شتائم وسباب واتهامات في ذكرى الشهيد عرفات العاشرة في وقت تتواصل الاقتحامات ومخططات تقسيم الاقصى.. انه مشهد فلسطيني مخجل.. وعباس يتحمل المسؤولية الاكبر
هذا التراشق الاعلامي، الذي تضمن تبادل اتهامات بالكذب والعمالة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومسؤولين في حركة المقاومة الاسلامية “حماس″ امر مخجل للشعب الفلسطيني بأسره، ويلحق ضررا كبيرا بالقضية الفلسطينية وصورتها عربيا وعالميا.
الازمة مفتعلة، وهذا التراشق الاعلامي المخجل الذي قدم “هدية” ضخمة لوسائل اعلام عربية يبحث عن كل ما هو مثير لكسر حاجز الرتابة والتكرار والبطالة الاخبارية، يعكس ارتباك الجانبين، ورغبتهما في فك اتفاق الشراكة وحكومة الوفاق كل لاسبابه.
خطورة هذا التراشق ومن حيث التوقيت، والاداء السيىء وغير الوطني، والخارج عن الاعراف، تأتي من ثلاث نقاط اساسية:
الاولى: انه يأتي في وقت يتعرض فيه المسجد الاقصى للتقسيم والتهويد، وتشهد فيه المدينة المقدسة انتفاضة بطولية ينخرط فيها شباب الارض المحتلة عام 1948 اسفرت حتى الآن عن استشهاد ثلاثة منهم ومقتل ثلاثة مستوطنين اسرائيليين.
الثانية: اعلان حكومة نتنياهو الاسرائيلية عن بناء 200 وحدة سكنية، وارسال 500 من وحدة جولاني الخاصة للتصدي لاهل الضفة، وكذلك تطبيق القانون الاسرائيلي عليها.
الثالثة: ان هذا التراشق المخجل يتأتى في الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد ياسر عرفات، الامر الذي حول الانظار عن هذه المناسبة الوطنية وصاحبها الذي يمثل رمزا نضاليا للشعب الفلسطيني بأسره، وكشف عدم مسؤولية القيادة الفلسطينية التي تتزعم السلطة واخذت الراية منه، بعد استشهاده.
من استمع الى خطاب الرئيس عباس في هذه المناسبة التاريخية يشعر بالحزن والاسى، فلم يكن ليرتقي الى تاريخ الشهيد ودوره، وطغت عليه الشتائم والسباب والاتهامات، ولم يعط الرجل الشهيد ودوره في قيادة النضال الفلسطيني لاكثر من ثلاثين عاما ما يستحقه، وهو الذي يفترض انه كان احد شركائه في هذه المسيرة، واشنغل في “التنكيث” على حركة “حماس″ واتهامها بتبادل الادوار مع الاسرائيليين، ونسي او تناسى ان السلطة تنسق معهم امنيا، وتتفاوض معهم، وتمنع اي انتفاضة، سلمية او غير سلمية، للتصدي لجرائمهم الاستيطانية في الاراضي المحتلة واغتيالهم للنشطاء بعلم السلطة واجهزتها الامنية.
جريمة التفجيرات لاكثر من 15 بيتا من بيوت قادة حركة “فتح” في قطاع غزة مدانة بأقوى العبارات، ولكن المتابع لتفاصيلها يجد انها “مفتعلة” والهدف منها نسف اتفاقات المصالحة الوطنية واعادة التأزم في العلاقات بين طرفي المعادلة الفلسطينية، وبما يؤدي الى “حل” حكومة التوافق ومنع عملية اعمار القطاع.
الرئيس عباس بالغ في تضخيم هذه الحادثة، وكأنه كان ينتظرها، فلم تسفر التفجيرات عن مقتل اي من قادة “فتح”، ولم تهدم اي منزل مثلما افادت التحقيقات الاولية، وكانت اضرارها بسيطة للغاية.
وكان من المفترض ان لا يلغي الدكتور رامي الحمد الله زيارته لقطاع غزة، وان يذهب الى هناك ويقود التحقيقات باعتباره وزيرا للداخلية.
نحن لا نبريء حركة “حماس″ من هذه الجريمة، ولكن الامر المؤكد انها المتضرر الاكبر منها، وتشكل نسفا لانجازها الاكبر في القطاع على مدى الاعوام الثمانية الماضية، وهو حفظ الامن في القطاع، ولا نعتقد انها يمكن ان تطلق النار على ارجلها.
نخطيء حركة “حماس″ في امر اساسي وهو انها رفضت اقامة مهرجان تأبين الشهيد الراحل ياسر عرفات بحجة عدم قدرتها على حفظ الامن، وتخوفها من حدوث انفلات بحجة وجود انقسامات داخل حركة “فتح” في القطاع بين تيارين احدهما “عباسي” والثاني “دحلاني”، وتطور هذه الانقسامات الى صدامات بينهما.
كان الاجدى لحركة “حماس″ ان تقيم المهرجان وان تفرض قبضتها الحديدية على كل من يخل بالامن، وقد نجحت في السابق في تنظيم مهرجانات مماثلة، فالشهيد عرفات ليس شهيد حركة “فتح” ورمزها وانما حركة “حماس″ ايضا التي كان يهرب اليها السلاح حتى تواصل هجماتها ضد الاسرائيليين.
فإذا كانت هناك انقسامات وصراع اجنحة داخل حركة “فتح”، مثلما يدعي المسؤولون فيها يمكن ان تفسد هذا المهرجان فليكن، ولعل من المفيد ظهورها على السطح حتى يكون الحكم النهائي عليها للشعب الفلسطيني بأسره الذي سيتابعها حتما على شاشات التلفزة العربية والعالمية التي تبحث عن مثل هذا الصيد الثمين.
من المؤلم ان التنظيمان الكبيران “فتح” وحماس″ سقطا في اختبار ضبط النفس، والتحلي بعفة السان، والابتعاد عن المهاترات المضرة والهابطة، واثبتا للشعب الفلسطيني انهما لسيا على قدر المسؤولية.
اللوم الاكبر حتما يقع على عاتق الرئيس الفلسطيني عباس الذي من المفترض انه “كبير القوم” والسلطة القيادية الاعلى في الشعب الفلسطيني، ومن صميم واجباته ان يترفع عن الاتهامات والشتائم التي اطلقها في خطابة، وان يكون حكما لا خصما، ويقدر حسياسية المرحلة، التي تتطلب الوحدة الوطنية، او الحد الادنى منها، في ظل التغول الاستيطاني الاسرائيلي ومحاولات تقسيم المسجد الاقصى، ولكنه لم يفعل للاسف الشديد.
راي اليوم 2014-11-12
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews