على الجمهوريين أن يستعيدوا وعيهم بحقائق السياسة الخارجية
ما الحزب الأمريكي الذي جعل أمريكا أقرب إلى معركة هرمجدون (سيناريو نهاية العالم)؟ الجواب هو الحزب الديمقراطي تحت رئاسة جون كنيدي في أزمة الصواريخ الكورية عام 1963.
كانت تلك فترة استطاع فيها الجمهوريون التحكم في أعصابهم وكانوا منطقيين. وعلى الرغم من رؤية البعض ذلك على أنه شيء لا علاقة له بالأخلاق، إلا أن رجال دولة من أمثال دوايت أيزنهاور وهنري كيسنجر وريتشارد نيكسون وجيمس بيكر وجورج إتش دبليو بوش، استطاعوا فهم التعقيدات العالمية، وكانوا جيدين في اللعب بذلك لمصلحة أمريكا. وهم يعرفون أن الطريق المؤدي إلى الجحيم كان معبداً بالنوايا الحسنة، وأن المثالية الرعناء خاصية ملازمة للديمقراطيين.
انعكست هذه الأدوار منذ فترة طويلة. أصبح الديمقراطيون حذرين جداً من حل المشكلات العالمية بالقوة بعد حرب فيتنام الكارثية، فيما هجر الجمهوريون هجروا عقيدة الاعتدال بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
كان "إنهاء حكم الطغيان في العالم" هو النغمة التي يكررها جورج دبليو بوش، حتى لو كان ذلك عند الضرورة عن طريق السلاح. وبعد ست سنوات من مغادرة بوش منصبه، ما زالت غريزة العسكرة هي الوصية الأولى التي يجب اتباعها. سواء كان الأمر يتعلق بالحرب الأهلية في سورية أو ليبيا أو العراق أو أفغانستان، فإن القوة هي الجواب على ذلك.
ماذا حدث للتراث الغني للجمهوريين في حنكة إدارة الدولة؟ السؤال له صلة مهمة بالحشد للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في عام 2016. تُصور وسائل الإعلام الحزب الجمهوري على أنه حزب يعاني انقسامات مريرة بين جناحه الداعي للانعزالية الذي يفترض أنه في حالة صعود، من جهة، والصقور التقليديين الذين يبدو أنهم اتخذوا مواقف دفاعية من جهة أخرى.
الفئة الأخيرة التي يقودها زعماء حزبيون مسنون من أمثال ديك تشيني وجون ماكين، يقفون مصطفين في وجه الفئة الأولى التي يتزعمها راند بول الشاب الآتي من ولاية كنتاكي، التواق للتغيير.
في الحقيقة ينتمي بول إلى أقلية، وهو ليس من دعاة العزلة. كل الطامحين إلى الرئاسة يجهدون أنفسهم في جعل بوش الثاني يبدو مثل كوفي عنان. ريك بيري، حاكم تكساس، يهاجم الرئيس باراك أوباما لفشله في استخدام القوة ضد مجموعة داعش في العراق. إعلان التصلب هو بوضوح أكثر قيمة من التماسك والثبات، لأن بيري يحث أوباما على تسليح الثوار في سورية. أما ماركو روبيو، السناتور الآتي من فلوريدا، فيدعو أوباما، بطريقة استعراضية وعمياء مماثلة، إلى "استئصال خلافة داعش بصورة منهجية من جذورها" في العراق.
وكما لو أن ثلاث حروب عمياء في الشرق الأوسط لم تكن كافية، يحث تيد كروز السيناتور الآتي من تكساس، أوباما على المخاطرة بالتخلي عن المحادثات النووية مع إيران.
وقال في الأسبوع الماضي: "لا نستطيع أن نترك هذه العملية الدبلوماسية الضالة تنزلق بلا نهاية، في الوقت الذي يتآمر فيه الملالي لتدميرنا". بالتالي ليس من المستغرب أن يرى كروز في انضباط إسرائيل في حربها على غزة أنه: "واحد من أكثر الأعمال الإنسانية على سطح الكوكب، التي تمضي دون الإشادة بها".
( فايننشال تايمز 8/7/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews