نحو تعزيز أداء أسواق المال الخليجية
يشكل توجه قطر القابضة وهي الذراع الاستثمارية لهيئة قطر للاستثمار بتأسيس شركة برأسمال 12 مليار دولار خطوة في الاتجاه الصحيح لإفساح المجال أمام المواطن القطري لتملك أصول استثمارية عالمية. وفي حال سارت الأمور على ما يرام وهو أمر متوقع، فسوف يتم تأسيس الشركة في الوهلة الأولى برأسمال مدفوع وقدره 6 مليارات دولار على أن تتحمل قطر القابضة نصف المبلغ والباقي يتم تحصيله عن طريق إصدار أولي للراغبين من المواطنين.
طبعا المتوقع أن تستخدم قطر القابضة خبراتها والتي تعبر عنها استثماراتها العالمية في أصول عالمية في إفساح المجال أمام الراغبين من المواطنين بتملك أصول وأسهم وسندات واستثمارات متنوعة في قطاعات مختلفة في أي مكان في العالم. من جملة الأمور الإيجابية، من شأن هذه الخطوة تعزيز الروح الاستثمارية لدى المواطنين وهي مسألة مهمة في ضوء توافر الثروة.
وتكفي الإشارة إلى تمتع الفرد في قطر بأعلى مستوى للدخل على مستوى العالم بلا منازع. الرقم المشهور هو أكثر من 100 ألف دولار للفرد الواحد في السنة. طبعا، الرقم هذا عبارة عن متوسط الدخل حيث يشمل الأجانب العالمين والمقيمين في قطر كونه يتأتى عبر تقسيم الناتج المحلي الإجمالي على عدد السكان. وليس من الخطأ الزعم بأن مستوى الدخل الفعلي للمواطن القطري أعلى من المتوسط بالنظر لأمور مثل كرم الدولة حيث الزيادات الدورية لرواتب العاملين والمتقاعدين.
وربما بات موضوع تشجيع المستثمر الخليجي للاستثمار بغية تحقيق فوائد أينما كان ممكنا مهما بالنظر للأداء غير المقنع لأسواق المال في دول الست. بل قد يشكل الأداء غير اللافت لغالبية البورصات الخليجية أحد أسباب عزوف الكثيرين من الاستثمار في أسواق المال الإقليمية.
يشار إلى تواجد بورصتين في الإمارات واحدة في أبوظبي والأخرى في دبي الأمر الذي يفسر وجود سبع وليس ست بورصات في دول مجلس التعاون الخليجي. مؤكداً يمكن تفهم وجود بورصة مستقلة في دبي بالنظر لمكانتها التجارية على الصعيد الدولي وليس فقط الإقليمي.
وليس أدل على الأداء غير المقنع لأسواق المال الخليجية انخفاض مؤشر بورصة قطر بنسبة 5 في المائة في العام 2012. كما تراجع أداء نفس البورصة بواقع 2.2 في المائة في شهر فبراير من العام الجاري. وقد حدث كل هذا في الوقت الذي كانت فيه البورصة القطرية الوحيدة بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي والتي حققت نموا في مؤشرها في 2011.
طبعا تغير الوضع في العام 2012 الأمر الذي ربما يعكس الروح الديناميكية في أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي حيث أصبحت سوق دبي المالي في الصدارة عبر نمو مؤشرها بنسبة 20 في المائة وتلتها شقيقتها سوق أبوظبي للأوراق المالية بارتفاع مؤشرها بأقل من 10 في المائة. كما ارتفع مؤشر التداول في السعودية بنسبة 6 في المائة. لكن حققت بورصتا الكويت ومسقط نموا محدودا قدره 2 في المائة و1 في المائة على التوالي.
بل لم تكن البورصة القطرية الوحيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي والتي لم تحقق أداء إيجابيا بدليل انخفاض أداء مؤشر سوق البحرين للأوراق المالية بنسبة 7 في المائة في 2012 أي الأسوأ بين دول البورصات الخليجية للعام الثاني على التوالي.
ويمكن ربط هذا الأداء السلبي بشكل جزئي على الأقل بحالة الاحتقان السياسي التي سادت البلاد خلال معظم شهور العام 2011. لكن ما يبعث على الأمل عبارة عن انطلاق حوار وطني في شهر فبراير بغية بحث سبل لإنهاء الأزمة عبر إيجاد حل مقبول لدى مختلف الأطراف ذات العلاقة.
ويمكن الزعم بأن أسواق المال الخليجية تعاني من محدودية بعض القدرات الحيوية مثل القيمة السوقية الأمر الذي يترك أثره على مجمل الأداء ويعكس هذا الواقع غير المقنع. فقد بلغت القيمة السوقية للبورصات الخليجية وهي السعودية وقطر والكويت ومسقط والبحرين فضلا عن ودبي وأبوظبي قرابة 768 مليار مع نهاية فبراير 2013.
ولا يمكن اعتبار هذا الرقم ضخما في كل حال من الأحوال كونه لا يزيد كثيرا عن حجم الاقتصاد السعودي. فقد بلغت قيمة الناتج المحلي السعودي والذي بلغ قرابة 727 مليار دولار في السنة نفسها.
اللافت استحواذ مؤشر تداول السعودي على أكثر من نصف القيمة السوقية للبورصات الخليجية ونصيب الأسد من التداولات في أسواق المال الخليجية الأمر الذي يعكس قوة الاقتصاد السعودي ووجود رغبة لدى قطاع من المواطنين للاستثمار.
( المصدر : صحيفة الشرق القطرية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews