زيادة التعرض للأسواق الناشئة أمر مناسب تماما الآن

استغرق الأمر عاما بالضبط لمستثمري سندات الأسواق الناشئة لاسترجاع خسائرهم من نوبة الانسحاب التدريجي في أيار (مايو) الماضي. بعد خسارة 12 في المائة في وقت قصير، عندما أثار بن برنانكي احتمال إنهاء عملية شراء السندات من قِبل الاحتياطي الفيدرالي، ساعدت التهدئة النهائية في أسعار الفائدة الأمريكية طويلة الأمد على عودة المؤمنين بالسوق الصاعدة إلى التداول.

ومن الصعب العثور على شخص يؤمن بالسوق الصاعدة أكثر من جيروم بوث. فبعد أن بنى ثروة من سندات الأسواق الناشئة كجزء من عملية استحواذ على شركة آشمور لإدارة الصناديق، يعتقد بوث أن على المستثمرين تخصيص نصف محافظهم لأصول العالم النامي، بدلاً من النسبة الأنموذجية البالغة 5 في المائة، أو أقل، في معظم المؤسسات.

وتعتبر حجته الأساسية التي وضعها في كتاب جديد* مغرية، لكن هذه المرة مختلفة حقاً: علينا أن ننسى أزمات الثمانينيات والتسعينيات المتكررة، التهديد الحقيقي الآن يأتي من العالم المتقدم، مع سياسات غير جديرة بالثقة "شاهد نتائج الانتخابات التمهيدية الأسبوع الماضي في ولاية فيرجينيا التي انتهت بخروج إيريك كانتور، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكي، بسبب أحد نشطاء حزب الشاي الذي ظهر حديثاً، أو فوز الشعبوية في الانتخابات الأوروبية الشهر الماضي"، إضافة إلى اقتصادات ضعيفة وتراكم ديون هائلة.

الأمر ليس فقط أن الغرب خسر. لقد تحسّنت الأسواق الناشئة أيضاً بشكل كبير منذ سقوط جدار برلين، مع انخفاض تدخّل السوفيات والولايات المتحدة وترسّخ الديمقراطية في العديد من الأماكن. بوث يرى أن الناخبين على استعداد لتحمّل الألم قصير الأجل لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل، في الوقت الذي يتم فيه إدارة السياسة النقدية بشكل أفضل بكثير. ويلعب مستثمرو المؤسسات المحلية الآن دوراً كبيراً في العديد من أسواق سندات الأسواق الناشئة، للمساهمة في ذلك الاستقرار. والأهم من ذلك، يعتقد أن عدوى واسعة للأسواق الناشئة أضحت شيئا من الماضي. ستظل هناك أزمات فردية في البلدان، لكن عملية سحب الأموال من الأسواق الناشئة التي أسهمت في حالات الإعسار في الثمانينيات والتسعينيات لن تتكرر.

من السهل الاعتراض. لنأخذ بلدان بريكس. من المتوقع أن ينمو الاقتصاد البرازيلي هذا العام بنسبة 1.5 في المائة فقط، أي نصف نمو الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، في حين أن التضخم وصل إلى أعلى النطاق المستهدف من البنك المركزي؛ 6.4 في المائة. وستكافح روسيا لتجنّب الركود بعد أن تفوّقت الجغرافية السياسية على الاقتصاد. والهند تعتبر نجمة مع حكومة إصلاح جديدة، لكن هذا بالتأكيد تم احتسابه بالفعل، مع الأسهم التي وصلت إلى مستويات قياسية مرتفعة. وديون الصين تعادلت أخيراً، ومهمة الدكتاتورية الشيوعية هي تجنب الهبوط الحاد خلال مهمة صعبة تتمثل في الابتعاد عن اقتصاد قائم على الاستثمار ومخطط مركزياً، إلى تحرير الإقراض وتشجيع الاستهلاك.

بالنسبة لبوث لا شيء من هذا يُهم للهدف طويل الأمد. وكما يقول: "جميع البلدان محفوفة بالمخاطر. وبلدان الأسواق الناشئة هي التي تم فيها إدراك هذا الخطر واحتسابه على نطاق واسع".

حسناً، ربما يكون هذا صحيحاً. بالتأكيد الوضع الخاطئ "الخالي من المخاطر" الممنوح للسندات في كثير من دول العالم المتقدم لا يترك أي مجال للخطأ. لكن العوائد على سندات الأسواق الناشئة ضئيلة بدرجة لا تترك شيئاً يذكر للخيال.

المؤشر المرجعي للسندات المقومة بالدولار في الأسواق الناشئة يحقق عوائد تزيد قليلاً على 5 في المائة، أو 2.4 نقطة مئوية أكثر من سندات الخزينة الأمريكية - وهو تخفيض كان أقل بكثير فقط خلال الفائض "الفاصل" لعامي 2006-2007. إنها تقريباً في المكان الذي كانت عليه قبل نوبة الانسحاب التدريجي العام الماضي وذروة تفاؤل الأسواق الناشئة ما بعد الأزمة في عام 2011. وفي كل من هذه الأوقات تبيّن أن المستثمرين لم يتخذوا أي إجراء للحد من المخاطر. وسط عجز روسيا، على سبيل المقارنة، وصل انخفاض الأسواق الناشئة إلى 11 نقطة مئوية، وبعد انهيار ليمان وصل إلى أكثر من ثماني نقاط.

إذا كانت سندات الأسواق الناشئة تعكس بالفعل فكرة أنها على طريق محتوم، حتى لو وعر، إلى الازدهار، عندها فإن حجة بوث تستند أساساً على إساءة تسعير المخاطر في الأسواق المتقدمة. في الواقع، يدّعي بوث أن خطر عجز العديد من حكومات الأسواق الناشئة يماثل، أو هو أقل من تلك السندات في البلدان المتقدمة المفترض أنها "خالية من المخاطر".

ويُخصص جزءا كبيرا من الكتاب للتغلب على أركان النظرية المالية التي تدعم الكثير من التفكير المشوش في الاستثمار، من تعريفات فئات الأصول إلى الحدود الفعّالة، والهوامش، والمؤشرات، والمعدّلات الخالية من المخاطر. وفي كل حالة تقريباً يرى أن الحل هو المزيد من الاستثمارات في الأسواق الناشئة.

إلا أن الصورة الكبيرة هي أن عملات الأسواق الناشئة تحتاج إلى الارتفاع كثيراً مقارنة بالأسواق المتقدمة. هذا يمكن أن يحدث في حالة ذعر، إذا أدركت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة حجم المخاطر التي تُجازف بها من خلال الاحتفاظ بقدر كبير من احتياطاتها من العملة الأجنبية بالدولار. الاندفاع للخروج من المأزق قد يجعل الدولار ينهار في الوقت الذي يتم فيه تحويل الاحتياطات إلى أماكن أخرى. بوث يرى هذا بمثابة تهديد كبير على الدولار، وسببا لتجنّبه. لكن حتى لو كان محقاً -والكثير قد يُخالفه الرأي بأن الدولار سيفقد مكانة العملة الاحتياطية في أي وقت قريب- فإن الأسواق الناشئة ستكون الخاسر الأكبر من المجازفة بالدولار مع انهيار قيمة احتياطاتها. مع ذلك، التخفيض السلس لاحتياطيات الأسواق الناشئة المفرطة سيعمل على تعزيز عملاتها، ويحقق مكاسب للمستثمرين. والسؤال الكبير هو ما إذا كان بإمكان الأسواق الناشئة توظيف ما يكفي من رأس المال للسماح بتقليص الاحتياطيات بشكل كبير بدون فقاعات أو أجور متضخمة. تحقيق ذلك يحتاج إلى إصلاحات صعبة سياسياً، تُلحق الضرر بالعديد من مجموعات المصالح الراسخة. ويُشير بوث إلى أن المستثمرين يميلون إلى تجاهل المخاطر التي لا يمكن قياس كميتها. وهذه واحدة منها.

(فايننشال تايمز 19/6/2014 )