اقتصاد رأسمالي تقوده الدولة!
لا أظن أن إخراج مصر من أزمتها الاقتصادية الطاحنة يمكن أن يتم بدعوات الارتداد إلى الاشتراكية العلمية المرتبطة بالشمولية والمركزية وغياب الحرية أو بالتباكى على بعض قشور النجاح السطحى لتجربة الانفتاح السبهللية
التى استبيح باسمها وباسم قوانين السوق الرأسمالية نهب المال العام واستلاب أراضى الدولة ومواردها... وأيضا فإن تجربة مايسمى بالاقتصاد الإسلامى كشفت عن عوار فاضح فى الفكر الاقتصادى واتضح أنها مجرد شعارات فارغة تخلو من أى مضمون اجتماعي.
مصر تحتاج إلى نظام اقتصادى تتوافر له كل مميزات الرأسمالية الخالية من التوحش والاحتكار وبما يضمن احترام قيم الإنتاج المثلى والعدالة الاجتماعية الرشيدة ومثل هذا النظام يصعب الارتكان فيه إلى قواعد العرض والطلب وشهوة السعى إلى الربح وتجنب المغارم الاجتماعية ومن ثم فإن المؤهل الوحيد للاضطلاع بتبعات مثل هذا النظام هو دولة الحكم الرشيد التى توظف أدوات القوة التى تملكها فى خدمة محورين متوازيين هما كثافة الإنتاج وعدالة التوزيع.
مصر لم تعد تحتمل أى تجارب يريد البعض إعادة دوران عجلاتها سواء باسم الاشتراكية العرجاء أو الرأسمالية المتوحشة أو النموذج الإسلامى الأهطل ولا هى بحاجة إلى مستشارين دوليين ينادون بتغيير جذرى فى هوية الاقتصاد المصرى وما يترتب على ذلك من انزلاق إلى المساس بالهوية الاجتماعية بكل خصوصياتها المصرية.
مصر تحتاج ثقافة اقتصادية واجتماعية وسياسية جديدة تهيئ الوطن للتعايش مع اقتصاد رأسمالى تقوده الدولة تكون قاعدته الأساسية تحقيق التوازن الغائب بين الأجر والإنتاج من خلال نوتة اقتصادية تتوزع ألحانها بين الدولة والقطاع الخاص لكى تلعب فيها الدولة دور المايسترو المركزى الذى يمنع تضارب المصالح ويسهم فى زيادة وتنويع الموارد ويضمن حصيلة عادلة من الضرائب ويغلق الباب تماما أمام منافذ الفساد وأجواء التسيب التى تقوى وتشتد كلما ضعفت واهترأت البنى التحتية للمنظومة الإدارية فى الدولة!
خير الكلام : من يطلب المال بالسحر لن يسلم من الإفلاس !
(المصدر: الأهرام 2014-07-16)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews