المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخلق فرص العمل
تظل قضية تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة هى محور اهتمام الأوساط الاقتصادية المختلفة، حيث أثبتت هذه المشروعات أنها قادرة على أن تصبح قاطرة للتنمية الاقتصادية فى كثير من الدول النامية؛ لما لهذا النوع من المشروعات من خصائص مختلفة تلائم طبيعة هذه الاقتصاديات وتساعدها على تحقيق قفزات سريعة فى النمو إذا توافرت بالطبع البنية الأساسية والبيئة الملائمة لذلك.
ومن أهم هذه الخصائص قدرتها على تحقيق التشابك مع المشروعات الكبرى كوسيط إنتاجى للعديد من هذه المشروعات؛ بما يخدم أهداف التنمية، نظرا لصغر حجمها؛ فهى عالية المرونة، وبالتالى لها قدرة عالية على التأقلم وفقا لاحتياجات السوق المتغيرة، كما أن هذه المشروعات تسهم فى تحقيق عدد من التوازنات الجغرافية والاجتماعية؛ وذلك بسبب قدرة هذه المشروعات على الانتشار الجغرافى داخل المجتمعات وفى أطراف المدن والقرى المختلفة فتسهم بشكل مباشر فى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية لهذه المناطق؛ وذلك بعكس المشروعات الكبرى التى عادة ما تتركز فى المدن الرئيسية.
ومن أهم مزايا المشروعات الصغيرة والمتوسطة قدرتها على خلق فرص عمل تتلاءم مع مهارات مختلف أفراد المجتمع الذى تنشأ فيه هذه المشروعات. كما أنها قادرة على التجديد والابتكار والذى يعتبر حجر الزاوية لإحداث تطوير هيكلى فى الصناعات والمشروعات من خلال نشأة مجموعة من شباب رواد الأعمال؛ وبالتالى فإن الاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتشجيع إقامتها ومساعدتها وتقديم الدعم لها يعد من أهم روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام وفى الدول النامية بشكل خاص، باعتبارها منطلقا أساسيا لزيادة معدلات التشغيل والطاقة الإنتاجية ومساهمتها بشكل أساسى فى معالجة مشكلة الفقر والبطالة والتى تعتبر التحدى الرئيسى الذى يواجه العديد من الدول النامية.
وإدراكا من صانع القرار فى مصر بأهمية مثل هذا النوع من المشروعات لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية فقد تم إنشاء أول وزارة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى إطار وزارة الصناعة والتجارة، بالإضافة إلى وجود بورصة النيل واتجاه عدد كبير من البنوك إلى إنشاء وحدات متخصصة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة إيمانا منها بأهمية توفير الخدمات التمويلية لهذا القطاع. هذا بالإضافة للدور المستمر الذى يقوم به الصندوق الاجتماعى للتنمية فى دعم ومساندة هذا القطاع. وبالنظر إلى التحدى الرئيسى الذى يواجه الاقتصاد المصرى وهو معدلات البطالة المرتفعة والتى تصل فى المتوسط إلى ١٣.٥ % على المستوى القومى (حوالى ٣.٥ مليون متعطل)، كما ترتفع هذه النسبة فى المحافظات المختلفة لتصل إلى ٥.٪-٦٠٪ فى العديد من محافظات الوجه القبلى والصعيد.
وإذا نظرنا إلى التركيبة العمرية للمتعطلين فنجد أن نسبة عالية منهم من الشباب والخريجين، ويضاف إلى ذلك التحدى الرئيسى وهو توفير فرص عمل للخريجين الجدد كل عام والذى يقدر عددهم بحوالى ٧٥٠-٨٥٠ ألف فرصة عمل سنويا؛ وبالتالى فالهدف الرئيسى للتشغيل هو استيعاب الداخلين الجدد فى سوق العمل بالإضافة إلى إحداث خفض تدريجى فى معدلات البطالة القائمة.
كما أنه بمتابعة معدلات النمو السكانى والتى تزيد على معدلات النمو الاقتصادى فمن المتوقع أن يصل معدل السكان بحلول عام ٢٠٢٥ إلى ١١٥ مليون نسمة.
ولذلك فمن الضرورى العمل على تحويل الزيادة السكانية إلى محرك للتنمية؛ وهذا يستوجب ضرورة الاهتمام بالعنصر البشرى والاستثمار فى رأس المال البشرى وإعادة هيكلة منظومة التعليم للارتقاء بالتعليم الفنى ودعم برامج ريادة الأعمال والتى تشجع على العمل الحر والتجديد والابتكار. كما يجب وضع برنامج متكامل للنهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة تشارك فيه جميع الهيئات والوزارات المعنية وتكون له أهداف كمية محددة لزيادة الطاقه الإنتاجية والقيمة المضافة لهذه المشروعات والاهتمام بصفة خاصة بدعم المشروعات كثيفة العمالة ومساندتها بجميع الخدمات التمويلية وغير التمويلية المختلفه لتستطيع أن تنتج منتجات ذات درجة جودة عالية وقادرة على المنافسة فى الأسواق العالمية وتذليل جميع العقبات أمام نمو هذه المشروعات وازدهارها مع ضرورة توافر المعلومات التفصيلية عن هذا القطاع من خلال تحديث دورى للبيانات سواء فى تعداد المشروعات أو فى الحصر الشامل الذى قام به البنك المركزى والمعهد المصرفى مع جهاز الإحصاء، كما أن الاتفاق على معايير موحدة لتعريف هذه المشروعات مثل عدد العمالة أو رأس المال المدفوع أو حجم المبيعات من الأهمية بمكان للتنسيق بين الهيئات المختلفة التى تعمل فى إطارها هذه المشروعات.
(المصدر: المصري اليوم 2014-10-05)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews