لمن تنحاز الدولة اقتصاديًا؟
أصدرت الحكومة المصرية العديد من القوانين والقرارات السياسية والاقتصادية الهامة منذ الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين، واعتلاء المستشار عدلي منصور سدة الحكم ومن بعده الجنرال عبد الفتاح السيسي في محاولات لإنقاذ الاقتصاد المصري.
كان من أهم تلك القرارات قانون الضريبة على الأرباح الرأسمالية للبورصة، وقانون الخدمة المدنية، والحد الأدنى والأقصى للأجور، لكن في صالح من هذه القرارات والقوانين التي أثارت جدلًا واسعًا في المجتمع؟ ولأي صف كانت انحيازات الدولة؟
من البديهيات أن تكون انحيازات الدولة إلى شعبها وخاصة الفئات الفقيرة، فالدولة بالأساس وجدت لتنظيم العلاقات بين سكانها وتحقيق العدل والعدالة الاجتماعية والمساواة ومناصرة الفقير والضعيف.
لكن الواقع في مصر مختلف؛ فنجد أن الدولة قد تخلت منذ ما يزيد على العقود الثلاثة عن دورها في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة ومناصرة الفقير والضعيف، إلى أن جاءت ثورة الـ25 من يناير بشعاع من النور لعودة الدولة إلى دورها الأصيل في تحقيق العدالة الاجتماعية، ولكن لم يتحقق شيء حتى الآن واستمرت الدولة في التخلي عن دورها اقتصاديًا واجتماعيًا.
فقانون الضريبة على البورصة لاقى اعتراضًا واسعًا من رجال الأعمال والمستثمرين، مع العلم أن هذا القانون مطبق في معظم بورصات العالم، وأدى ذلك إلى خسائر جمة بالبورصة المصرية إلى أن رضخت الحكومة المصرية وتم إيقاف العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة لمدة عامين. أما قانون الخدمة المدنية الذي ثار عليه موظفو الدولة، وأدى إلى مظاهرات؛ فلم ترضخ الحكومة ولم تتراجع عنه الدولة!
تلك الأحداث تعيدنا إلى سؤال هام، ما هو دور الدولة اقتصاديًا؟
يمكن تلخيص دور الدولة اقتصاديًا في 4 نقاط رئيسية:
حفظ النظام وتطبيق القانون وضمان احترام حقوق الملكية الخاصة وإنفاذ التعاقدات.
تنظيم العلاقات بين الفاعلين الاقتصاديين ابتغاءً للصالح العام.
اتخاذ الدولة لدور تنموي إزاء الاقتصاد بأن تضطلع بإدارة جزء من الموارد الاقتصادية بما يدفع النمو، أو يحقق أهدافًا تنموية كالتصنيع، أو دعم منافسة الصناعات المحلية في الأسواق العالمية، أو تنمية قطاعات بعينها لخلق الوظائف.
الدور الأخير فهو دور الدولة في إعادة توزيع الدخل والثروة، ويتحدد هذا من خلال مالية الدولة في المقام الأول، والذي تقوم الدولة من خلاله بتحصيل الضرائب وغيرها من الإيرادات واستخدامها للإنفاق على مجالات معينة.
هل تلتزم الدولة المصرية بهذه الأدوار؟
الإجابة هي لا، فلا نجد تطبيق القانون بالعدل والمساواة، فنجد على سبيل المثال أن هناك قطاعات من الدولة دائمًا مستثناة من تطبيق القانون كما هو الحال في الهيئات القضائية والشرطية، ورفضها تطبيق الحد الأعلى للدخول وقانون الخدمة المدنية، كذلك نجد الدولة قد تخلت عن دورها التنموي اقتصاديًا وتركته للمؤسسات الخاصة ورجال الأعمال.
انحيازات الدولة المصرية الآن، و منذ سبعينيات القرن الماضي، ومع سياسات الانفتاح والارتماء في أحضان المؤسسات المالية العالمية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي؛ لم تعد انحيازات للشعب وإنما لصالح رجال الأعمال والشركات متعددة الجنسيات، وهذا ما اتضح في القرارت من التخلي عن قانون الضريبة على الأرباح الرأسمالية المحققة في البورصة، كذلك تعنت القطاع الخاص في رفض تطبيق سياسة الحد الأدنى للأجور.
(المصدر: ساسة بوست 2016-01-07)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews