المستهلكون الحذرون يخفقون في جني مكاسب انخفاض النفط
أحد الأحداث غير المهمة الكبيرة في الاقتصاد العالمي خلال الـ 18 شهرا الماضية كان فشل المستهلكين في البلدان المتقدمة في إنفاق ما يكفي من الأرباح غير المتوقعة من هبوط أسعار النفط لتوليد دفعة قوية للنمو.
في الولايات المتحدة واليابان أقدمت الأسر على ادخار كثير من زيادة الدخل الناجمة عن النفط الرخيص. ولم تكن قوة المكاسب غير المتوقعة في منطقة اليورو كافية لتفادي الحاجة إلى التسهيل النقدي المتطرف، بما في ذلك أسعار الفائدة السلبية.
ليس من الصعب العثور على تفسيرات لذلك. فمع وجود قطاع كبير للطاقة، تعرضت الولايات المتحدة لأضرار كبيرة في الاستثمار. في الوقت نفسه، تقليص الرفع المالي في أعقاب الأزمة المالية والمخاوف بشأن مستقبل تحوطه عوامل اللبس، كلها عوامل تضعف رغبة الأمريكيين في الإنفاق.
في اليابان، الزيادة في ضريبة الاستهلاك في عام 2014 انتزعت من المستهلكين مبالغ أكثر من عائدات النفط المفاجئة التي حصلوا عليها. أما بالنسبة لمنطقة اليورو، فلا يزال التقشف يسود والغرائز النشطة عند أدنى مستوى لها.
في الوقت نفسه، يقول مختصو الاقتصاد في صندوق النقد الدولي إن ما تسبب في حالات الكسب المفاجئ الماضية لم يكن مجرد هبوط أسعار النفط، وإنما اقتران هذا التراجع مع انخفاض أسعار الفائدة. والمشكلة اليوم هي أن أسعار الفائدة انخفضت بالفعل إلى مستويات متدنية للغاية قبل انهيار النفط. ومع بلوغ أسعار الفائدة نسبا منخفضة، يتقلص الحافز لإنفاق الكسب المفاجئ، لأن المستهلكين لا يخشون من أن الأسعار على وشك الارتفاع. ويمكن أن يغتنموا الفرصة لادخار مبالغ أكثر، لأنه في عالم تسوده أسعار الفائدة المنخفضة، تنشأ حاجة إلى وعاء أكبر للمدخرات لتحقيق عائد مستهدف معين على الاستثمار.
هل من الممكن أن يتم تأخير تأثير الكسب المفاجئ ببساطة، وأن ديناميات نقل الموارد من منتجي النفط إلى المستهلكين على وشك التغيير؟
ربما، لكن من الصعب أن نرى تطورات كثيرة في اليابان، حيث فشل التسهيل الكمي الهائل في تفكيك السيكولوجيا الانكماشية ولم يتمكن من منع الارتفاع في قيمة الين في الأسابيع الأخيرة. منطقة اليورو ستكون مكانا أكثر من طبيعي للانتعاش الناجم عن انخفاض النفط، لأنها على عكس الولايات المتحدة، لا تعاني عبئا كبيرا في قطاع الطاقة. من هذا الباب، إذا كان هذا سيحدث في أوروبا، فإنه سيكون بالتأكيد قد حدث في اليابان الآن.
الولايات المتحدة هي المكان الذي يمكن أن تكون فيه الحجة قابلة للجدل. توفر بيانات سوق العمل الأخيرة بعض الأمل في استهلاك أكثر انتعاشا. لاحظ، أيضا، أنه في حين واصلت مدخرات الأسر الارتفاع مع تراجع أسعار النفط مرة أخرى في كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)، لم يتخذ المستهلكون استراتيجيات دفاعية كما فعلوا سابقا. وارتفع نمو الإنفاق. الانخفاض في مبيعات التجزئة في آذار (مارس)، مدفوعا بانخفاض في مبيعات السيارات، لا يفيد هذه الفرضية، لكن يمكن تعليل ذلك منطقيا بالرجوع إلى تشديد الأوضاع المالية والخوف السائد من الركود ـ الذي تضاءل منذ ذلك الحين.
أمر آخر مفيد هو ضعف الدولار مقابل الين واليورو، ما يعزز احتمالات الأرباح في قطاع الشركات. حتى وقت قريب، تدفقات رؤوس الأموال كانت ترقص على أنغام التلاعب بالعملات من قبل البنوك المركزية. لكن كما أشرت في هذا العمود من قبل، تعودت الأسواق أخيرا على تحييد التخفيضات التنافسية. وكما أشار كل من بن ستايل وإيما سميث، من مجلس العلاقات الخارجية، يبدو أن الأسواق الآن تمارس رد فعل عقلانيا على التحركات في فروق أسعار الفائدة.
وعلى الرغم من أن أسعار الفائدة الأساسية من بنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي تراجعت إلى مستويات أدنى بكثير من سعر الفائدة على ودائع البنوك لدى الاحتياطي الفيدرالي، كانت قراءات التضخم في الولايات المتحدة في اتجاه صعودي. وقد دفع هذا أسعار الفائدة الأمريكية المعدلة حسب التضخم الحقيقي لتصبح أقل من تلك الموجودة في اليابان ومنطقة اليورو.
ومع أن البنك المركزي الأوروبي كان يحرث بعمق في مناطق أسعار الفائدة السلبية، إلا أن انخفاض التضخم في منطقة اليورو يعني أن أسعار الفائدة الحقيقية في منطقة اليورو ارتفعت هذا العام. لذلك الين واليورو ليسا مجرد ملاذات من العاصفة. الفروق في أسعار الفائدة التي تجعل أوروبا واليابان وجهتين جذابتين للمدخرات تعد أحد أسباب ضعف الدولار.
وبالنظر إلى أن معدل التضخم في الولايات المتحدة يتجه نحو الارتفاع بشكل أسرع مما هو عليه في اليابان أو في منطقة اليورو، فقد يستمر ضعف الدولار معنا لبعض الوقت - على الرغم من أن هذا التأكيد يجب أن يكون مصحوبا بالتحذير الصحي المعتاد الذي يصاحب جميع توقعات العملة.
هل يعمل هذا على إحداث أثر على حجة تقول إن هناك المزيد من مفعول الثروة المفاجئة في الطريق؟ هذه حجة أخشى أنها ليست مقنعة تماما - لأن من الواضح تماما أن الرياح المعاكسة تعتبر قوية جدا في الوقت الحاضر.
(المصدر: فايننشال تايمز 2016-04-24)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews