المؤشرات الاقتصادية وتقلبات النفط
لا تعير المنطقة العربية المؤشرات الاقتصادية اهتماما عند رسم سياسات تنموية، ولا تأخذ بها عند دراسة مشروعاتها الصناعية والتجارية والاجتماعية، مما أثر سلبا على حراك المشروعات، بينما تولي أوروبا اهتماما بالغا لتلك المؤشرات، ولا تشرع في دراسة أي خطوة اقتصادية إلا من خلال تحليلات دقيقة للاقتصاد.
يعمل اقتصاد الغرب وفق منظومة تتكون من الإحصائيات والمؤشرات وخبرات رجال الأعمال والعاملين في قطاعات النمو، وقبل الشروع في أي مشروع تتم دراسته نظريا ومكتبيا ويخضع للدراسة الميدانية والتجريب العملي لمدد طويلة، ثم يعاد للدراسة واستخلاص نقاط الضعف.
كما تخضع المؤشرات للتحليلات المستفيضة من ذوي الخبرات وآراء المجتمع، قبل أن يتم إقراره.
ولعل من أهم عوامل نجاح المؤشرات: الاستمرارية، والمصداقية، والنزاهة، وقراءة الواقع بدقة، والإلمام بكل المتغيرات المحيطة، وخضوعها للتجديد ومواكبتها لرغبات المجتمع.
ولا يخفى على أحد الأهمية القصوى للمؤشرات لكونها ترسم آليات محددة ميدانيا، وتضع خططا لبرامج تدريبية قد يحتاجها الغد.
واستشهد هنا، بالتقلبات السعرية للنفط، وموجات القلق التي تعصف بأسواق المال والطاقة، وتذبذب الأسواق بين الصعود والهبوط.
وما يعنيني هنا مؤشرات الوضع الراهن للطاقة، التي تشير إلى ضخامة الاحتياطات العالمية من مخزون النفط، وفي الوقت نفسه يعاني الشرق الأوسط من تراجع اقتصادي في كل مناحي الحياة، وهو حال النفط الذي يعتبر قيمة اقتصادية محركة للنمو.
ولو تتبعنا نمو الطاقة النفطية في عالمنا وفق موشرات بيانية يتبين أن العالم يستخدم ٢٧ مليار برميل من النفط سنويا، ويستهلك منه عالميا حوالي ٢١ مليار برميل سنويا، وذلك حسب مؤشرات السوق.
فإذا كان الإنتاج النفطي المهول متفائلا فإن الوضع العربي لا يبين ذلك، بسبب عدم الاستقرار السياسي في بعض دول المنطقة، وعلى الرغم من ضخامة الإنتاج العربي من النفط إلا أن القلق يسيطر على أسواق النفط.
وبنظرة أكثر عمقاً، فإن المخزون العربي من النفط يعد الأضخم عالميا، ولن تستغني الدول عن النفط كطاقة إستراتيجية مشغلة للمصانع ومؤسسات العمل، بل ويتطلب التوسع الصناعي المزيد من الطاقة للاعتماد عليها في التشغيل، وما أذكره هنا يستند إلى مؤشرات واقعية تطالعنا بها مراكز الرصد كل يوم.
فلا يمكن البحث عن بدائل للنفط لأنه مخزون وافر في بطن الأرض، تشكل بفعل عوامل التحلل للكائنات وما دامت حياة البشرية والكائنات الحيوانية والنباتية مستمرة، فلن ينضب النفط، أضف إلى ذلك أنه بات عصب الحياة في الصناعة والمصانع وتوليد الكهرباء والاستثمار.
فالمخاوف التي تعتري الأسواق مصدرها قلق المنتجين والمستثمرين، مما أدى إلى انكماش وتراجع وركود، ولكن المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن الوضع الراهن يتطلب المزيد من التروي.
ويتطلب من الدول المنتجة تبني سياسات جديدة تقوم على إستراتيجيات المؤشرات، وعمل قاعدة بيانات رقمية تقيس مراحل ثورة النفط، وهذه القاعدة تعزز من مشاركة رجال الأعمال في الاقتصاد، لأهميتها في تقدم القطاع وحيويته.
(المصدر: الشرق القطرية 2016-05-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews