غرائب الكرة "المصرية"
الكرة المصرية غريبة جدا.. تفوز حين لا يتوقع أحد تفوقها، وتخسر عندما يظن الجميع أنها في المقدمة.. خلال أشهر قليلة تلت فترة عصيبة توقف معها النشاط الرياضي.. فاز الأهلي بكأس إفريقيا وشارك في كأس العالم للأندية، وتبعه منتخب الشباب بالفوز بكأس الأمم الإفريقية وتأهل لنهائيات كأس العالم، وما بينهما بدأت الأندية المصرية كلها مشوارها الإفريقي بثبات، وبإذن الله يختتم المنتخب الوطني بالتأهل لنهائيات كأس العالم للكبار.
محيرة فعلا الكرة المصرية، فلم تحقق أيا من هذه الإنجازات وهي في أحسن حالاتها، بطلة لإفريقيا ثلاث مرات متتالية، ثم لا تتمكن من الوصول إلى النهائيات الإفريقية، ولا أن تترجم تفوقها إلى اللعب بين الكبار في كأس العالم، رغم أنه لم يكن هناك ثورة ولا عدم استقرار ولا أي شئ مما يتباكى عليه البعض الآن.
الكرة المصرية محيرة، مثلها مثل أي شئ في البلد الآن .. ترى معها الشئ وعكسه في آن واحد .. الألتراس مثلا الذي كان تكوينه في الأساس لمؤازرة فريقه، وقد برع أعضاؤه في هذه المهمة، إذا به اليوم يريد استخدام فريقه في تحقيق أهداف مجموعة من جمهوره، حتى ولو جاء ذلك على حساب الفريق نفسه والكرة المصرية كلها، بصرف النظر عن عدالة بعض مطالبهم، ولما لا وقد أصبح الألتراس رقما في المعادلة السياسية ؟
إن الإيمان العميق بالفكرة - أي فكرة - والحب الشديد للكيان - أي كيان - قد يتحول بصاحبه إلى معول هدم لهذا الكيان ومحطم لهذه الفكرة، على نحو ما قرأناه في قصص العشاق التراثية، ونعيشه في حكايات الحب المعاصرة، وهو ما يلمح المرء بعضا من بوادره مع تصرفات الألتراس في مدرجات التشجيع، تلك المدرجات التي أنشئت خصيصا للتشجيع وليس أي شئ آخر.
ومن البديهيات أنه لا علاقة بين التشجيع وتحطيم مقاعد المتفرجين، وحينها لا يحق لأحد أن يلوم القوات المسلحة في أن تسحب موافقتها على إقامة مباريات كرة القدم على ملاعبها "المؤمَنة"، وهي ترى رد جميل صنعته يتجسد في تحطيم منشآتها، وساعتها سيتوقف النشاط الكروي مجددا، إذ يصعب على قوات الشرطة وحدها تأمين مباريات الكرة في أي من الملاعب المعتادة.
والقضية هنا، ليست مباريات الدوري السري، الذى إن توقف، قد لا يلحظ الكثيرون ذلك، وهم أصلا لم يشعروا بإنطلاقه، إنما المشكلة الحقيقية في مشاركاتنا الإفريقية التي تحمل في طياتها حلم الوصول إلى نهائيات كأس العالم، وهي أمنية غالية عند ملايين الشعب المصري بكل طوائفه وأنواعه وميوله، ولا يجب أن يرتهن هذا الحلم على أهداف ومطالب الألتراس، حتى وإن كانت تلك الأهداف سامية وتلك المطالب عادلة، رغم أنني أصبحت ككثيرين غيري أتشكك في ذلك كثيرا.
( المصدر : الاهرام سبورت )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews