العلاقات الإدارية وفق المعايير الشرعـية في شركات التأمين الإسلامية
تقاس درجة التقدم والاستقرار المالي والاقتصادي لأي دولة بدرجة الاعتماد على درجة تقدم صناعتي المصارف والتأمين وقد وجدت المصارف الإسلامية في شركات التأمين الإسلامية ما يتوافق مع تطلعاتها وتطلعات عملائها حيث إن شركات التأمين جاءت مكملة لدورها في منظومة الاقتصاد الإسلامي التي ابتدأتها المصارف الإسلامية وتطورت معها شركات التأمين التكافلي بعدها مباشرة فهناك ارتباط وثيق وعلاقة قوية بين الصناعتين وازدهارهما ينعكس على توازن ميزان المدفوعات الخاص بكل دولة باعتبارهما من الخدمات غير المنظورة التي لها أثر إيجابي على اقتصاد الدولة ومركزها المالي فقد أصبحت خدمات التأمين تشغل اهتمام مجتمعات الأعمال في الأنشطة التجارية والصناعية والخدمية وغيرها لاعتمادهم في تهيئة حالة الطمأنينة والأمان لمشروعاتهم بمختلف أنواعها وللعاملين ولأنفسهم من المخاطر بشتى أنواعها التي قد يتعرضون لها ومن ذلك يتبين أن التأمين هو أحد الوسائل المعاصرة والمهمة الداخلة في منظومة التنظيم الاقتصادي والمالي ودوره المتعاظم في التطور(الصناعي -الزراعي - والتجاري - وسائر الأنشطة الاقتصادية) بل لقد أصبحت صناعة التأمين تنافس وتسابق العمل المصرفي وإذا كان التأمين يحقق هذه الأهداف بالنسبة للمؤمَّن لهم فإنه يحقق للاقتصاد القومي فائدةً أكبر فيساعد على تكوين رؤوس الأموال ويعمل على تنميتها ويمتص من سوق التداول المبالغ المعدَّة للاستهلاك وتجمِّع شركات التأمين من أقساط التأمين رؤوس أموال يتم استثمارها في العديد من المشروعات التي تحقق انتعاشاً وقد ازداد هذا الدور بشمول التأمين جوانب اجتماعية واقتصادية مختلفة الأمر الذي زاد من احتياطي مبالغ التأمين لذلك عَمِدَت الدول إلى تنظيم وإدارة الأنظمة الرقابية والإشرافية على كافة عمليات وخدمات التي تقدمها شركات التأمين (إسلامية- تجارية) سواء للفرد والمجمع (عميل - مساهم- مستثمر- مالك) ومن البديهي النظر لأحكام التأمين التكافلي بالتطبيق الكامل للشريعة الإسلامية بما يحقق التعاون والتكافل على أساس محكم وفي الوقت نفسه تنمية ودعم صناعة التأمين عموما التي تعتبر الملاءة المالية والتنظيم بالنواحي الإدارية والاقتصادية هي الأساس الذي يقوم عليه مستقبل صناعة التأمين وإعادة التامين التكافلي والذي سيتم تناوله بمحاور هذا التقرير:
أولا: عقد التأمين التكافلي والتعاوني
عقد التكافل ليس عقد تبرع محض ابتداء وإنما عقد اشتراك ومشاركة في صندوق تعاوني مشمول بنية التبرع عند تحقيق الخطر لأي من المشتركين تقوم على إدارته شركة متخصصة الغرض منه مساعدة المشتركين في جبر وتخفيف الأضرار التي تلحق بأي منهم بحالة تحقيق الخطر المحدد والموصوف في وثيقة أو عقد التكافل وذلك حسب الشروط المنصوص عليها بالعقد وقد عرفته هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بأن التأمين الإسلامي كنظام يقوم على تبرع المشاركين فيه بكل أو جزء من الاشتراكات المقدمة لدفع تعويضات الأضرار التي تقع لبعضهم واقتصار دور الشركة على إدارة أعمال التأمين واستثمار أموالها تحكمه ثلاثة أسس رئيسية هي(توفير الأمن والأمان - التعاون والتكافل - الاحتياط للمستقبل)
ثانيا: العلاقات المالية والمحاسبية في شركة التأمين التكافلي
يتمثل في فصل أموال الوثائق عن أصحاب الشركة المديرة وتتلخص منهجية الإدارة بفصل حسابات الشركة المديرة عن حسابات صندوق أصحاب الوثائق وكذلك حسابات الفائض والعجز على أساس الوعاء الواحد أو الأوعية المختلفة حسب أنواع الصندوق إضافة لتوزيع الفائض للمشاركين حسب الطريقة المعتمدة للشركة وتحت إشراف هيئة الرقابة الشرعية والجهات الرقابية والإشرافية والتنظيمية لصناعة التأمين المحلية مع تمويل العجز النقدي للصندوق عن طريق صيغة القرض الحسن.
ثالثا: العلاقات الإدارية في شركة التأمين التكافلي
يترتب على طبيعة عقد التكافل والتأمين التعاوني تغييرا في مفهوم الإدارة بالنسبة لشركات التأمين التكافلية أهمها أن الشركة تقوم بإدارة الخطر بالنيابة وبناء على توكيل من المشتركين وأصحاب الوثائق مقابل أجر فالمهمة الأساسية لشركة التأمين المديرة لصناديق التأمين التكافلي هي إدارة الاخطار التي أنشئ بسببها الصندوق من حيث تقييم درجة الأخطار وتحديد قيمة الاشتراكات وتحصيلها وعقد اتفاقات إعادة التكافل أو التامين وتقييم الحوادث التي تقع ومن ثم تحديد التعويضات المناسبة ودفعها ومن قبل إيجاد مقر وتأثيثه وتوفير المعدات المكتبية من أجهزة حاسوب وغيرها والعاملين وهي أعمال تحتاج مقابلا ماديا للإدارة بغض النظر عن النتائج المالية التي يسفر عنها صناديق التكافل في نهاية الفترة المالية المحددة.
رابعا: معالجة المصروفات العمومية في شركة التأمين التكافلي
تشمل المصروفات العمومية كلا من:
* المصروفات التسويقية وهي المصروفات الخاصة بتكاليف الحصول على أعمال التأمين وعادة تنحصر في تكاليف مندوبي البيع فشركات التأمين التكافلي لا تختلف عن التجارية من حيث حاجتها لمندوبي البيع والعرض وشرح منتجاتها للعملاء إلا أن نوعية مندوبيها يجب أن تتوفر فيهم المعرفة والقدرة على بيان الفرق الشرعي بين نوعي التأمين ويجب الإفصاح عن هذه التكاليف في قائمة الإيرادات والمصروفات لحساب حملة الوثائق وذلك حسب معيار العرض والإفصاح العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية بالبحرين.
* المصروفات الإدارية وهي المصروفات الخاصة بتكاليف وإدارة عمليات الخدمة التأمينية مثل الأجور والاستشارات والإيجارات والاتصالات والأدوات المساعدة وكل ما يستتبع من مصروفات لإدارة عملية التامين وحيث إن العلاقة بين شركة التأمين الإسلامية باعتبارها مديرة لعمليات التأمين وبين حملة الوثائق هي علاقة أجر فيفترض أن يكون الأجر معلوما للطرفين ولاسيَّما الطرف الثاني وهذا الأجر يكون استعاضة المصروفات الفعلية على ألا تزيد عن نسبة محددة من الاشتراكات المكتتبة في السنة المعنية أو نسبة معلومة من أقساط الاشتراك وقد تكون ثابتة أو متغيرة ويتم تحديدها في نهاية كل فترة مالية للفترة التي تليها بناء على المتوسط الحسابي للأرقام الفعلية لمصروفات السنوات السابقة مع أخذ احتمالات وفرص التوسع للشركة والأرقام التقديرية المتوقعة لاشتراكات الفترة الجديدة.
خامسا: تنظيم العلاقات الإدارية وفق الضوابط الشرعية
تتميز شركات التأمين التكافلي بأنها تعمل وفقاً لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية والتزام الشركة لذلك واجب عليها القيام به ويفرضه عليه نظامها الأساسي والقوانين والأنظمة النافذة لأن عملاء المؤسسات المالية الإسلامية لن يثقوا في عملياتها ما لم يتم التأكد من مطابقتها للشريعة وتقع هذه المسؤولية على السلطات الإشرافية والتنظيمية على المؤسسات المالية الإسلامية التي تصدر تعليمات ملزمة بالتدقيق الشرعي والذي جُعِل في معايير الضبط وظيفة ثانية لهيئات الرقابة الشرعية بالإضافة إلى وظيفتها الأولى المتمثلة في الفتوى والتوجيه الشرعي ومن هذه الضوابط للعلاقات الإدارية بشركة التأمين التكافلية:
(الصيغة الشرعية لأجر الإدارة) توجد ثلاث صيغ متعارف عليها لتحميل صندوق التكافل بأجر الإدارة وهي صحيحة التطبيق وتختار كل شركة ما يناسبها منه بناء قرارات هيئات الرقابة الشرعية والجهة المنظمة للرقابة والإشراف ومنها صيغة المضاربة من حيث أن يستقطع الأجر من فائض الصندوق أو صيغة الوكالة فيدفع للشركة المديرة نسبة تحدد سنويا من الاشتراكات أو صيغة الإجارة حيث تسترد الشركة المديرة مصروفاتها الفعلية من صندوق التكافل بحيث لا تزيد عن نسبة معينة من الاشتراكات محددة بواسطة هيئة الرقابة الإشرافية لصناعة التأمين التكافلي.
(الصيغة الشرعية لأجر استثمار صندوق التكافل والادخار) استثمار أموال صندوق التكافل نشاط إضافي مترتب على وجود حجم مناسب من الأموال بهذا الصندوق ويمكن استثمارها ولهذا يجب وجود إدارة نشطة لمتابعة تحصيل الاشتراكات ويتم استثمار هذه الأموال في أوعية متوافقة ومبادئ الشريعة الإسلامية ومجازة من قبل هيئة الرقابة الشرعية مع ملاحظة أن صناديق الادخار والاستثمار الموجودة في فرع التكافل العائلي لا تعتبر من صناديق التكافل وإنما هي صناديق ادخارية استثمارية غرضها وهدفها الأول هو الادخار والاستثمار وزيادة عائدها وتنميته لأنه النشاط الأساسي للشركة وعادة ما تتم إدارة أموال الصناديق بنظام أجر المضارب مقابل نسبة معلومة من عائد أرباح الاستثمار لأموال صندوق التكافل.
(المصدر:الشرق القطرية 2015-06-14)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews