تشييع جنازة القطن المصري !!
عادت بى الذاكرة قبل 45 عاما مضت عندما كنت تلميذا بالابتدائى وكنت اعايش فى قريتى مواسم جنى القطن .. حيث كان يقيم والدى رحمه الله عليه فى الدوار ما يسمى مكبس القطن الذى يشهد عملا يوميا طوال الموسم .. فى الفجر يذهب الجناية (عمال جنى القطن ) الى الحقول حتى قبل صلاة المغرب ويعودون مع ما جمعوه فى اجولة من الخيش يتم وزنها وادخالها للمكبس .. وبعد صلاة العشاء يبدأ عمل رجال المكبس .. وكنت ارى فى غرفة خصصها والدى كميات كبيرة من قطع قماش القطن والكتان الرجالى والحريمى الذى كانوا يسمونه ( المقطع للرجال ) والجلابية للسيدات والمناديل المحلاوى نسبة الى مصانع المحلة ليتم توزيعها على العمال وزوجاتهم وابنائهم مع بعض النقود مقدما تحت حساب الجنى .. كما كان يشهد موسم جنى القطن رواجا كبيرا فى دكاكين البقالة بالقرية ويتم البيع والشراء بالقطن الذى كان يتم وزنه بالرطل وقتئذ .. المهم ان موسم القطن فى قرى مصر كان عيدا كبيرا ومصدر رزق ورواج للجميع حتى ان الافراح وعقود الزواج كانت تؤجل حتى يأتى هذا الموسم .
المهم .. مر امام عينى شريط الذكريات هذا بعد قرأتى تصريحات الدكتورعادل البلتاجى وزير الزراعة الصادمة عن القطن .. وعلى الرغم من ان السنوات الطويلة الماضية شهدت تدهورا تدريجيا فى القطن وزراعته وتسويقه واهمال الدولة والفلاح له حتى اصبحت المساحة المنزرعة لاتزيد عن 2٪ مما كان يزرع من قبل .. تدهور ايضا حال الكثير او معظم مصانع وشركات حلج الاقطان والغزل والنسيج او تم التخلص من بعضها بما سمى برنامج الخصخصة .. الا ان تصريحات الوزير الان وفى هذا الوقت كالنت اكثر من صادمة ونزلت كالصاعقة على رءوس الجميع وليس الفلاحين فحسب . لانها المره الاولى التى تعلن فيها الحكومة ممثلة فى وزيرها وفاة القطن المصرى المريض .. يحمل فيها الوزير الفلاحين مسئولية زراعته .. وتخلى الدولة عن سياستها فى دعم هذا المحصول الاستراتيجى .. واسقاط القطن المصرى طويل التيلة من عرشه ويضع نهاية لمصانع الغزل والنسيج والزيوت وعلف الماشية وغيرها الكثير من الصناعات .
للاسف جاء اليوم الذى يأتى فيه وزير فى الحكومة المصرية ويعلن خبر وفاة اهم المحاصيل الاستراتيجية ويطلب من الجميع المشاركة فى تشييع الجنازة لانه - على حد قوله - لم يعد القطن المصرى يصلح للتصدير ولا تعتمد عليه المصانع المحلية لانه الاغلى سعرا بين الاصناف المستوردة .. وبدلا من ان يبحث الوزير الهمام عن علاج للمريض ويضع حلولا عملية تحافظ عليه ويكلف فريقا للبحث لاعادته الى سابق عهده .. اختار سيادته اسهل الطرق التى تريحه من وجع الدماغ ويعطى اشارة البدء لانتقال القطن الى مثواه الاخير وتخليص الفلاحين من شروره !!
سيادة الوزير .. يؤسفنى ان ما يعطية الرئيس السيسى للفلاحين باليمين تضيعه انت بالشمال .. وما يقدمه المهندس ابراهيم محلب من وعود لدعم صناعة الغزل والنسيج تمسحها انت با ستيكة !!
اعلم ان الاعباء ثقيلة على الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس وزرائه المهندس ابراهيم محلب لكنهما مسئولان عن فلاحى مصر وعليهما الوقوف بجانبهم والحفاظ عليهم وايضا الحفاظ على محصول مصر الاستراتيجى.. وهما مسئولان ايضا مسئولية مباشرة عما يرتكبه بعض وزراء الحكومة من اخطاء فادحة تهدر ما يقدمانه من جهود .
وننتظر التدخل السريع للعلاج واصلاح ما يفسده امثال هؤلاء من الوزراء والمحافظين والمسئولين الذين لم يعد لديهم ما يقدمونه .. ولابد من تغييرات سريعة تأتى بالكفاءات واهل الخبرة .
(المصدر: الجمهورية المصرية 2015-01-15)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews