مبادئ الحوكمة.. نظام رقابي في شركات التأمين الإسلامية
يعتبر التأمين أهم الوسائل الحديثة والمهمة في منظومة التنظيم الاقتصادي والمالي فله دوره المتعاظم في التطور الصناعي والزراعي والتجاري وسائر الأنشطة الاقتصادية لذلك شهدت صناعة التأمين التكافلي تطورات كبيرة في الفترة الأخيرة وحققت إسهامات ناجحة في تطوير وصياغة وضبط منتجات تأمينية متوافقة لأحكام الشريعة الإسلامية من خلال الجودة الكبيرة في إحياء المؤسسات المالية الإسلامية ودمجها في سوق الأنظمة المالية المعاصرة وبشكل خاص تطبيق نظام التأمين التكافلي لذلك تعد شركات التأمين الإسلامية أكثر مؤسسات المنظومة الاقتصادية عرضة للأخطار وذلك نظرا للطبيعة الخاصة بالنشاط الذي تزاوله فيجعلها أكثر خطورة مقارنة بالنظام التجاري لذلك فإن مثل هذه الشركات تحتاج إلى وجود أنظمة رقابية فعالة يمكنها من التنبؤ بالأخطار ومواجهتها من خلال إرساء هياكل سليمة لممارسة مبادئ حوكمة الشركات داخل منظومات التأمين التكافلي خاصة بعد تفاقم أزمات وانهيارات الشركات المالية والاقتصادية العالمية الضخمة وما نتج عنه من آثار سيئة على اقتصادات العالم وكل ذلك كان نتائج غياب نظم الرقابة على عمل هذه المنظومات الكبرى مما يجعلها في حاجة لنظام فعال يمكنه مزاولة نشاطه بأمان وتتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة منها وبالتالي فإن التطبيق السليم لمفهوم ومبادئ وآليات حوكمة الشركات داخل شركات التأمين الإسلامية من شأنه أن يؤدي إلى تفعيل نظم الرقابة الداخلية والخارجية وبالتالي تقليل من فرص تعرضها للأخطار أثناء أداء أعمالها.
أولا: مفهوم حوكمة الشركات (Governance)
مجموعة من القوانين والنظم والقرارات التي تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق إختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق خطط وأهداف الشركات والهيئات المالية والاقتصادية وبمعنى آخر فإن الحوكمة تعني النظام أي وجود نظم تحكم العلاقات بين الأطراف الأساسية التي تؤثر في الأداء كما تشمل مقومات تقوية المؤسسة على المدى البعيد وتحديد مهام كل من المسؤول والمسؤولية.
العلاقات (OCDE) وحسب تعريف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فالحوكمة هي مجموعة من بين القائمين علي إدارة الشركة ومجلس الإدارة وحملة الأسهم وغيرهم من المساهمين وهذا التعريف يشير لتميز مصطلح حوكمة الشركات بالخصائص التالية: -
• الانضباط: أي إتباع السلوك الأخلاقي المناسب.
• الشفافية والإفصاح: تقديم صورة حقيقية عن أنشطة الشركة.
• الاستقلالية: لا توجد تأثيرات وضغوط على العمل
• المسائلة: تقييم وتقدير أعمال مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية.
• المسؤول والمسؤولية: وجود مسؤولية أمام جميع الأطراف ذوي المصلحة في الشركة
• العدالة: احترام حقوق مختلف المجموعات أصحاب المصلحة في الشركة.
• المسؤولية الاجتماعية: الشركة مواطن جديد.
ثانيا: اختصاصات الحوكمة في شركات التامين الإسلامية.
نظرا للأهمية الكبرى التي احتلها موضوع التأمين التكافلي في الاقتصادات الإسلامية وما يمكن أن تلعبه شركات التأمين الإسلامية من دور فعال في المجتمع من خلال بث الأمان والطمأنينة والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية وجهت آليات ومبادئ الحوكمة لشركات التأمين الإسلامية لمراقبة ثلاث قضايا أساسية تتمثل في: -
1) مراقبة نشاط الشركة لضمان سلامة تطبيق الإدارة لقواعد وآليات التأمين التكافلي.
2) وضع قواعد لضمان الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية في كافة التطبيقات من جهة وجمع الأموال ودفع التعويضات اواستثمار الاموال.
3) وضع نظم للإفصاح بشفافية عن كيفية الأداء وعرض النتائج الختامية للتامين التكافلي في إطار القواعد الشرعية والأخلاقيات الإسلامية.
ثالثا: فوائد تطبيق مبادئ حوكمة الشركات كنظام للرقابة على شركات التامين التكافلي.
لكي تقوم شركات التامين الإسلامية بدورها على أكمل وجه وتحقيق الأهداف المرجوة منها يجب أن يكون هناك نظم رقابة فعالة وكفؤة وهذا ما يوفره التطبيق السليم لمفهوم حوكمة الشركات داخل شركات التأمين التكافليةوالذي يمكن أن يحقق الفوائد التالية: -
• حل مشاكل الوكالة (علاقة المالك بالوكيل)
الشركات المساهمة التي تقوم بأعمال التامين انفصلت بها الملكية عن الإدارة مما يقلل من مشكلة الوكالة ويتم اختيار الإدارة العليا متمثلة في أعضاء مجلس الإدارة وكبار الإدارة التنفيذية من بين المساهمين والذين يجمعون بين صفتي الملكية للشركة والانطواء تحت مظلتها التامينية لكن هذا لا يتحقق بالواقع العملي حيث لايتوفر الكفاءات الإدارية في المؤسسين للشركة أو في بقية المساهمين ومن ثم يحتم وجود عقد وكالة بين من يتم اختيارهم لإدارة الشركة ومالكيها
• نظام مالي وإداري سليم
ما يستوجبه ذلك من قيام السلطات الحكومية بواجبتها في ضمان استقرار النظام في الأجل الطويل والاعتماد علي مكوناته والتي يعتبر التأمين من أهمها.
• وظيفة التأمين الحمائية
التأمين هوالية تحويل الأخطار من المؤمن عليه إلى شركة التأمين ولهذا الأداء أهمية كبري في الاقتصادات الحديثة فهي تمكن القطاع التجاري والافراد من تقليص مخاطر المستقبل وحسن التصرف حيالها مما يتطلب ضرورة التطرق للثقة في شركة التامين في الأجل الطويل وأن يتوفر لدى شركات التامين الاحتياطيات الكافية لتغطية الالتزامات في المستقبل.
• حماية المؤمن لهم
عن طريق إصدار القواعد التنظيمية التي تكفل سلامة شركات التامين في الأجل الطويل بما يضمن عدم حدوث خلل في العلاقة التعاقدية بين المؤمن والمؤمن لهم.
• استخدام أموال التامين لأغراض التنمية
من خلال وضع القواعد التنظيمية المناسبة لتوجية الأموال المتجمعة لدي شركات التامين نحو المجالات الانمائية المستهدفة في الاقتصاد للمساهمة في التنمية الاقتصادية للدولة.
• تنمية أسواق التامين وكفاءتها وفعاليتها
يجب علي المشرعين والمشرفين علي صناعة التامين الإسلامي وضع الإطار السليم لتنمية هذه الصناعة وضمان سلامتها ومعالجة الآثار التي تترتب عن تردي الأسواق وعيوبها ليس فقط لمصلحة المستهلك وحدة وإنما الاقتصاد برمته من خلال توفير نوع أفضل من الحماية لثروة البلد في الحاضر والمستقبل وإتاحة مزيد من الأموال لأغراض التنمية وتعزيز مالية الدولة من خلال زيادة الموارد المستمدة بصورة مباشرة وغير مباشرة من أداء قطاع التامين.
رابعا: مساهمة مبادئ حوكمة الشركات في تفعيل الأنظمة الرقابية لشركات التأمين التكافلي
شركات التأمين التكافلية معرضة للأخطار أكثر من غيرها من مؤسسات المنظومة المالية والاقتصادية الأخرى وقد ينجم عن هذه الأخطار آثار وخيمة تؤدي بكيان الشركة نظرا لمدي خصوصية النشاط الذي تزاوله مثل هذه الشركات فبدلا من أن تكون هذه الشركات أحد محركات الاقتصاد وعامل من عوامل النمو فيه تصبح عبئا على الاقتصاد الوطني يتحمله المجتمع بأسره وهذا يستدعي بناء نظام رقابي فعال يمكنه تجنب التعرض للأخطار وتنبؤها ولا يتم ذلك الأمن خلال تطبيق أسس سليمة ومبادئ نظام حوكمة الشركات داخل شركة التأمين الإسلامية من خلال مجموعة من الآليات التي تنقسم لقسمين: -
• الآليات الداخلية لحوكمة الشركات
تنصب آليات حوكمة الشركات الداخلية على الأنشطة وفعاليات الشركة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق أهدافها وتصنف إلى: -
(مجلس الإدارة)
يعد مجلس الإدارة أحسن أداة لمراقبة سلوك الإدارة التنفيذية إذ أنه يحمي رأس المال المستثمر في الشركة من سوء الاستعمال وذلك من خلال صلاحياته القانونية في تعيين وإعفاء أعضاء الإدارة التنفيذية كما أنه يشارك بفاعلية في وضع استراتيجيات إدارات الشركة ويراقب سلوكها ويقوم أداؤها وبالتالي تعظيم قيمة الشركة.
(التدقيق الداخلي للمالية وللأداء)
فحص دوري للوسائل الموضوعة ونشاط مستقل داخل الشركة يهدف إلى التأكد من دقة وفعالية الأنظمة والتعليمات والإجراءات المطبقة داخلها وتزويد الإدارة بتقارير عن أي انحرافات أو نقاط ضعف وفق معايير معينة لإدارة التدقيق الداخلي.
• الآليات الخارجية لحوكمة الشركات
تتمثل آليات حوكمة الشركات الخارجية بالرقابة التي يمارسها أصحاب المصالح الخارجيين علي الشركة والضغوط التي تمارسها المنظمات الدولية والمهنية ومن هذه الآليات: -
(المنافسة في سوق المنتجات والخدمات)
سوق المنتجات والخدمات التأمينية من أحد آليات المهمة لمبادئ حوكمة الشركات فإذا لم تقم الإدارة بواجباتها بشكل صحيح أوانها غير مؤهلة سوف تفشل في منافسة الشركات التي تعمل في نفس حقل صناعة التأمين التكافلي وبالتالي تتعرض للتصفية والإفلاس.
(التدقيق الخارجي)
يمثل التدقيق الخارجي حجر الزاوية لحوكمة جيدة إذ يساعد المدققون الخارجيون هذه الشركات على تحقيق المساءلة والنزاهة وتحسين العمليات فيها والثقة بين أصحاب المصالح والمواطنين والمساهمين عامة إذ أن دور التدقيق الخارجي يعزز من مسؤوليات مبادئ الحوكمة في الإشراف والتبصر والحكمة والمساعدة في تحسين قبول نوعية الكشوفات المحاسبية والتقارير المالية المقدمة والمنشورة من خلال التركيز على دور مجالس الإدارة لاختيار لجنة التدقيق الخارجية ذات الكفاءة والتخصص في حقل الصناعة التأمينية التكافلية.
( الشرق 17/ 7//2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews