زيادة الثقة بتعافي الاقتصاد العالمي تدعم أسواق النفط

في الشهر الماضي العوامل المالية دعمت أسواق النفط العالمية، كما أن خط الأنابيب الجديد وطقس الشتاء الشديد البرودة في الولايات المتحدة أعطى دفعة لأسعار النفط الخام في أمريكا الشمالية. في حين أن تأثير المخاطر الجيوسياسية ظل على حاله، على الرغم من الأحداث الأخيرة في أوكرانيا.

أسعار نفط خام غرب تكساس الوسيط في أسواق نايمكس ارتفعت ما يقرب من ستة دولارات للبرميل الواحد إلى 100.68 دولار للبرميل في شباط (فبراير) الماضي، في حين ارتفعت أسعار العقود الآجلة لنفط بحر الشمال برنت أقل من ثلث هذا المبلغ إلى 108.84 دولار للبرميل. في الرابع من آذار (مارس) الجاري انخفض الفرق بين نفط غرب تكساس الوسيط ومزيج برنت إلى ما دون ستة دولارات للبرميل للمرة الأولى منذ تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، حين استقر مزيج برنت عند 109.3 دولار للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط عند 103.33 دولار للبرميل.

مع زيادة الثقة بشأن تعافي الاقتصاد العالمي وأيضا زيادة التفاؤل بشأن نمو الطلب العالمي على النفط، ارتفعت أسواق الأسهم في شباط (فبراير)، حيث ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) أكثر من 4 في المائة خلال الشهر ليسجل رقما قياسيا جديدا عند 1860 نقطة في 28 شباط (فبراير).

كما أن انخفاض المخزون النفطي في مركز بيع نفط خام غرب تكساس الوسيط في كوشينج بولاية أوكلاهوما قد دعم أيضا أسعار نفط خام غرب تكساس الوسيط في أسواق نايمكس، كما أن درجات الحرارة الواطئة واستمرار فصل الشتاء لفترة أطول قد عزز من استهلاك زيت التدفئة والبروبان. في الأسابيع الأخيرة، تدفق نحو 300 ألف برميل في اليوم من النفط الخام من مركز البيع في كوشينج بولاية أوكلاهوما عبر خط أنابيب ترانس كندا الجديد، ما ساعد على دفع مستوى المخزون في مركز تسعير خام تكساس الوسيط إلى مستوى أقل في خمسة أسابيع على التوالي.

من ناحية أساسيات السوق، ظلت أسواق النفط العالمية متخمة بالنفط الخام في شباط (فبراير)، حيث إن المخزون الضمني للنفط Implied Stock وصل إلى أكثر من 1.8 مليون برميل في اليوم في شباط (فبراير)، مع زيادة الطلب العالمي على النفط بنحو مليون برميل في اليوم على أساس سنوي وارتفاع الإمدادات العالمية بنحو 2.8 مليون برميل في اليوم على أساس سنوي. مقارنة بالشهر الذي سبقه ارتفاع الطلب العالمي على النفط بنحو 60 ألف برميل في اليوم فقط في شباط (فبراير)، في حين ارتفعت الإمدادات العالمية بأكثر من 800 ألف برميل في اليوم. لقد استمر نمو الطلب على النفط قويا في شباط (فبراير)، مع استمرار تحسن الاقتصاد العالمي، حيث ارتفع الطلب العالمي بنسبة 1 في المائة "نحو مليون برميل في اليوم" على أساس سنوي في الشهر الماضي، مقارنة بـ 1.3 في المائة "1.2 مليون برميل في اليوم" في كانون الثاني (يناير) و1.1 في المائة في كانون الأول (ديسمبر).

وفي شباط (فبراير) ارتفع مؤشر مديرى المشتريات لقطاع التصنيع العالمي الذي يعده جي بي مورجان إلى 53.3 من 53 ليسجل نموا للشهر الـ 15 على التوالي، حيث سجل المؤشر نموا كبيرا في الولايات المتحدة واحتفظ بمكاسبه في منطقة اليورو واليابان وبريطانيا. في المقابل أظهر المسح انكماشا في المؤشرات في كل من الصين وكوريا الجنوبية وروسيا في حين كانت معدلات النمو في الهند والبرازيل وفيتنام وإندونيسيا دون المتوسط العالمي. على الرغم من ذلك ارتفع الطلب العالمي على النفط في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الشهر الماضي، لكنه تراجع قليلا في الدول الأعضاء في المنظمة. حيث ارتفع الاستهلاك في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 2.2 في المائة في شباط (فبراير) مقارنة بالشهر نفسه من عام 2013، وهو أسرع معدل نمو منذ آب (أغسطس) من العام الماضي. هذا وتراجع الطلب على النفط في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 0.1 في المائة، وهو أول انخفاض له في أربعة أشهر.

أمريكا الشمالية كانت المنطقة الوحيدة من الدول الأعضاء التي شهدت نموا في الطلب على النفط في الشهر الماضي، في حين أن الطلب كان في أوروبا مستقرا تقريبا، وفي آسيا المحيط الهادي استمر يعاني الانخفاضات الكبيرة على خلفية ضعف الاستهلاك في اليابان، وخاصة في قطاع الطاقة الكهربائية.

من بين الدول غير الأعضاء في المنظمة، كان نمو الطلب على النفط في شهر شباط (فبراير) مرة أخرى الأقوى في دول الاتحاد السوفياتي السابق وأوروبا، حيث ارتفع بما يقرب من 4 في المائة في كل منطقة. نمو الاستهلاك كان إلى حد ما متناغما في المناطق الأربع الأخرى؛ إفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، حيث نما الطلب بين 1.8 و2.6 في المائة لكل منهما.

من ناحية العرض، تشير البيانات الأولية إلى استمرار النمو في إمدادات النفط العالمية في شباط (فبراير)، حيث ارتفعت الإمدادات العالمية بأكثر من 800 ألف برميل في اليوم على أساس شهري. نمو الإمدادات من المنتجين من خارج منظمة أوبك تباطأ في الشهر الماضي إلى أقل من 400 ألف برميل في اليوم. ارتفع إنتاج النفط من دول منظمة أوبك في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي مدعوما بارتفاع الإنتاج العراقي والسعودي بنحو 560 و80 ألف برميل في اليوم على التوالي، في حين تراجع الإنتاج الكويتي والإماراتي بنحو 20 و16 ألف برميل في اليوم على التوالي، بقية إنتاج دول المنظمة انخفض بنحو 110 آلاف برميل في اليوم.

خارج أمريكا الشمالية، الأداء الأفضل للحقول النرويجية، البرازيلية والأسترالية دعم نمو الإمدادات من خارج منظمة أوبك. على الرغم من استمرار الاضطرابات في جنوب السودان ارتفع إنتاجها في الشهر الماضي بنحو 40 ألف برميل في اليوم ليصل إلى أكثر من 200 ألف برميل في اليوم. على الجانب الآخر انخفض الإنتاج الروسي بنحو 40 ألف برميل في اليوم، والصيني والإندونيسي بنحو 25 ألف برميل في اليوم لكل منهما.

( الاقتصادية 20/3/2014 )