شركات التأمين: خطط المنظمين تعني زيادة الأسعار
عملية الإنقاذ البالغة 185 مليار دولار لشركة التأمين الدولية الأمريكية AIG، لا تزال تثير غضب بن برنانكي.
في مُذكراته التي نُشرت هذا الشهر، كتب الرئيس السابق لـ "الاحتياطي الفيدرالي": "بمجرد أن فهمت تماماً كم كان التنفيذيون في AIG غير مسؤولين، أو لا علم لهم بما يجري، اشتعلت غضباً".
بعد مرور سبعة أعوام على شبه انهيار شركة AIG، من المتوقع أن يدفع عدد من أكبر منافسيها الثمن. وجّه المُنظمون أنظارهم نحو صناعة التأمين الأوسع في إطار جهود لجعل النظام المالي أكثر مرونة.
أكمل المُشرفون الخطط التي طال انتظارها لإخضاع تسع شركات تأمين عالمية "ذات أهمية نظامية" ــ بما في ذلك ميتلايف، وبينج آن، وأليانتس، فضلاً عن AIG ــ لنظام سلامة أكثر تشددا.
تعتقد الهيئات التنظيمية أنه ينبغي الطلب من مثل هذه المؤسسات تخصيص مزيد من رأس المال للحماية ضد الخسائر غير المتوقعة، لأن فشلها يُمكن أن يُسبّب الاضطرابات في الأسواق المالية والاقتصاد الأوسع.
لكن الصناعة اعترضت بقوة على الخطط. وهي تشتكي من وضعها بشكل خاطئ في خانة المصارف وتُحذّر من أن المقترحات تُهدد برفع الأسعار على الزبائن.
المسؤولون في AIG، التي سددت أموال عملية إنقاذها، هم بين أولئك الذين يضغطون ضد هذه الخطط.
يقول دانيال رابينوفيتز، الرئيس العالمي لسياسة رأس المال التنظيمي في شركة التأمين الأمريكية، في اقتراح قدّمه لهيئات المراقبة، إن بعض المُقترحات "ربما كانت مناسبة جداً لتطبيقها في شركة AIG في عام 2007". ويضيف: "لكن لا يبدو أنهم يعترفون بصراحة أو يُدركون الإجراءات الرائعة التي اتّخذناها لإزالة المخاطر عن أنشطتنا منذ الأزمة المالية".
وحتى وقت قريب، كان بعض من في الصناعة يأمل في أن الزيادة المُقررة لرأس المال لشركات التأمين العالمية ذات الأهمية النظامية ــ مشروع يُشرف عليه مجلس الاستقرار المالي لمجموعة العشرين ــ ستتم الاستعاضة عنها بحملات رقابية من شاكلة إجراءات ما بعد الأزمة.
مثلا، الإصلاح الشامل الثاني للملاءة في أوروبا الذي يلوح في أفق للاتحاد الأوروبي مُصمّم أصلا لبناء مُتطلبات رأس المال لشركات التأمين على أساس تقييم شامل للمخاطر التي تُشكّلها كل مجموعة.
مع ذلك، أصبح واضحاً أن القواعد العالمية المُقترحة سوف تُطبّق إضافة إلى المعايير المحلية مثل الإصلاح الثاني للملاءة.
تقول أحدث ورقة بحث أعدّتها الرابطة الدولية لمراقبي التأمين، التي نُشرت هذا الشهر، إنه ينبغي أن يُطلب من المؤسسات التسع أن "تلتزم بمستويات من رأس المال التنظيمي أعلى مما قد تكون عليه الحال لو كانت غير مُحدّدة".
ومن المُقدّر أن تزيد القواعد الجديدة من متطلبات رأس المال في الشركات بنحو 10 في المائة في المتوسط.
ولا يتوقع بعض المُحللين من شركات التأمين أن تمد أيديها إلى المساهمين من أجل جمع الأموال بسبب النظام. من المنتظر أن تحتفظ الشركات، في المتوسط، بأكثر من ضعف الحد الأدنى لرأس المال المُحدد بموجب النظام الجديد. ولديها حتى عام 2019 للامتثال.
مع ذلك، تشعر الصناعة بالقلق من أن هذه المنهجية ستجعل متطلبات رأس المال الجديدة الخاصة بها مُتقلّبة ــ وهذا يعني أن التقلّبات في قيم الأصول يُمكن أن تؤذي بسرعة ما يبدو أنه مواضع عزل قوية.
مقدار رأس المال الإضافي المطلوب أن تحتفظ به شركات التأمين سيعتمد على طبيعة العمل الذي تقوم به، إضافة إلى أي مدى تعتبرها هيئات المراقبة ذات أهمية نظامية.
الرسوم الإضافية المُقرّرة تراوح بين 6 في المائة لشركات التأمين التقليدية المُشكّلة من قِبل شركة ذات أهمية نظامية منخفضة نسبياً، و25 في المائة للقطاع المصرفي غير المُنظّم.
ما يُسمى الأنشطة غير التقليدية وغير التأمينية تضرّرت بشكل بالغ على وجه الخصوص، على الرغم من أن المُنظّمين وشركات التأمين يُكافحون بشأن طريقة تعريفها.
بالنسبة للوقت الحاضر، أنواع الأعمال التي يعتبرها المُنظمون خارجة عن المألوف يبدو أنها تتخطى كثيرا عمليات إقراض المُشتقات والأوراق المالية المُعقدة من النوع الذي أدى إلى تركيع شركة AIG.
المُنظّمون يعتبرون أن "المعاشات السنوية المُتغيّرة" التي تُقدّم عوائد مضمونة لمُدخري المعاشات التقاعدية ــ وهو مُنتج يباع على نطاق واسع في الولايات المتحدة ويُعتبر مهما لشركات منها ميتلايف، برودينشال، وأكسا ــ يعتبرون أنها "غير تقليدية".
ويشتكي المجلس الأمريكي لشركات التأمين على الحياة من أن الخطط "تُعاقب المُنتجات الأمريكية على نحو غير ملائم".
أيضاً من بين العمليات التي يتم وضعها على نحو سيئ بشكل خاص من قِبل القواعد الجديدة هناك تأمين الائتمان التجاري، الذي يُقدّم للشركات حماية ضد العجز عن السداد في سلسلة توريدها. هذا من المتوقّع أن يُلحق الضرر بشركة أليانتس، المالكة لـ "يولر هيرميس"، التي تُعتبر من بين أكبر شركات تأمين الائتمان التجاري في العالم.
قد تعمل القواعد على تحفيز شركات التأمين العالمية التسع ذات الأهمية النظامية للتخلّص من أصول الأنشطة غير التقليدية وغير التأمينية.
أنطونيلو أكينو، المحلل في وكالة موديز، يقول: "أود أن أقول إن هذا الأمر لن يؤدي إلى عمليات بيع في اليوم الأول، لكن قبل تشكيل المزيد من الأعمال بالتأكيد (شركات التأمين) ستنظر في عواقب رأس المال بموجب هذا النظام".
ويُضيف: "إذا كان هناك جزء معين من الأعمال كنت تُفكّر أنه غير أساسي، فهناك الآن سبب أكثر احتمالا لبيعه".
كذلك تتم مُعاقبة التأمين البسيط الذي تُشكّله شركات التأمين العالمية ذات الأهمية النظامية، وإن كان بنسبة أقل من أنشطتها الأكثر غرابة.
تقول جانين هوز، المديرة في شركة KPMG: "هناك الكثير من القلق حول حقيقة أنه ستُفرَض رسوم أصلا على عمليات التأمين التقليدية".
وتجادل رابطة التأمين الأمريكية بأن هذا "قد يبدو أنه يُعاقب شركات التأمين العالمية ذات الأهمية النظامية بسبب مشاركتها في الأنشطة غير النظامية المحفوفة بالمخاطر ــ على عكس أحد الأهداف المنصوص عليها". بشكل عام، وفقاً لمحللين في وكالة فيتش، فإن المُنظّمين من المحتمل أن يعتبروا "أكسا"، و"برودينشال"، و"ميتلايف"، و"برودينشال فاينانشال"، وربما AIG، ذات الأهمية النظامية الأكثر، وشركات أفيفا، جنرالي، وأليانتس أقل أهمية. لكن شركات التأمين تُكافح بقوة لتخفيف القواعد.
المسؤولون التنفيذيون في "ميتلايف" و"بينج آن" هم من بين أولئك الذين يطالبون بتأجيل المشروع.
مع ذلك، جهود الضغط المُكثّفة في الصناعة قد تكون مُثمرة. فالمُنظّمون يُخططون منذ الآن لمراجعة الخطط الشهر المُقبل.
وإذا كانت هناك رسالة واحدة تريد شركات التأمين إرسالها إلى المُنظمين منذ الأزمة المالي، فهي كالتالي: إنها لا تُشكّل المخاطر نفسها مثل المصارف.
وكانت حملة تنظيمية واسعة النطاق على المصارف قد أدت إلى زيادات في رأس المال، وتنظيم وانخفاض عوائد المستثمرين ــ فضلا عن غياب عمليات الدمج والاستحواذ الكبيرة التي تتضمن المصارف الـ 30 التي تم تحديدها بأنها "ذات أهمية نظامية". إنقاذ دافعي الضرائب لشركة AIG في عام 2008 جعل من الصعب جداً على شركات التأمين أن تُجادل بأنه ينبغي أن تنجو من النظام الرقابي الأكثر صرامة. مع ذلك، إبراز الصناعة لشركة AIG جلبته الأنشطة المُعقدة التي ليست لها علاقة تُذكر بالتأمين التقليدي.
ولا يوجد خلاف على أن الهياكل المالية لشركات التأمين تختلف تماما عن الهياكل المالية للمصارف.
بداية، يستطيع أصحاب الحسابات المصرفية سحب ودائعهم بشكل مُفاجئ. في المقابل لا يستطيع حاملو بوالص التأمين المطالبة باستعادة أقساطهم. ولا يتم تعويضهم إلا عندما يحدث شيء لإثارة المطالبة. إلا أن المُنظّمين أوضحوا أنهم يريدون تعزيز مرونة النظام المالي بالكامل، وليس فقط المصارف. مع ذلك، بحسب تعبير أحد مختصي التنظيم: "الحجة التي مفادها أن شركات التأمين ليست مصارف ولا ينبغي معاملتها مثل المصارف تقدمت بالفعل. هناك إدراك أنه عندما تفشل إحدى شركات التأمين، فإن الحكومات يجب أن تتدخّل بالفعل".
لا تزال شركات التأمين تشتكي من أنه تتم مُعاقبتها بشكل غير عادل على خطايا المصارف، مُشيرة إلى أن عملياتها التقليدية ستقع أيضا في براثن القواعد.
(المصدر: فاينانشال تايمز 2015-10-14)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews