صناعة السيارات تعاود الانطلاق من معرض جنيف

أزيح الستار في هذا الأسبوع عن معرض السيارات في جنيف، ورأى الجميع التحسن الذي طرأ على صناعة السيارات في أوروبا، حيث يظهر من تحت الأغطية الحريرية في هذا المعرض أسرع سيارة في العالم، وسيارة للاستخدامات الرياضية تسير في المدن يوجد على جوانب أبوابها الخارجية جيوب هوائية، وسيارة مدمجة صغيرة تعمل بالهيدروجين.

في هذا الحدث السنوي، عرضت أكثر من 20 سيارة عرض. يحدث هذا في وقت بدأ فيه صناع السيارات بالخروج من فترة عجفاء عمت فيها عمليات تخفيض التكلفة وشد الحزام على البطون، وهو ما سبب تشديداً على ميزانيات الأبحاث وانخفاضاً في هوامش الأرباح.

يقول إيان فليتشر من شركة الاستشارات آي إتش إس أوتوموتف: "بالنسبة لصناع السيارات العاديين في المنطقة، من أمثال جنرال موتورز وفورد ورينو وبيجو وفيات، كانت الضغوط التي تعرضت لها تلك الشركات تعني أن على هذه المجموعة أن تبتعد عن أو تؤجل بعض حالات الاستثمار في الموديلات الجديدة أو تحديث مصانعها".

مضيفاً: "أي نوع من التشجيع كان سيقدم لهم الثقة بالتحرك إلى الأمام بزيادة الإنفاق، وكان سيجري الأخذ بمقامرات قليلة في اتجاه المستقبل".

شاركت أربع شركات سيارات أوروبية من بين أكبر ست شركات لصناعة السيارات في أوروبا في عرض سياراتها، إضافة إلى 75 موديلاً جديداً سيجري تدشينها في المعرض السنوي الرابع والثمانين في جنيف، وهو أهم حدث في صناعة السيارات الأوروبية.

عادة ما تكون سيارات الاستعراض التي يكون تطويرها وتصميمها وصناعتها مكلفاً، وأحياناً لا تكون قريبة بأي حال من الإنتاج الكامل، علامة على الصحة والعافية في هذه الصناعة.

يقول مسؤول تنفيذي كبير في إحدى شركات صناعة السيارات الأوروبية: "كان هناك توقف، والآن عدنا جميعاً نتزاحم للدخول إلى السوق. يوجد اعتراف بأن خطوط المنتجات، التي يجري تطويرها لا تزال عجفاء".

في نهاية 2013، ادّخرت 10 من أكبر شركات السيارات في العالم مبالغ لحالات الطوارئ، وصلت في مجموعها إلى 221 مليار دولار من الأموال النقدية أو معادِلات النقد، وفقاً لأبحاث من شركة إرنست آند يونج.

وبعيداً عن صناع السيارات العاديين، سيتم تدشين عدد قليل من السيارات السوبر الفائقة حصرياً في معرض جنيف.

تقول شركة السيارات السويدية كوينيغسيغ إنها ستكون واحدة من هؤلاء، وأن واحدة من سياراتها السوبر ستكون أسرع سيارة تسير على الطرق في العالم، وأنها ستكون الأولى في نسبة قوة الأحصنة المساوية للوزن.

كشفت شركة رولز رويس عن موديل "الشبح" الجديدة المشهورة عادة برفاهيتها إلى حد ما، أما بوجاتي، وهي جزء وامتداد لإمبراطورية مجموعة فولكسفاجن، فستكشف عن نوع خاص يكلف ثلاثة ملايين دولار وهو موديل فيرون.

وكانت جنيف أول معرض يقام بعد أن تم حل أطول حكايتين ماليتين استمرتا فترة طويلة في صناعة السيارات الأوروبية.

الأولى هي قصة "فيات" التي استحوذت بشكل كامل على صانعة السيارات الأمريكية "كرايزلر" الغنية بالأموال، وأعلنت بأنها ستدرج أسهمها في بورصة نيويورك، الأمر الذي أزال بعض الأسئلة المتعلقة بالطريق الذي ستسير عليه هاتان الشركتان.

الثانية هي أن شركة بيجو سيتيروين أكملت الحزمة المالية التي قدرت بثلاثة مليارات يورو، التي ستأتي من الحكومتين الفرنسية والصينية، والتي ستحل بعض المخاوف الضاغطة على ميزانيتيها.

صانع السيارات الجديد الذي عُمد باسم فيات-كرايزلر أوتوموبيلز سيدشن أول سيارة جيب إيطالية على الإطلاق في جنيف، وهي نوع صغير وجديد لموديل رانجلر، وسط تحول الشركة عن إيطاليا باتجاه مستقبل يركز على الولايات المتحدة.

في الأشهر الخمسة الماضية بدا أن الانخفاض في مبيعات السيارات الأوروبية وصل إلى أدنى مستوى له خلال ست سنوات، وأنه بدأ يتحوّل بصورة إيجابيّة، ما رفع الآمال بأن صانعي السيارات العالميين العاملين في المنطقة مثل فورد وجنرال موتورز، سيكون بمقدورهم توقع توقف أعمالهم الأوروبية عن إعلان الخسائر في السنتين المقبلتين.

الكثير من سيارات العرض الجديدة، التي تم الكشف عنها في جنيف موضوعة في قسم سيارات الاستخدامات الرياضية الصغيرة، وهو القطاع الذي يحوز على الأسواق الأكثر شعبية وربحاً، لأن الزبائن فيه عازمون على دفع الزيادة للوصول إلى مركز قيادة أعلى، وحضور أكبر على الطرق.

كما عملت شركات مثل بيجو وهيونداي وفولكسفاجن والموديل الكوري الجنوبي سانجيونغ على إطلاق ما تسميه "العبور" للأسواق الأصغر لسيارات الاستخدامات الرياضية في المعرض، الأمر الذي سيزيد من المنافسة في قطاع سيطرت عليه شركتا نيسان وجنرال موتورز، في الفترة الأخيرة في أوروبا.

عادة ما تجد السيارات قليلة الانبعاث والصديقة للبيئة مكاناً لها في جنيف، ولكنها كما حدث في معرض ديترويت، الذي أقيم في كانون الثاني (يناير)، فقد تمثلت بشكل ضعيف في نسخة عام 2014 وسط قلق من أن مبيعات السيارات الكهربائية لا تصل إلى المستويات المستهدفة.

كتبت مؤسسة إتش إس أوتوموتفز في مذكرة بحثية لها: "بعد الارتياح العام الذي عم الأسواق الأوروبية لخروجها من المستوى الأدنى وابتداء الصعود من جديد، شرعت الصناعة في معرض جنيف بتجميع قواها والتركيز على الحاجات الأساسية للمستهلكين، مثل السيارات العائلية وسيارات المدن الصغيرة".

( فايننشال تايمز 14/3/2014 )