صناعة التكرير النفطي تنتقل إلى الشرق
تشهد منطقة آسيا ـــ المحيط الهادئ ومنطقة الشرق الأوسط توسعا هائلا في طاقات التكرير، في الفترة من الآن حتى عام 2018 من المتوقع أن تضيف منطقة آسيا والمحيط الهادئ وحدها نحو أربعة ملايين برميل في اليوم من طاقات تكرير النفط الخام، وفي الفترة نفسها ستتم إضافة نحو 2.5 مليون برميل في اليوم في منطقة الشرق الأوسط.
طاقات التكرير في الصين وحدها ستقفز من 12 مليون برميل في اليوم في بداية هذا العام إلى نحو 15 مليون برميل في اليوم بحلول نهاية عام 2015، وفقا لتقديرات مصادر صناعة التكرير الصينية، أي بنحو ثلاثة ملايين برميل في اليوم، لكن بعض التوقعات العالمية تشير إلى أن الصين ستضيف نحو 1.2 مليون برميل في اليوم فقط من صافي طاقات التكرير الجديدة بحلول عام 2015، إذا ما أخذ في الاعتبار المصافي الصغيرة المعروفة بـTeapot التي من المتوقع أن تغلق خلال هذه الفترة. على مدى السنوات الخمس الماضية والصين تحاول جاهدة ترشيد وتحديث قطاع التكرير النفطي، ويبدو أنها في الوقت الحاضر مصممة على النجاح، حيث وضعت خططا لإغلاق المصافي الصغيرة بحلول عام 2013، وهذا يشمل إغلاق جميع الوحدات ذات الطاقات دون 40 ألف برميل في اليوم التي لا تكون مرتبطة بأي مرافق بتروكيماوية. قبل نهاية العقد الحالي من المتوقع أن يتم إسقاط ما بين 700 و800 ألف برميل في اليوم من هذه الطاقات.
عدم اليقين الكبير في التوقعات الحالية لطاقات التكرير الجديدة لمنطقة آسيا ـــ المحيط الهادئ ومنطقة الشرق الأوسط هو أن عديدا من هذه المشاريع قد يعاني التأخير أو حتى الإلغاء بصورة كاملة. على سبيل المثال كثير من مشاريع مصافي التكرير الكبيرة في الصين لم تحصل بعد على موافقة الحكومة بشأنها، على الرغم من أن التواريخ المتوقعة لبدء عمليات التشغيل هي في مطلع العام المقبل، في حين أن مشاريع أخرى في منطقة آسيا لا تزال تبحث عن شركاء أجانب. لكن الطلب المحلي المتزايد بسرعة على المنتجات النفطية وقيام الحكومات بتأمين التمويل اللازم لهذه المشاريع قد دعم كثيرا من مشاريع التكرير المقترحة، بالفعل هناك عديد من مشاريع التكرير في مراحل التشييد النهائية وبدأ التشغيل في وقت قريب جدا.
مشاريع التكرير التي يتوقع أن يبدأ تشغيلها في هذا العام تشمل مصفاة الجبيل في المملكة العربية السعودية بطاقة 400 ألف برميل في اليوم، وهو مشروع مشترك بين شركة أرامكو السعودية وتوتال الفرنسية، الذي من المقرر أن يبدأ تشغيل مرحلتي المشروع في أيار (مايو) المقبل. المشروع الآخر هو مصفى شركة النفط الهندية الحكومية بارادب (Paradip) بطاقة 300 ألف برميل في اليوم، الذي من المتوقع أن يبدأ في العمل في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الحالي أيضا.
أما في الصين، لقد تم في الشهر الماضي تشغيل توسعة مصفاة سيتشوان Sichuan التابع لشركة بتروتشاينا PetroChina الحكومية بطاقة 200 ألف برميل في اليوم، في حين أن مصفى شركة سينوكم Sinochem تشيوانتشو Quanzhou بطاقة 240 ألف برميل في اليوم ومصفاة شركة سينوبك Sinopec جيوجيانج Jiujiang بطاقة 100 ألف برميل في اليوم من المقرر أن يبدأ تشغيلهما قبل نهاية العام الحالي.
جميع طاقات التكرير الجديدة هذه سيكون لها تأثير كبير في مسار التجارة العالمية للنفط الخام والمنتجات النفطية. بعبارة أخرى، طاقات التكرير الجديدة في منطقة آسيا ـــ المحيط ستحتاج إلى مزيد من النفط الخام، حيث سيتم تأمين هذا النفط بصورة خاصة من الدول المنتجة للنفط في غرب إفريقيا وبحر قزوين ومن روسيا أيضا، في حين أن طاقات التكرير الجديدة في منطقة الشرق الأوسط ستفتح أسواقا جديدة لتصدير المنتجات النفطية، بصورة خاصة تصدير وقود الديزل إلى قارة أوروبا.
المصافي الجديدة في منطقة آسيا ــــ المحيط الهادئ ستستوعب خام غرب إفريقيا الخفيف الحلو الذي نزح من أسواقه التقليدية في أمريكا الشمالية على خلفية ارتفاع إنتاج النفط الخفيف الحلو في الولايات المتحدة من مصادر النفط المحكمة (الصخر الزيتي)، كما ستستورد آسيا أيضا مزيدا من النفط الخام من روسيا وبحر قزوين عبر خطوط الأنابيب الجديدة، مثل خط أنابيب شرق سيبيريا ـــ المحيط الهادئ وخطوط الأنابيب بين كازاخستان والصين. في حين أن المصافي الجديدة في منطقة الشرق الأوسط سيكون تأثيرها أقل في مسار تجارة النفط الخام، التي من الطبيعي أن يتم تزويدها بالنفط الخام المحلي، على الرغم من أن مصفاة شركة أرامكو الجديدة مصممة خصيصا للتعامل مع النفوط المحلية الثقيلة والمتوسطة من أجل تحرير مزيد من النفط الخفيف المعروف بـArab Light لغرض التصدير، خصوصا إلى منطقة آسيا.
استثمارات المصافي في منطقة الشرق الأوسط تهدف إلى تلبية الطلب المحلي المتزايد على وقود البنزين، كما أنها ستجعل من منطقة الشرق الأوسط موردا رئيسا لوقود الديزل إلى أوروبا، إذا ما استكملت جميع مشاريع المصافي في المنطقة في الوقت المحدد لها، فإن شحنات وقود الديزل من منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا قد تصل إلى 700 ألف برميل في اليوم بحلول عام 2018 من صفر اليوم.
في الوقت نفسه، الجزء الأكبر من التوسع في طاقة التكرير في منطقة آسيا ـــ المحيط الهادئ، تهدف بالأساس إلى تلبية الطلب المحلي المتزايد على وقود النقل، لكن هذا التوسع سيبقي المنطقة بالكاد مكتفية ذاتيا من وقود الديزل والبنزين. لا يوجد أيضا أي أمل لمنطقة آسيا في تلبية الطلب المتزايد فيها على النفثا التي تستخدم كمادة أولية لصناعة البلاستيك المزدهرة، من المتوقع أن تستمر المنطقة في الاعتماد على الواردات الخارجية. كما أن منطقة آسيا ستستمر أيضا في استيراد زيت الوقود (Fuel Oil) من روسيا، عبر أوروبا ومن منطقة البحر الكاريبي، حيث إن المصافي الجديدة للمنطقة هي من النوع المعقد الذي ينتج كميات قليلة من زيت الوقود.
( المصدر : الاقتصادية السعودية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews