انخفاض التكاليف يدعم النفط الصخري
قبل انهيار أسعار النفط في أواخر عام 2014، أحرز معظم شركات النفط الأمريكية العاملة في موارد النفط غير التقليدية تقدما كبيرا في مجال تحسين كفاءة العمليات وخفض التكاليف. في الوقت الحاضر، يقوم منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة بفعل ذلك بصورة أكبر، حيث إن الانخفاض الحاد في أسعار النفط حفز الشركات على العمل أكثر لخفض تكاليف الخدمات الهندسية "عمليات الحفر، التكسير والإكمال" وتركيز النشاط على تشكيلات الصخر الزيتي العالية الجودة بانتظار تعافي أسعار النفط من جديد. وبالفعل مع انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2009، بدأت الشركات بتقليص نشاطها في التشكيلات الأكثر تكلفة، مثل حوض الصخر الزيتي "باكن" في ولاية داكوتا الشمالية، والتركيز على تشكيلات الصخر الزيتي المربحة في ولاية تكساس.
على سبيل المثال، تسعى شركات النفط الصخري الرائدة التي تعرف بـ "المستقلة" مثل EOG Resources وContinental Resources إلى تقليص عملياتها في حوض "باكن" وتأجيل عمليات الإكمال حتى تستعيد أسعار النفط زخمها التصاعدي مرة ثانية. على النقيض من ذلك تقوم الشركة الأولى بالحفاظ على مستوى عال من النشاط في حوض "النسر فورد" في جنوب ولاية تكساس. وتقوم الشركة الثانية بفعل الشيء نفسه في تشكيل "السبرنكر" في ولاية أوكلاهوما.
مع جمود النشاط في عديد من تشكيلات الصخر الزيتي الهامشية في الوقت الحاضر، من المتوقع أن يتباطأ نمو الإنتاج في الولايات المتحدة. لكن المناطق الأساسية في تشكيلات الصخر الزيتي الرئيسة هي في وضع جيد وستظل مربحة وتحقق هوامش ربح كافية، خصوصا مع انخفاض تكاليف التشغيل إلى أدنى مستوى لها من أي وقت مضى. بالفعل، حددت الشركات العاملة في هذه التشكيلات عدة مناطق عالية الجودة ضمن الأحواض الرئيسة المنتجة التي يمكنها الصمود حتى في حال انخفاض أسعار النفط إلى دون أدنى مستوى رأيناه حتى الآن.
في هذا الجانب، ذكرت دراسة صدرت حديثا أجرتها شركة وود ماكينزي أنه في ظل الظروف الحالية، هناك ثلاثة تشكيلات رئيسة من الصخر الزيتي ستبقى اقتصادية عند أسعار نفط غرب تكساس الوسيط دون 50 دولارا للبرميل، هي تشكيل Nesson في حوض باكن، تشكيل Karnes Trough في حوض النسر فورد وتشكيل "السبرنكر" في ولاية أوكلاهوما. يمثل تشكيل Karnes Trough 4 في المائة فقط من مساحة حوض النسر فورد، لكن بحلول العام المقبل من المتوقع أن يشكل إنتاجه نحو 25 في المائة من إنتاج الحوض ككل. في ظل مستوى الأسعار الحالية، تحتاج باقي مناطق الصخر الزيتي إلى انخفاض تكاليف الخدمات بنسبة 30 في المائة عن مستويات العام الماضي لتحقيق معدل عائد في حدود 10 في المائة. في الوقت الحاضر، تتوقع الشركات العاملة أن تنخفض التكاليف بنسبة 20 في المائة على الأقل في هذا العام. سيسهم هذا الانخفاض في التكاليف مع الانتعاش المتواضع في أسعار النفط في تحسين اقتصاديات تشكيلات الصخر الزيتي في الولايات المتحدة.
في الواقع إن عملية انخفاض التكاليف مستمرة، حيث إن تراجع عدد منصات الحفر العاملة وتأخير عمليات إكمال الآبار أديا إلى انخفاض الطلب على الخدمات الهندسية والمعدات، ما دفع بشركات الخدمة إلى خفض أجورها. إلا أنه من السابق لأوانه معرفة إلى أي مدى ستقوم الشركات العاملة بتقليص نفقاتها الإجمالية، لكن تكاليف خدمات الحقول النفطية انخفضت بالفعل إلى حد كبير، كما أن انخفاض أسعار الخدمة يمكن الشركات العاملة من إيجار معدات عالية الجودة ما يحسن كفاءة عملياتهم.
أظهر أحدث بيانات شركة بيكر هيوز أن عدد منصات الحفر الأفقية في الولايات المتحدة انخفض بنحو 524 منذ بداية العام وبنحو 400 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لكن معدل انخفاض عدد منصات الحفر يبدو قد تباطأ الآن. ولقد لاحظت الشركات الأمريكية الرائدة في مجال الخدمات الهندسية أن أغلبية منصات الحفر المتوقفة عن العمل لديها هي من النوع القديم، في حين أن الطلب على منصات الحفر الحديثة الأكثر كفاءة لا يزال متماسكا. وأشاروا إلى أن الأسعار الفورية لمنصات الحفر البرية تراجعت بنحو 20 في المائة في جميع التشكيلات. في مجال إكمال الآبار، انخفاض نشاط الحقول النفطية قد خفف من الطلب وخفض أيضا أسعار المواد المستخدمة في عمليات التكسير الهيدروليكي، مثل المواد الكيماوية والمواد الساندة التي تعرف بـ Proppants.
وبالفعل، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية والمحللون ارتفاع نشاط الشركات في وقت لاحق من هذا العام وبمجرد أن تتماشى تكاليف الخدمات بصورة أفضل مع انخفاض أسعار النفط. بالنسبة للوقت الراهن، من المتوقع أن يستمر إنتاج الولايات المتحدة في الارتفاع خلال النصف الأول من العام، مع انخفاض محتمل في الربعين الثالث والرابع. تشير توقعات إدارة معلومات الطاقة على المدى القصير إلى أن إنتاج الولايات المتحدة سينخفض بنحو 200 ألف برميل في اليوم إلى 9.15 مليون برميل في اليوم من الربع الثاني إلى الثالث من هذا العام. تتوقع الإدارة أيضا أن أسعار خام غرب تكساس الوسيط ستكون في المتوسط بحدود 51.65 دولار للبرميل خلال العام، وتقترب من نهاية 50 دولارا للبرميل في الربع الرابع من العام، هذا المستوى يعتبر مرتفعا بما فيه الكفاية لتحفيز الإنتاج، خصوصا عندما يقترن مع انخفاض تكاليف الخدمات الهندسية.
على الرغم من أن مستوى أسعار خام غرب تكساس الوسيط قد تجاوز الآن حاجز 60 دولارا للبرميل، إلا أن بعض المحللين أكثر تشاؤما، حيث يتوقعون أن يستمر إنتاج النفط في الولايات المتحدة في التراجع حتى أواخر عام 2016، مؤجلين بذلك الانتعاش إلى عام 2017.
(المصدر: الاقتصادية 2015-05-13)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews