عودة الأرجنتين المظفرة إلى أسواق رأس المال

في الأسبوع الماضي، منحت أسواق رأس المال الدولية، وبحماس، الخلاص للأرجنتين، التي اعتادت على الإعسار على الأموال التي تقترضها من الدائنين في الخارج. وحجم رد الفعل هذا يخالف كل التوقعات ومن شأنه أن يقدم أسسا خاطئة للحوافز المتعلقة بالعلاقات المالية التي تنطوي على عنصر هام من الثقة. مع ذلك، يحصل هذا النوع من الصفح بانتظام - لأسباب وجيهة وأخرى سيئة - وفي معظم الأحيان قبل الأوان.

أصيبت الأرجنتين بالإعسار في ديسمبر من عام 2001 وأمضت ما يقرب من 15 عاما في نزاعات قانونية طال أمدها مع دائني السندات، بما في ذلك مجموعة من «الممانعين» المتصلبين بشكل خاص والتي شملت صناديق تحوط كانت قد اشترت السندات بتكلفة زهيدة في الأسواق الثانوية. رغم العديد من الأحكام القضائية، لم يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق عمل على تطبيع العلاقات المتدهورة جدا في أسواق رأس المال.

تغير الوضع مع وصول فريق جديد في الأرجنتين بقيادة الرئيس موريسيو ماكري، الذي تولى المنصب في ديسمبر. الحكومة، التي تسلحت بحكم جديد من المحكمة واتفاق مبدئي مع معظم الممانعين - ودون انتظار المباركة الكاملة من المؤسسات متعددة الأطراف مثل صندوق النقد الدولي- اختبرت الوضع من خلال إصدار جديد من السندات ذات الآجال الطويلة. احتلت النتيجة الصفحات الأولى.

في ما يمكن وصفه فقط بأنه معركة على الطعام ما بين دائني القطاع الخاص، تم إدخال حوالي ألفي طلب للسندات الجديدة، ما أسفر عن طلب نظري إجمالي بحوالي 70 مليار دولار، وهو رقم قياسي بالنسبة للأسواق الناشئة. وبتلقيها الدعم من الاقبال السوقي الكبير، رفعت الأرجنتين من عروضها وجعلتها أقل جاذبية بالنسبة للمشترين المحتملين عن طريق تخفيض عائدات الإصدار بما يقارب نقطة مئوية كاملة.

كانت النتيجة هي إصدار سندات من أحد الأسواق الناشئة بقيمة تبلغ 16.5 مليار دولار وشروط كانت أكثر مواتاة للأرجنتين من أسعار السوق الحالية لمدينين حاصلين على نفس التقييم الائتماني. رد فعل الأسواق الفوري للسندات عزز شعور الحكومة بالانتصار. ارتفعت أسعار السندات، ما أدى إلى المزيد من اتساع فجوة العائدات لصالح هذا البلد الذي اعتاد على الإعسار مقارنة مع البلدان التي تعتبر حاليا ذات جدارة ائتمانية مماثلة، بما في ذلك البلدان التي ليس لها تاريخ مشابه لتاريخ الأرجنتين المليء بإخلاف الوعود المتكررة.

وبالنسبة لسوق كلية خضعت مرارا وتكرارا لفترات زمنية عانت فيها من إجهاد السيولة، بما في ذلك ما حدث في يناير ومطلع فبراير، انتهى الحال بأن حصل الإصدار الضخم للأرجنتين على زيادة إضافية في السيولة بدلا من العقوبة التي كان من الممكن أن تنالها.

هذا النوع من سلوك الدائنين ليس بدون سوابق. حيث يحوي تاريخ سندات الأسواق الناشئة حالات أخرى عندما كافأ الدائنون المقترض الذي كان قد خضع في الآونة الأخيرة إلى إعسار مؤلم، ومواجهات حادة، ولم يكن قد عمل بعد بفاعلية مع المؤسسات متعددة الأطراف (مثل روسيا بعد إعسارها في عام 1998 وفنزويلا بعد اعسارها أكثر من مرة). وموافقة الدائنين السهلة نسبيا لها أسبابها الجيدة والسيئة.

نظرا لوعود ماكري الانتخابية وخطواته المبدئية فيما يخص السياسة، بما في ذلك التحرير الجريء لنظام الصرف الأجنبي وقرار السماح للعملة بالعثور على مستوى التوازن اللازم لها، هنالك أسباب تدعو للاعتقاد بأن الآفاق الاقتصادية المستقبلية للأرجنتين يمكن أن تكون مختلفة هذه المرة. نظرا لأن الحلقة الأخيرة من قضية استبعاد الأرجنتين عن أسواق رأس المال كانت طويلة إلى حد ما، من السهل أن نرى كيف يمكن للجان الائتمان إقناع نفسها بأن احتمالية التحسن المطرد في الجدارة الائتمانية لذلك البلد وسلوك الدفع لديه هو أعلى بشكل ملحوظ. وربما تتمكن هذه الحكومة من العمل بشكل أفضل مع صندوق النقد الدولي في صياغة وتنفيذ برنامج إصلاح متوسطة الأجل.

كما أن هنالك أسبابا سيئة أيضا. مع هيمنة العائدات المنخفضة وفي بعض الحالات السلبية على السندات الحكومية، كان بعض المستثمرين منبهرين بالعائدات التي بلغت نسبتها 7.5 بالمائة إلى 8 بالمائة على سندات الأرجنتين الجديدة التي هي لأجل 10 سنوات و 30 عاما. في الواقع، لا يعد كتاب الارجنتين مليئا جدا بمستثمري الأسواق الناشئة المخلصين، لكن يقال إنه يحتوي فائدة كبيرة «متبادلة»، بما في ذلك المستثمرين الذين نادرا ما يدخلون إلى تلك الأسواق. وهذا يشمل المشترين الذين يسترشدون بتوقعات العائدات قصيرة الأجل. ويعتقدون أن الأرجنتين في ظل حكم ماكري لديها أفق اقتصادي ومالي آمن أمامها، ويبدون ارتياحهم من أن سيولة الأسواق ستكون متاحة عندما يقررون أن الوقت قد حان للخروج.

يتخذ البعض الآخر منهجا أقصر أجلا حتى من ذلك، نظرا لمدى الترويج لهذا الإصدار من السندات من قبل المصارف الاستثمارية. ويأتي توقعهم للأرباح من «العكس»- بمعنى، بيع الأمان مقابل الحصول على المكسب بعد وقت قصير بعد أن قاموا بتخصيص أسهمهم في هذا الحدث مفرط الاكتتاب.

فيما يلي 3 استنتاجات تم التوصل إليها:

• يؤمل بأن الارجنتين لقيت جزاءها مقابل سلوكها المستقبلي الجيد مثلما لقيت جزاءها مقابل إجراءاتها التي قامت بها مؤخرا. نتيجة لذلك، من المرجح أن يؤدي أي تراجع ملحوظ في إجراءات السياسة إلى حدوث تراجع كبير في أسعار السندات.

• بدلا من الإشارة إلى حدوث تحسن في ظروف السيولة الكامنة لدى الأسواق، يمكن للإصدار الضخم في الأرجنتين أن يفاقم من سوء الجيوب المستقبلية من قلة السيولة، خاصة عندما يبدأ بعض حاملي السندات الحاليين في التصرف كسائحين فارين أكثر من تصرفهم كمستثمرين مقيمين في الأسواق الناشئة ويتصفون بالمرونة.

• في سوق حديث كثيرا ما يمكن أن تتباعد فيها السلوكيات قصيرة الأجل عن الاستدامة الأطول أجلا، سيتم منح الخلاص مرارا وتكرارا بشكل سهل جدا للمدينين الذين ينبغي أن يتطلب سجلهم التاريخي المزيد من الانضباط من جانب كل من المقرض والمقترض.

(المصدر: اليوم 2016-04-28)