صناعة الغاز الطبيعي المسال العالمية .. متغيرات واحتفال (2 من 2)
على جانب العرض، على مدى العقود الخمسة الماضية من عمر صناعة الغاز الطبيعي المسال العالمية، شهدت الأسواق توسعا تدريجيا في طاقات إمداد الغاز الطبيعي المسال، هذا التوسع شهد ثلاث موجات من الموردين. الموجة الأولى، سيطرت عليها الجزائر، ماليزيا وإندونيسيا، بينما سيطرت قطر وأستراليا على الثانية. في حين أن الموجة الثالثة يمكن أن تأتي من نحو 25 دولة أخرى، كثير منها لديها حاليا طاقات ضئيلة فقط أو معدومة، لكن بحلول عام 2020، سيكون بوسع بلدان الموجة الثالثة توفير ما يصل إلى 30 في المائة من الطاقات الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في العالم.
من بين أبرز مصدري الموجة المحتملة الجديدة من الغاز الطبيعي المسال هم كل من الولايات المتحدة، كندا وموزمبيق. في الولايات المتحدة يتطلب القانون الأمريكي الحالي الحصول على رخصة تصدير من وزارة الطاقة من أجل تصدير الغاز الطبيعي المسال. بصورة عامة، يعتبر تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى الدول التي لديها اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة من المصلحة العامة وتتم الموافقة عليه عادة من دون تعديل أو تأخير. في حين أن وزارة الطاقة الأمريكية تملك حرية أكبر في تعديل شروط أو الظروف التي تنص عليها في النظر في طلبات التصدير إلى البلدان التي ليس لديها اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة. في الوقت الحاضر، الولايات المتحدة لديها اتفاقية للتجارة الحرة من 19 دولة، من بينها فقط كوريا الجنوبية وسنغافورة من المحتمل أن تمثل أسواقا مهمة ومجدية اقتصاديا للغاز الطبيعي المسال.
اعتبارا من آذار (مارس) من العام الحالي، قدمت 24 شركة طلبات لتصدير الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، وقد تمت الموافقة حتى الآن على 21 من هذه الطلبات التي تخص الدول التي لديها اتفاقية التجارة الحرة معها، في حين حصلت الموافقة على طلب واحد فقط لتصدير الغاز المسال إلى البلدان التي ليس لديها اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة. المشاريع المقترحة للتصدير تقع في الغالب على ساحل خليج المكسيك، لكنها تشمل أيضا مرافق مقترحة تقع على الساحلين الشرقي والغربي. الأهم من ذلك، أن معظم طلبات التصدير التي قدمت حتى الآن، ستعتمد على وحدات تم تحويرها من مرافق قائمة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال. هذه المشاريع التصديرية المحورة من المرجح أن تتمتع بمزايا كبيرة في التكاليف من حيث البنية التحتية القائمة (خاصة من جانب وحدات المساندة، مرافق التخزين ومرافق الميناء)، مقارنة بغيرها من المشاريع الجديدة بالكامل، التي لا تمتلك مثل هذه البنية التحتية القائمة بالفعل.
الطاقات المقترحة لتصدير الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة تقدر بأكثر من 200 مليون طن متري سنويا. لكن من غير المرجح أن تحتاج الأسواق إلى جميع هذه الكمية في أي وقت قريب، حيث إن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال في عام 2012 بلغ نحو 250 مليون طن متري سنويا أو أكثر بقليل، من المحتمل أن يصل إلى 400 مليون طن متري سنويا بحلول عام 2020 وإلى 500 مليون طن متري سنويا بحلول عام 2030. من الواضح أن اتفاقيات تعهدات الشراء الرصينة ستكون حاسمة لمشاريع الولايات المتحدة للمضي قدما.
في كندا اقترحت الشركات ثمانية مشاريع لتصدير الغاز الطبيعي المسال من غرب البلاد بطاقة إجمالية تقرب من 75 مليون طن متري سنويا. كما هو حال الولايات المتحدة، ليس من المتوقع أن تنفذ جميع المشاريع المقترحة كما هو مخطط لها. إن المشاريع المقترحة الجديدة تعتمد على موارد كبيرة من الغاز الطبيعي في غرب كندا، على سياسات الحكومة الداعمة وعلى بيئة ملائمة ومرحبة بالاستثمار الأجنبي. على عكس الحالة في الولايات المتحدة، شركات النفط العالمية الكبرى تقود المشاريع الكندية في المقام الأول ومعظم المشاريع المقترحة يسهم فيها شركاء من آسيا، ولا سيما من الشركات اليابانية، الصينية، الكورية والماليزية. لكن هذه المشاريع سوف لن تستفاد من أي بنية تحتية قائمة، حيث إن المشاريع الكندية جديدة بالكامل عكس مثيلاتها في الولايات المتحدة التي استفادت من البنية التحتية القائمة. كما أن الشركات القائمة على المشاريع، إضافة إلى قيامها ببناء مرافق التسييل والتصدير من الصفر، فإنها ستقوم أيضا بتطوير موارد الغاز. تتطلب هذه المشاريع أيضا مصادر تمويل إضافية، على الأرجح من طرف ثالث، لبناء البنية التحتية خصوصا الأنابيب لنقل الغاز من مصادر الغاز إلى مرافق التسييل والتصدير على الساحل.
الموجة الأولى من مشاريع الغاز الطبيعي المسال تم تنفيذها بتكاليف رأس مالية لم تتجاوز 200 مليون دولار لكل مليون طن متري سنويا، مع بعض الاستثناءات القليلة، الموجة الثانية من طاقات تسييل الغاز تم تنفيذها بصورة عامة بتكاليف راوحت بين 500 و1500 مليون دولار لكل مليون طن متري سنويا. لكن الموجة الثالثة من مشاريع الغاز الطبيعي المسال تواجه تحديا كبيرا نتيجة ارتفاع التكاليف بصورة كبيرة جدا. في هذا الجانب تشير تقديرات الصناعة إلى أن المشاريع العاملة حاليا تم تنفيذها بتكلفة لا تتجاوز 1200 مليون دولار لكل مليون طن متري سنويا في المتوسط، في حين أن متوسط تكلفة المشاريع المقترحة حديثا تتطلب نحو 2600 مليون دولار لكل مليون طن متري سنويا في المتوسط، أي أكثر من ضعف المعدل السابق.
إن مشاريع الغاز الطبيعي المسال المقترحة تتصاعد بوتيرة أسرع بكثير من قدرة الصناعة على تنفيذها، مشاريع الغاز الطبيعي المسال الأسترالية على العموم هي الأكثر معاناة من ارتفاع التكاليف وتأخر التنفيذ، حيث لم تقدم أي دولة في العالم في أي وقت مضى على التخطيط لبناء هذا العدد الكبير من مشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال في الوقت نفسه. في الوقت الحاضر تكلفة المشاريع الأسترالية تعتبر بصورة عامة ضمن الحدود العليا للتكلفة.
إضافة إلى ارتفاع التكاليف والتسعيرة، هناك تحديات ومخاطر أخرى تواجه مشاريع الغاز الطبيعي المسال على الشركات التعامل معها ومعالجتها. القضية الأكثر أهمية التي تواجه صادرات الغاز الطبيعي المسال في أمريكا الشمالية هي التحديات السياسية، خصوصا في الولايات المتحدة، حيث من الممكن أن يترتب على تصدير الغاز الطبيعي المسال آثار في تكلفة الطاقة المحلية. في هذا الجانب الصناعات التي تعتمد بكثافة على الغاز، خصوصا تلك التي اكتسبت أخيرا ميزة تنافسية دولية مع انخفاض أسعار الغاز في الولايات المتحدة، تعارض بشدة تصدير الغاز الطبيعي المسال.
في كندا، المخاطر تتركز حول تزايد المعارضة من قبل الجماعات المؤيدة للبيئة، ولا سيما فيما يتعلق بمد خطوط الأنابيب المحتملة أو تلك التي تخص التسربات خلال عملية النقل، تتركز التحديات أيضا حول القضايا التي تخص أصحاب الأراضي الأصليين التي تقع مرافق التصدير وخطوط الأنابيب على أراضيهم.
أخيرا، للصناعة سجل تاريخي من حيث تأخر الجدول الزمني للتنفيذ وتجاوز التكاليف، عدد قليل فقط من مشاريع الغاز الطبيعي المسال الأخيرة تم تسليمها في الوقت المحدد وضمن الميزانية المحددة، ويبدو أن الأمور تزداد صعوبة للقيام بذلك.
( المصدر : الاقتصادية السعودية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews