أسواق الطاقة المتوترة تهبط بأرباح سندات النفط الصخري
الاستثمار في وول ستريت هذا العام قدم العديد من المفاجآت، بعضها جاء مع لسعة مؤلمة.
في بداية عام 2014، عدد قليل من الناس توقعوا عاما ثالثا على التوالي من المكاسب ذات الأرقام من خانتين لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 وعائدات منخفضة بشكل حاد لسندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل. أما بالنسبة لأسعار النفط، الانهيار من أكثر من 100 دولار للبرميل إلى أدنى مستوياتها منذ خمسة أعوام كان غير متوقع.
الانخفاض المفاجئ في النفط الخام يوضّح التهاون الراسخ الموجود في الأسواق لعدة أعوام. وجانب كبير من هذا جاء من الإجراءات النشطة للبنوك المركزية، التي شجعت المستثمرين على التقليل من المخاطر والسعي وراء العوائد.
والانخفاض الحاد في أسعار الطاقة يعتبر تحذيرا بأنه حتى الأسواق الأكثر حماساً تتغير في نهاية المطاف، أو تختبر ما يُعرف باسم "لحظة مينسكي".
وسلَّط الاقتصادي هايمان مينسكي الضوء على كيف أن الهندسة المالية والرهانات ذات الرفع المالي القائمة على فكرة أن أسعار الأصول ستستمر بالتصاعد، عادةً ما تصل في مرحلة ما إلى ذروة ومن ثم تبدأ بالتراجع.
والدورة الكلاسيكية للطفرة ثم الانهيار ربما تتمثل تماماً فيما نشهده الآن مع الطاقة والسندات الخطرة. فقد أوجدت طفرة طويلة في مجال الحفر والتنقيب عن النفط والغاز في الولايات المتحدة الكثير من التمويل من سوق السندات الخطرة التي تضم المستثمرين الراغبين في العوائد، الذين قللوا من خطر حدوث صدمة كبيرة تُلحق الضرر Fمقتنياتهم.
وانكشفت حقيقة مثل هذا التفكير المتفائل مع انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 70 دولارا للبرميل ـ ويرى بعض المراقبين أنها تتجه نحو 40 دولارا.
وبالنسبة لسوق السندات الخطرة في الولايات المتحدة، الموضوع الذي تم تجاهله منذ مدة طويلة، وهو وجود علاوة كافية للتحوط ضد المخاطر المترتبة على الدخول في الديون، أثير من حالة السبات التي كان عليها. فالبنوك التي وسعت القروض إلى شركات تطوير النفط والغاز الصخري هي أيضاً قلقة، في حين أن قطاع العقارات والشركات الأخرى التي تعتمد على طفرة الطاقة في الولايات المتحدة قد تكون لديها مشاكل أيضاً.
لكن بحسب وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، ربما تميل البنوك لأن تكون "متساهلة" مع شركات إنتاج النفط الصخري المُثقلة بالديون. وترجح الوكالة أن تظهر البنوك التسامح، كما حدث في انهيار أسعار النفط السابق خلال 2009/2008، بدلاً من الضغط على الشركات لإجراء إعادة هيكلة أو إعلان الإفلاس.
وقال مارك سادجيان، من وكالة فيتش "لا نزال نعتقد أنه سيكون هناك استمرار لتدفق الائتمان". وأضاف "هل ستكون البنوك هي التي تضغط على الشركات؟ نحن لا نعتقد ذلك".
وطفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة في الأعوام الخمسة الماضية كانت بقيادة الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، التي قامت بشكل عام بالإنفاق على حفر الآبار أكثر مما كسبته من مال من العمليات، ما يعني أنها كانت بحاجة إلى تمويل نفسها خارجياً، عادة من خلال الديون.
وزاد إصدار السندات ذات العائد المرتفع من قِبل شركات التنقيب والإنتاج من 2.5 مليار دولار في عام 2003 إلى 27.7 مليار دولار في عام 2014، وفقاً لوكالة ديلوجيك.
وارتفع متوسط صافي الديون لشركات تنقيب وإنتاج النفط والغاز الأمريكية البارزة من 981 مليون دولار في عام 2005 إلى 2.46 مليار دولار العام الماضي، بحسب بيانات وكالة بلومبيرج.
والإقراض المصرفي لشركات النفط الصغيرة عادة ما يرتبط بقاعدة اقتراض تمثل قيمة احتياطيات النفط والغاز في الشركة. وعندما ينخفض سعر النفط تنخفض أيضاً قيمة تلك الأصول، ما يعني أن حدود الاقتراض للشركات ستكون مُقيّدة.
وعادة ما يتم تقييم قاعدة الاقتراض مرتين سنوياً وفي حال تجاوز الإقراض للشركة الحد عندها يتم تقليصه.
وفي 2009/2008، عندما انخفض سعر النفط من أكثر من 147 دولارا إلى أقل من 33 دولارا، قبل أن ينتعش، انخفضت قاعدة الاقتراض المتوسطة لشركات النفط بنسبة 17 في المائة فقط، وفقاً لوكالة فيتش.
وبدلاً من سحب الائتمان، بإمكان البنوك الضغط من أجل شروط مُحسّنة، بما في ذلك طلب رسوم أعلى.
ومنذ بداية العام حتى الآن يظهر مكوّن الطاقة لسوق السندات الخطرة في الولايات المتحدة عائدا إجماليا يبلغ سالب 5.3 في المائة، في حين أن مؤشر بانك أوف أمريكا ميريل لينتش للعائدات الأمريكية المرتفعة، واسع النطاق، كسب 3.1 في المائة. وبينما حققت السندات الخطرة متوسط عائد يبلغ 6.1 في المائة، دفعت قضايا الطاقة الأسعار إلى تراجع حاد وهي حالياً تحقق عائدات تراوح بين 8 و9 في المائة.
مثل هذه النتيجة توضّح سبب كون بعض المديرين في سوق السندات حذرين لبعض الوقت بشأن ملاحقة بعض الشركات ذات السندات الخطرة، أو ما يُطلق عليه "الاندفاع نحو سقط المتاع".
وداخل سوق السندات الخطرة واسعة النطاق، تُمثّل الطاقة نحو 16 في المائة، أي زادت أربعة أضعاف خلال العقد الماضي. بالتالي ليس من المستغرب أن ضعف الأداء الحاد لقطاع الطاقة أثر على العوائد لفئة الأصول المذكورة.
هذا قد يُنذر قريباً بموجة من عمليات إعادة الهيكلة والعجز عن التزامات الديون، وهي نتيجة من النوع الذي طالما قلل المستثمرون والمصرفيون من أهميته، وقالوا إنها لن تصل حتى عام 2017، جزئياً بفضل إجراءات السياسة النقدية النشطة للاحتياطي الفيدرالي منذ عام 2009.
حالياً، نحو ثُلث إصدارات السندات من الدرجة المضاربة من شركات الطاقة يتم تداولها بشكل ضعيف جداً بحيث تكون مؤهلة ليتم تصنيفها على أنها متعثرة، وهو ما يُشير إلى احتمال كبير بأن تتم إعادة هيكلتها.
مارتن فريدسون، كبير الإداريين الاستثماريين في الشركة الاستشارية "ليمان، ليفيان وفريدسون" يعتقد أنه في حين أن سندات الطاقة الخطرة تمثّل سُدس السوق الإجمالية، إلا أن القطاع تتم رؤيته على أنه مسؤول عن نحو نصف العجز المتوقع في الشهور الـ 12 المقبلة. ويتوقف الكثير على ما إذا كانت أسعار النفط ستستقر، أو ربما حتى ستنتعش.
ويمكن حتى التقدم بحجة لمصلحة عروض سندات الطاقة المعتلة تماما باعتبارها فرصة لأشجع المستثمرين، كما كان الحال في أوائل 2009. لكن الأرجح هو أن سندات قطاع الطاقة وأسعار الأسهم ستظل عُرضة للضغط، خصوصا في حال اتجهت أسعار النفط إلى الأدنى.
ومديرو الاستثمار ليسوا في مزاج يشجعهم على الدخول في تعاملات كبيرة في القطاع قبيل مراجعة الأداء السنوي التي يقوم بها العملاء في كانون الثاني (يناير).
عبر وول ستريت، المتاعب الذي أصيب بها قطاع الطاقة تعتبر إلى حد كبير محدودة، ويبدو أن هذا هو الحال في الوقت الحاضر. وسنعرف بمرور الزمن ما إذا كان التهاون الأوسع في السوق يقف الآن عن قرن "لحظة مينسكي".
الفايننشال تايمز 2014-12-08
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews