2450 مليار ريال، فإن نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى نحو 14.9 في المائة، وهي أقل ما توقع الصندوق. وعلى أي حال فما لا شك فيه أن هذه النسبة تعد نسبة مرتفعة جدا، وتتجاوز ما يمكن أن ننظر إلى على أنه المستويات الآمنة للعجز التي يقدرها الاقتصاديون بنحو 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

 

 

هذا ومن المتوقع أن يصل العجز المقدر للعام للسنة المالية المقبلة 326.2 مليار ريال، إذا تحققت السيناريوهات التي تم بناء الميزانية في العام المقبل على أساسها، أي بنسب مقاربة للنسبة الحالية للعجز إلى الناتج.

 

الإيرادات والمصروفات الفعلية إلى الناتج

وفقا للشكل رقم 4، بلغت الإيرادات الفعلية إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة أعلى مستوياتها في عام 2008، نظرا للأسعار القياسية للنفط في هذه السنة التي بلغت أعلى مستوى لها عندما بلغ سعر البرميل من النفط نحو 140 دولارا. فقد مثلت الإيرادات الفعلية 56.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، غير أنه في السنة المالية الحالية انخفضت الإيرادات إلى الناتج إلى أدنى مستوياتها، حيث بلغت 24.8 في المائة فقط، وهذا ربما يكون أقل معدل بلغته الإيرادات إلى الناتج في تاريخ المملكة الحديث.

على الجانب الآخر نلاحظ من الشكل أن نسبة الإنفاق إلى الناتج تتصاعد في اتجاهها العام، حتى مع تراجع الإيرادات العامة. ففي عام 2003، بلغت نسبة المصروفات إلى الناتج 31.8 في المائة، ووفقا لما نشر أمس، عن المصروفات الفعلية، فإن نسبة المصروفات إلى الناتج أخذت في التزايد خصوصا في السنوات الأخيرة، حتى بلغت نحو 40 في المائة في السنة المالية الحالية.

هذه المعدلات المرتفعة للمصروفات العامة إلى الناتج توضح طبيعة المخاطر التي تواجه صانع السياسة المالية في المملكة. ذلك أن الإنفاق الحكومي، وحتى الوقت الحالي يمثل المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي وأكبر مكونات الطلب الكلي في المملكة، وعلى أساسه تتحدد اتجاهات معدل النمو بأكمله تقريبا، الأمر الذي لا يمكن معه أن يتم تعديل مستويات المصروفات على النحو الذي يتلاءم مع اتجاهات الإيرادات عندما تتراجع الأخيرة، لأن ذلك سوف يصاحبه تراجع كبير في معدل النمو. من جانب آخر فإنه بتفحص هيكل الإنفاق العام للمملكة نجد أنه يتسم بالجمود النسبي، الأمر الذي يصعب معه تخفيض مستويات الإنفاق بصورة جوهرية عندما تتراجع الإيرادات. في ظل هذه الظروف يصبح عجز الميزانية أمرا لا مفر منه في أوقات تراجع الإيرادات.

 

الدين العام

تعد مؤشرات الدين العام السعودي إلى الناتج في العقد الماضي من أنصع المؤشرات الاقتصادية الكلية، حيث تنخفض نسبة الدين العالم إلى الناتج في المملكة إلى مستويات ندر أن نجدها في العالم. حيث استطاعت المملكة أن تطفئ الجانب الأعظم من دينها العام في غضون فترة زمنية قياسية، ففي عام 1998 بلغت نسبة الدين العام السعودي إلى الناتج حوالي 109 في المائة، وقد كانت من أعلى المعدلات في العالم في ذلك العام. غير أن نسبة الدين إلى الناتج أخذت بعد ذلك في التراجع السريع، حتى بلغت 1.6 في المائة في عام 2014، الأمر الذي يضع المملكة على رأس قائمة أقل الدول المدينة في العالم في ذلك العام. ويوضح الشكل رقم (5) تطور نسبة الدين العام إلى الناتج بين عامي 2003-2015.

 

تقديرية

هذا الاتجاه النزولي لنسبة الدين العام إلى الناتج انعكس بدءا من العام الحالي، حيث بلغ حجم الدين العام وفقا لما نشر أمس نحو 142 مليار ريال، تمثل نحو 5.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وقد حال دون ارتفاع هذه النسبة في هذا العام اعتماد المملكة على احتياطياتها المتراكمة في السنوات السابقة لتمويل العجز بصور أساسية، وعدم تكثيفها اللجوء للاقتراض لتمويل العجز. غير أن المستويات المرتفعة للعجز المقدر، سوف تعني أن نسبة الدين إلى الناتج في طريقها إلى الصعود بمعدلات سريعة مرة أخرى إذا استمرت أسعار النفط منخفضة في ظل الإنفاق المتصاعد للمملكة، وبالتالي من المتوقع أن نرى نسبا أعلى للدين العام إلى الناتج المحلي في المستقبل، ووفقا لما أعلن أمس فإن تمويل العجز سوف يتم وفق خطة تراعي أفضل خيارات التمويل المتاحة ومن ذلك الاقتراض المحلي والخارجي وبما لا يؤثر سلبا على السيولة لدى القطاع المصرفي لضمان تمويل أنشطة القطاع الخاص، بالطبع حتى لا تزاحم الحكومة القطاع الخاص على الائتمان المتاح من خلال النظام المالي المحلي.

 

 

مخصصات الإنفاق في الميزانية المقبلة وفقا لتوزيع الإنفاق العام المتوقع في عام 2016، فإن الإنفاق الأمني والعسكري سوف يحتل النسبة الأكبر بين إجمالي الإنفاق العام، حيث يقدر الإنفاق على هذا القطاع بنحو 213 مليار ريال، وهو اتجاه متوقع، أخذا في الاعتبار الأوضاع الحالية على الحدود السعودية، وكذلك الأوضاع الإقليمية في المنطقة. يليه من حيث الأهمية الإنفاق على قطاع التعليم والتدريب والقوى العاملة، والمقدر بنحو 192 مليار ريال، وهو تطور مهم للغاية، حيث من الواضح بالمقارنة بمستويات الإنفاق على هذا القطاع في السنوات الماضية أن الإنفاق عليه لم يتأثر سوى بصورة هامشية مع تراجع أسعار النفط.

من جانب آخر يقدر أن يتم إنفاق نحو 105 مليارات ريال على قطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية، أي أن إجمالي ما يتوقع أن يتم إنفاقه على هذين القطاعين الأخيرين هو نحو 296 مليار ريال تمثل نحو 35 في المائة من الإنفاق العام، وهو ما يعكس استمرار التزام الحكومة نحو هذين القطاعين الحيويين للمجتمع السعودي.

من جانب آخر ونظرا للاتجاهات الحالية في سوق النفط العالمي، فقد تم تخصيص 183 مليار ريال لأغراض دعم الميزانية السعودية ولمواجهة أي نقص محتمل في إيرادات الدولة النفطية على النحو الذي قد ينعكس سلبا على الإنفاق على المشروعات التي تنفذها الدولة، لذلك تم تخصيص هذه الأموال لضمان استقرار الإنفاق الرأسمالي للدولة.

(المصدر: الاقتصادية 2015-12-29)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد